بيشمركة كوردستان والطابور الخامس

جان كورد

تستخدم القوى المتحاربة قبل وأثناء اندلاع الحروب في العمل الدعائي التخريبي خلف خطوط العدو ما يسمى ب”الطابور الخامس”، الذي تكمن وظيفته في تشر المعلومات الخاطئة وبث روح الرعب والإحباط في نفوس الجيوش المقاتلة وتأليب المواطنين على القيادات العسكرية والقيام بكل ما يزيد الطرف الذي استخدمه قوةً وما يضعف الطرف الآخر… وهذا ما تقوم به كل الدول في الحروب على الرغم من أنه عمل لا أخلاقي قائم على الدس والكذب والافتراء ويؤدي أحياناً إلى كوارث عظيمة تؤدي بحياة الكثيرين إلى الخطر لأن الطابور الخامس يستطيع خلق حالةٍ من الذعر فعلاً في بعض الأحيان، وبخاصة عندما لا يكون المواطنون واعين وليست لهم تجارب في الحروب، وعندما لا يكون في أيادي القيادة السياسية والعسكرية إعلام جيد يستطيع إطلاع المواطنين باستمرار على مجريات الحرب وكيفية ردع وتفنيد الأكاذيب المضللة للعدو.
ولكن أن تتطوّع فئات من بين المواطنين لكي تصبح “طابور خامس” رخيص الأساليب ومبتذل فب خدمة العدو، فهذا قلما تجده سوى لدى الشعوب المتخلفة، ومنها مع الأسف شعبنا الكوردي. ولقد تأسس طابور كهذا بالفعل منذ قيام تنظيم “داعش” الإرهابي بالهجوم على شعبنا الكوردي في مناطق سنجار وزمار وعلى أطراف سد الموصل، ومع الأسف هناك إعلام وأحزاب وشخصيات ورجال “كورد” تحولوا بسرعةٍ فائقة إلى طابور خامس لداعش في كوردستان وخارجها، فإذا بصورٍ مركبة عن طريق الفوتوشوب وأخبار ملفقة تظهر في بعض وسائل الإعلام “الكوردية” وفي المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة في الفيس بووك، هدفها نشر الأكاذيب حول “هروب بيشمركه البارتي” والدعوة إلى مجيء بيشمركة اليكيتي وحزب البى كه كه لإنقاذ حزب “البارزاني” من هزيمةٍ ماحقة، ومعظم من ينسج هذه الدعاءات والافتراءات الكاذبة هم أناس معروفون وموالون لحزبٍ من أحزابنا، الذي لولاه – حسب هذه الأكاذيب – لهرب كل بيشمركه البارتي جنوباً صوب بغداد، والذي لولاه حسب ادعاءات هذا الطابور الخامس لما استطاع البارزاني دخول كركوك أصلاً، فتحري كركوك “إنجاز من إنجازات” هذا الحزب…
إنها ذات الآلة الإعلامية لنظام صدام حسين الذي كان يعمل على شطر الكورد إلى بارزاني وطالباني، بارتي ويكيتي، بهديناني وصوراني، ولدينا ما يكفي من الافتراءات المنشورة في الأيام الماضية، تبين إلى أي درجة سقط هؤلاء العاملون ك”طابور خامس” في أوحال الأعداء، في الوقت الذي يزعم حزب الاتحاد الديموقراطي أنه سيقاتل إلى جانب بيشمركه كوردستان، ولا يفرق في تصريحات زعمائه بين ما هو بارتي وما هو يكيتي، أما إذا كان هذا الحزب يؤيد ما ينشره أتباعه وأنصاره أو يغمض عينيه عما يبثونه من سموم في مواقع الانترنت والفيس بووك، فهو يتحوّل طوعاً أو كرهاً إلى حليف لداعش الذي لا يقاتله إلا لأته كوردي ولأن داعش يريد السيطرة على خيرات كوردستان، في جنوب كوردستان وغربها، ومن أجل القضاء المبرم على الشعب الكوردي بأكثريته وأقلياته المختلفة.

إن ما هو مطلوب اليوم وحدة الأمة الكوردية والترفّع عن الوقوع في حبائل اعداء الكورد وكوردستان وعدم التحوّل إلى طابور خامس لداعش رغم كل الخلافات بين الأحزاب السياسية الكوردستانية، وإلا فإن شعبنا سيخسر معركةً تلو الأخرى ولن يقف داعش عن هجومه إلا على مقبرةً كبرى اسمها “مقبرة الكورد وكوردستان.”، ونأمل ألا يتحول بعض الكورد بحكم ارتباطاتهم الحزبية إلى طابور خامس لداعش…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…