مرة أخرى ماذا يجري في العراق ؟

توفيق عبد المجيد

أحداث متسارعة على مدار الساعة ، وأطراف عديدة إقليمية  ودولية ناهيكم عن المؤثرات الداخلية بلاعبيها الكثيرين والفاعلين المتأثرين والمؤثرين تستقطب الجميع وتستحوذ على الاهتمام ، تجري على أرض العراق ، وكل يدلي بدلوه ويعبر عن رأيه أو رأي الجهة التي يمثلها  دولة كانت أم مؤسسة ليدرك حقيقة ما يجري ، وما الهدف مما يجري ؟ وما هي المآلات التي سيقف عندها الحدث العراقي ؟ ومن هم مهندسو العملية وعرابو الحدث العراقي الذي انتقل بسرعة غير متوقعة من مدينة الموصل إلى بلدان وبلدات عدة وما يزال ولو بوتيرة أخف ؟
هل سينتج عن تلك الإرهاصات وهذه المخاضات المتلاحقة مولود واحد أم توأم من المواليد أم أكثر ؟ هل سيبقى العراق كما عرفناه على المصورات الجغرافية كتلة غير قابلة للقسمة ولا تتجزأ ؟ أم إن الملف العراقي سيعاد النظر فيه نقضاً واستئنافاً لتوضع تلك الخارطة التي رسمتها المصالح من جديد على طاولة المختبر المستديرة ويحيط بها الرسامون وفي ذهن كل منهم صورة مسبقة لعراق جديد ينسجم ويتوافق ويلبي طموحات وتطلعات المكونات العديدة التي قبلت ذلك الواقع راضية أو مكرهة أو على مضض ، وجاء الظرف الموضوعي المناسب لتحدد من جديد نوعية وطبيعة العلاقة التي ستربطها من جديد مع المركز ، هل ستبقى دائرة حول المركز أم تبتعد عنه ؟
أولى النتائج ما أعلن عنه بالأمس 29حزيران 2014 عن قيام دولة الخلافة على رقعة تمتد من حلب حتى الموصل وكل منطقة نينوى لتتمدد الى محافظات عراقية أخرى في مقدمتها صلاح الدين وديالى ليصل الزحف في نهاية المطاف الى بغداد العاصمة .
لم يكن ما حصل في العراق مفاجأة غير متوقعة أبداً نتيجة للتراكمات الكثيرة التي خلفتها سياسة المالكي وأغضبت بالتالي كل المكونات ، لكن والحق يقال كان المكون السني هو الذي سدد معظم الفاتورة ، حيث وقع عليه العبء الأكبر من سياسات المالكي الإقصائية التهميشية , وأجبر على سلوك طريق اللاعودة إلى الماضي رافضاً كل العملية السياسية السابقة بعد تلك المستجدات العاصفة الصاعقة ، التي كانت محطة فاصلة بين عراقين ، عراق ما قبل أحداث الموصل ، وعراق ما بعدها ، والحلول السياسية يحب أن تنطلق من هذه المعادلة الجديدة ، وصار من غير الممكن الرجوع إلى الوراء بعد أن اختار المالكي الحل العسكري ورفض المطالب العادلة المشروعة لأبناء المحافظات السنية ، ولازال شبح التقسيم يفرض نفسه على المشهد العراقي كأحد السيناريوهات المحتملة للمعضلة العراقية .
أما المكون الكردي أكثر المكونات استقراراً وتنظيماً ، والمتمتع باستقلال يكاد يكون شبه تام عن المركز فالمطلوب منه حسب رأيي المتواضع أن ينأى بالنفس عن الانجرار إلى حرب طائفية أو الدخول في حرب مذهبية ساحتها أرض العراق ، وشخوصها ورجالاتها أناس طائفيون تأريون انتقاميون ، هذه الحرب التي لا ناقة له فيها ولا جمل ، وليس من مصلحته أن يكون جزءاً منها ، وقد أثبت قادة الإقليم أنهم بعيدون عنها ، لكن من حقهم ضم المناطق الكوردستانية خارج الإقليم إلى الحضن الكوردستاني والدفاع عنها وعن كردها بكل وسائل الدفاع الممكنة دون اعتداء على أحد إلا الدفاع عن الأرض وأصحابها الحقيقيين عندما تتعرض للاعتداء ، وهذا لا يعني انصراف الكورد عن الاهتمام بالوضع في العراق ، فهو يستخوذ على جل اهتمامهم  لأنهم جزء من العراق ويجب عليهم أن بكونوا كذلك جزءاً من الحل الذي يرضي جميغ المكونات .

30/6/2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…