وكالة المالكي لصناعة الأزمات

مروان سليمان

أصبحت البلدان العربية فعلياً خارج السياسات الدولية لا ثقل لها و لا وزن بل أنها ذات سياسة ميتة، كما أصبح الضمير الرسمي العربي في إجازة مفتوحة مثله كمثل سياستهم الميتة و لكن مدفوعة الأجر، و في المقابل تتمدد إيران (الإسلامية) و حلفائها على حساب تلك الدول و مصالحها كالتدخل في سوريا بكل إمكاناتها و قوتها منذ أكثر من ثلاث سنوات و ها هي تعود من جديد لتكرار نفس الكذبة في العراق و تمهد الطريق لذلك من خلال الدفاع من المقدسات و المراقد و التي أصبحت وسيلة من وسائل التدخل السافر في شؤون الآخرين كما هو تشريع للقتل و طريقة جديدة للغزو و فرض السيطرة الإستعمارية على المنطقة، و لا بد هنا من التذكير بأن هذه أقرب طريقة و أحسن فرصة لها في إثارة النعرات الطائفية و جمع الطاقات للتجييش الطائفي و المذهبي كما حصلت مع دعوة المرجعية الدينية بتشكيل ميليشيات مهمتها القتل و الفتك و التهجير تحت عنوان الواجب المقدس و هذه أسهل طريقة لتعبئة الناس على أساس طائفي ديني بين العرب نتيجة الجهل و التخلف
 و هكذا تتفرخ منها ميليشيات طائفية مضادة على الجانب الآخر مثل داعش يقابلها عصائب أهل الحق……الخ مهمتها البطش و التنكيل و النهب و بث الرعب و الخوف في قلوب الناس و إجبارهم على الرحيل و الهجرة و التلاعب بالتركيبة السكانية الأصلية كما حصل في كل من سوريا و العراق أيام البعث المقبور في بناء المستوطنات العربية في المناطق الكردية حتى أصبحت كركوك الكردية من المناطق المتنازع عليها ما بين المركز و الأقليم.

لماذا تم التحرك في هذا التوقيت بالذات من قبل داعش التي إستطاعت أن تتحكم في مدن كبرى في العراق بهذه المدة القصيرة و إختفاء الجيش العراقي المسلح بجميع صنوف الأسلحة المتطورة و الفتاكة من ساحة المعركة و هذا يذكرنا كيف أخلت القوات السورية مدينة الرقة و سلمتها لداعش لتبني هناك إمارتها الظلامية المزعومة و لكن في العراق يختلف الوضع قليلاً و السبب يعود إلى قيام تحالف قوي و بمعارضة الجميع سواء من السنة و الكرد و الشيعة لتولي المالكي ولاية ثالثة و ثانياً نتيجة وجود حراك شعبي في مناطق السنة كالموصل و الأنبار تطالب بالإنصاف و العدل و محاربة الفساد و غياب التلاحم الوطني من قبل قيادات الجيش الطائفي و السبب الأهم هو فتح المجال لتهريب هذه الأسلحة التي تركها الجيش العراقي إلى سوريا من قبل الجماعات المسلحة لمحاربة الشعب السوري و تخفيف الضغط عن جيش بشار في المناطق الساخنة حتى تفتح له المجال في التقدم على جبهات مثل حلب و درعا، و هكذا خلق المالكي هذه الأزمة حتى ينفذ مخططه في دخول الباسيج الإيراني و حماية ولاية نوري المالكي القديمة الجديدة و تفريغ المنطقة الغربية من سكانها و ينشر في مدنها الخراب و الدمار كما يفعل حليفه بشار الأسد في سوريا و مدنها.
ليس للكرد أية مصلحة في تأجيج الصراع بل على العكس كان للكرد دور بارز في بناء العراق الجديد منذ بداية التحرير في 2003 و كان الكرد صمام أمان للعراقيين جميعاً، يستخدمون العقل و الحكمة في حل الخلافات، لم يفكروا أبداً في الإنتقام من الآخر بالرغم من الآلام الكبيرة و ما أكثرها من الأسلحة الكيماوية إلى الأنفال  و كان الكرد و على رأسهم الرئيس البارزاني دوماً يحذرون من هذه الحرب الطائفية  و لم يكن الكرد في يوم من الأيام ضد أحد بل كانوا ينظرون إلى العراق كدولة شراكة ما بين العرب و الكرد، و ليس من مصلحة الكرد الدخول في حرب طائفية على أساس مذهبي و لكن نظرة الكرد إلى العراق كانت نظرة مستقبلية لعراق فيدرالي ديمقراطي برلماني يشارك الجميع في إدارته الجديدة و لكن فشل القيادة السياسية في العراق و المتمثلة بنوري المالكي أدى إلى تأجيج الصراع الطائفي السني الشيعي و كان يريد كذلك من خلال ملحقه الشهرستاني تسعير حدة العداوة مابين الكرد و العرب من خلال التلاعب بعواطف الشعب العراقي سنة وشيعة في إلقاء الإتهامات جزافاً و العزف على الوتر الطائفي.
و الآن يريد المالكي أن يزج الجميع في أتون حرب طائفية مذهبية و عرقية من أجل أن يبقى هو يتحكم بمفاتيح اللعبة في العراق و بمساندة سيده الإيراني و الهدف منه هو تحقيق حلمه في الولاية و تواصل الدعم و المساندة ليبقى الأسد على رأس السلطة أيضاً في سوريا، و لا ننسى بأن الجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا و العراق جماعات من صنع المخابرات الإيرانية متدربة على الأراضي السورية و تقاتل الشعبين  العراقي و السوري في سبيل خدمة المصالح الإيرانية المذهبية.
19.06.2014
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…

خالد بهلوي   تُعَدّ العلاقات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، إذ تلعب دورًا جوهريًا في بناء شخصيته وتشكيل نظرته إلى الحياة. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، مما يجعل هذه العلاقات ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي. ورغم دورها الإيجابي، فإن للعلاقات الاجتماعية جوانب سلبية قد تؤثر على الأفراد والمجتمعات بطرق مختلفة. في سوريا، تتميز…

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…