لقد طفح الكيل فشعبنا يستحق أفضل من ذلك

صلاح بدرالدين

  فصلنا المنهجي منذ البداية بين قوى الثورة على الأرض من جهة وأطراف وجماعات المعارضة من الجهة الأخرى التي تواصل ظهورها بعد أشهر من اندلاع الثورة لايمنع التعاطي معها ومتابعتها وخاصة كل من (المجلس الوطني والائتلاف) ليس كممثل شرعي مخول ومنتخب من قوى الثورة بل كجهات ترفع شعارات معارضة النظام ومعتمدة من أطراف إقليمية ودولية وخاصة المانحة منها في وقت من الصعب بل المستحيل عليها التعامل المباشر مع من يواجه النظام في المناطق السورية المختلفة وفي خطوط النار خاصة وأنها لم تتفق بعد على قيادة موحدة إضافة الى انشغالها في مواجهة جماعات إرهابية ساهم النظام في صناعتها مثل – داعش والنصرة – تحديدا .
 واذا مااعتبرنا – الائتلاف المنبثق من المجلس – واجهة وقتية ولاتتمتع بالاجماع على شرعية التمثيل الوطني والثوري الا بنسبة اثنان في المائة وتتعامل معه الأطراف العربية الرسمية والدولية كجزء من ادارتها للأزمة السورية وليس حلها عبر دعم الثورة ونصرتها فلابد من تشخيص كل الأخطاء والخطايا والمطالبة بتصحيح الصورة لأن الشعب السوري يستحق تمثيلا أكثر رفعة ومدافعين عن قضيته أكثر وضوحا ونزاهة .

 منذ عدة أعوام والى جانب تضحيات الثوار في مواجهات غير متكافئة مع قوى وأدوات نظام الاستبداد فانهم يحملون هموما وهواجس إضافية تثقل الحمل على كواهلهم تتعاظم يوما بعد يوم مصدرها – المجلس والائتلاف – ليس من جهة المواقف السياسية والحزبوية المؤدلجة التي تتعارض معظم الأحيان مع أهداف وشعارات الثورة الأساسية فحسب بل لأسباب عديدة من أبرزها الولادة غير الطبيعية من حيث التمثيل الشعبي والمشاركة الوطنية – للمجلس الوطني – وسيطرة الاخوان المسلمين ودمغه بتوجهات الإسلام السياسي مما منح النظام ذريعة كان بانتظارها لتأليب الرأي العام العالمي ثم انبثاق – الائتلاف – على المنوال نفسه وترضية لتوافقات بين مراكز الدول المانحة من دون أي اعتبار لارادة الثوار .
  لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تابع السورييون مشاهد مقززة وتصرفات غير لائقة ولاحضارية من مسؤولي – الائتلاف – ورئيسه بالذات الى درجة استخدام الأيدي لحل الخلاف السياسي مع أكثر من شخص والتدخل الفظ بشؤون العسكريين من تشكيلات الجيش الحر بل التعامل معهم من عقلية – القائد العام – من دون انتخاب ورئاسة اجتماعات المجالس العسكرية ثم حلها واقالة رئاسة الأركان وتعيين آخرين وبالأخير عدم النجاح في تذليل إشكالية العلاقة بين – المعارضة – والثورة ثم التأرجح في موالاة هذه العاصمة وتلك لأسباب لاتتعلق بالموقف من الثورة إضافة الى الأداء الفاشل في التعاطي مع مسلسل – الجنيفات – من دون إعطاء صورة واضحة حتى الآن الى السوريين .
  ان ماحصل ضمن (اتحاد الديموقراطيين) مؤخرا من تصرفات مؤسسه ودوس على الأصول الديموقراطية وهو من المؤتلفين أيضا يندى لها الجبين وأصبح موضع تندر واستخفاف لدى قطاعات واسعة أما الواقعة الأخيرة بين (رئيسي الحكومة المؤقتة والائتلاف) فتعبير صارخ عن تردي كل المقاييس المعتادة والضوابط والالتزام بالصدق والصراحة التي طال ما يعتد بها الشعب السوري فرئيس ” الائتلاف ” اللاشرعي وغير المنتخب من قوى الثورة كان قد عين ” الحكومة المؤقتة ورئيسها ” ورئيس الحكومة اللاشرعي بدوره يقيل مجلس القيادة العسكري ورئيس ” الأركان ” اللذان عينهما رئيس ” الائتلاف ” بعد اقالة مجلس عسكري ورئيس أركان سابقين .
   أما الطامة الكبرى الأخيرة وليس (الآخرة) فتظهر من شكل ومضمون لقاء وزير خارجية أمريكا برئيس الائتلاف لدقائق واعتباره – الائتلاف – كأية جماعة أخرى من جماعات (الصحوات العشائرية) الموالية لحكومة المالكي والمزدهرة في العراق وكان كيري قال بعد لقائه الجربا في جدة أمس، إن «المعارضة السورية المعتدلة بإمكانها لعب دور مهم في صد (تنظيم) الدولة الإسلامية، ليس فقط في سورية وإنما في العراق أيضاً». وتابع أن «الجربا يمثل عشيرة تنتشر في العراق، وهو يعرف أشخاصاً هناك، كما أن وجهة نظره وكذلك وجهة نظر المعارضة المعتدلة ستكون مهمة للغاية للمضي قدماً» .
   فهل يمكن القول أن هؤلاء يعبرون عن ارادة شعبنا السوري العظيم ؟ وقد قلنا ونكرر أن السبيل لوقف المهزلة هو مبادرة من غالبية تشكيلات الجيش الحر بالتعاون مع الوطنيين الشرفاء الذين لم يتورطوا في لعبة – المعارضات – للتوصل الى قيادة طوارىء انقاذية مؤقتة سياسية – عسكرية مشتركة .
كلنا شركاء

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…