الإرهاب العابر للحدود

توفيق
عبد المجيد
   


 ألم
يحن الوقت بعد لمن لازالوا عاجزين عن تمييز الخيط الأبيض من الأسود ، أن يفكروا
بمسؤولية وعقلانية وجدية ، ليقرأوا أهم الحوادث وأكثرها خطورة على الأمن القومي
الكردي ، ويخرجوا من الدائرة السوداء أو الرمادية ، فيحللوا ويستنتجوا ويفككوا
عناصر المعادلة ويركبوها من جديد ، فلربما أوصلتهم هذه العمليات الرياضياتية
البسيطة إلى معادلة أو معادلات جديدة تنسف كل ما بنوا عليه طوال السبعة والخمسين
عاما ، وجاء الظرف المناسب ، ووجدت المناخات الموضوعية ، فيستشرفوا مستلزمات
المستقبل واستحقاقات المرحلة ؟
أما
آن الأوان بعد لأولئك اللامبالين والبعيدين كل البعد عن الواقع ، والمنفصلين عنه
تماماً أن يدركوا حجم الخطورة ، فيستنفروا كل ما أعدوه للمستقبل من رباط الخيل ،
بتفعيله وتأهيله استعداداً لساعة الصفر ؟ أم أنهم لازالوا يخدعون أنفسهم وشعبهم ؟
 
لقد
تجاوز الإرهاب العابر للحدود والدول كل التوقعات ، وانطلقت الغربان السوداء وأسراب
الجراد من بلاد العرب والإسلام لتقضم الأخضر واليابس ، وكل أعداء هذا الشعب
يغذّونه ، وغزاهم من دون سابق إنذار ، فهل سيستمرون في سياسة النعامة ، وتجاهل ما
يحدث ولماذا يحدث ؟ أعتقد ذلك ، لأن أدواتهم لازالت تلك الأدوات الخمسينية ، فقد
نسوا أو تناسوا ، أنهم دخلوا عصراً جديداً بتلك العقلية القديمة ، المعتمدة على
روابط العائلية ، ووشائج القربى ، والأفضليات المناطقية والعشائرية ، والتكتلات
المفضوحة ، المجردة عن الروح الرفاقية ، والبعيدة كل البعد عن المعايير الأخلاقية
، والتعامي عن الواقع المسكوت عنه حتى يقضي الله أمراً كان مسؤولاً ، وعندها
يبادرون إلى حلبة السباقات فيقابلون ويصرّحون وينطرّون ، ويتذاكون ، ويتعبقرون ،
ويتفاخرون بما أعدوه للمستقبل ، وهم لم يعدوا شيئاً أصلاً ، ولن يعدوا سوى
الانتقامات والمعايير الكثيرة لتضليل الرأي العام الكردي ،  ويضعون
اللوم بكل تأكيد على أطراف أخرى .
 
هل
لازال سياسيونا يراهنون على أن يلتقي النقيضان ، ويعملون ليل نهار لإيجاد المبررات
لتصرفات خطيرة وخطيرة جداً ، ولا يتجرأون على قول الحقيقة ؟
 بصراحة
تامة أقولها لهم : لم يعد شعبنا الكردي يعّول على مجلسكم الوطني الذي صنعته
وأوجدته هذه الظروف والمستجدات بعد انطلاقة ثورات الربيع العربي ، والمكبّل
والمقيّد بأنانياتكم ومصالحكم الشخصية ، والذي همه الأول وهدفه الأساس التناغم مع
مجلس غربي كردستان الذي وجد أصلاً لينهي دوره كمجلس ينضوي تحت مظلته معظم الأحزاب
الكردية التي كانت على الساحة والتي وجدت بعد ذلك ليكون لها نصيب من الكعكة ،
فتدخل المعادلة الاصطفافية لتغير جزءاً من المعادلة ، وترجح كفة الميزان لصالح حزب
أو رغبة شخص ، بعيدة كل البعد عن الهدف المحوري الجوهري والذي وجدت من أجله ،
وتصبح رقماً قابلاً للاستغلال ، والتبعية ، والدوران في فلك من توهموا أنفسهم أنهم
أقوياء ، ناسين أن الأخير هدفه الاستفراد بالساحة وهو يعتبر نفسه البديل بلا منازع
أو منافس ، ولن يسمح لهم ولمجلسهم أن يتجاوزوا أجنداته ، ليبقى مجلسهم المأمول
عاجزاً عن الفرز والتمييز واتخاذ القرار الصائب او القريب من الصائب ، والموقف
الجريء الذي يفتقده .
 
وأطلب
منهم كمواطن من هذا الشعب المنكوب المبتلي بهم وبمجلسهم العاطل والمعطّل ، وأمانته
العامة الكسيحة المستجدية ، الموقف الصريح والواضح من داعش الإرهابية وأذرعها
ومفرزاتها ومن صنعها ، ومن يصدرها عبر الحدود ، وليعلموا أن هذه المنظمات وتوابعها
ما هي إلا وسائل إيرانية عروبية إقليمية ، للإجهاز على مكتسبات الشعب الكردي
وتضييع حقوقه مرة أخرى ، وهو أقرب ما يكون الآن إلى نيلها أكثر من أي وقت مضى .
 

4/8/2014

 


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…