الحل بالتقييم والتقويم

م. رشيد

مـع بدايـات الربيـع العربـي وهبـوب ريـاح التغييـر علـى المنطقـة، ووصولهـا إلى سوريـا، أصبـح إيجـاد مرجعة كوردية حاجة وضرورة، لتوحيد الصف والخطـاب الكورديين، واستغلال الظروف السانحة من المرحلـة المفصليـة الراهنة من تاريخ سوريا والمنطقة، لتأميـن حقوق الشعب الكوردي القوميـة والوطنيـة الديمقراطيـة (العادلـة والمشرعـة) من خلال تثبيـت حضـوره وتفعيـل دوره.

    وانطلاقـاً من الواجـب القومـي والوطنـي فقد ساهمنا مع نخبة من المثقفين الوطنيين الكورد من خلال الهيئة المستقلة للحوار الكوردي ـ الكوردي في تأسيس المجلس الوطني الكوردي، الذي عانينا الكثير من المصاعب والمتاعب في سبيل ذلك، و حسمنا خيارنا بمتابعة مسيرتنا ضمن المجلس بصدقٍ وتفانٍ وإخلاصٍ بالرغم من تعرضنا للانتقادات والضغوطات والإقصاءات …
بسبب مواقفنا وآرائنا التي توخينا الواقعية والموضوعية والحيادية عند إبدائها بجرأة وصراحة ووضوح ..، وذلك من خلال مداخلاتنا في اجتماعات المجلس الرسمية، ومحاضراتنا الجماهيرية، ومقالاتنا المنشورة في الصحافة الورقية والالكترونية ..، والتي لم تتوافق في كثير الأحيان مع رغبات وأمزجة  الكثيرين ومنهم ممثلي بعض الأحزاب، غير المقتنعين أصلاً بمشاركة المستقلين الفعالة والحقيقية في المجلس، بل يريدونهم حضوراً شكلياً، وأرقاماً مكمّلة ومجمّلة ومشرعنة لها، بغرض تفردها وفرض هيمنتها.
    ومن باب الحرص والغيرة على المجلس، والالتزام الأدبي والأخلاقي بما بدأت به، باعتباره عنوان قومي  معترف به إقليمياً ودولياً يعول عليه ويؤمل منه، فقد كنّا ومازلنا نؤكد على استمراريته وفاعليته واستقلاليته وسلمية نضاله، واتباع الديمقراطية التوافقية والمؤسساتية في هيئاته وفعالياته، ترسيخ الشراكة الحقيقية بين مكوناته, ونحذّر من تبعات التكتل والتخندق والاصطفاف داخله وانعكاساتها السلبية عليه، والانخراط في المحاور المتصارعة على الساحة، تجنباً لجر المعارك إلى المناطق الكوردية وزعزعة الأمن والاستقراروالسلام فيها.
    ولكن للأسف فالأنانيات والنزعات والخصومات والمصالح (الشخصية والحزبية)، إلى جانب الضغوطات والتدخلات من القوى المهتمة والمعنية بالمجلس..، جعلته مشلولاً معطلاً في بنائه وأدائه, وفاقداً لإرادته وقراره, وبطيئاً متعثراً في تنفيذ واجباته ومهامه, ومتجهاً نحو تفككه وانهياره ..
    لقد استمرينا في المجلس مع إدراكنا للأخطاء والسلبيات، وتلمسنا للأخطار والتحديات, وإلتزمنا بمقرراته وآلياته بالرغم من تحفظنا على بعضها بسبب مخالفتها لقناعاتنا وتوجهاتنا الشخصية, حتى لا نكون عاملاً إضافياً في إضعافه وسبباً مباشراً في انهياره، بل وجدنا من بقائنا في المجلس  مسؤولية وواجب, لا نبتغٍ  فيه مالاً ولا جاهاً ولا منصباً, بل سخرنا جلّ ما نملك من فكرٍ وجهدٍ ووقتٍ من أجل حمايته وتقويته وتطويره، ليكون ممثلاً حقيقياً لإرادة الشعب الكوردي وقائداً لنضالاته لتحقيق طموحاته وتطلعاته في العيش بحرية وكرامة وأمان كما تفرضه الشرائع السماوية, وتقرّه العهود والمواثيق الدولية.
    لقد عهدنا على أنفسنا (وتربّيناعليه) أن نكون جنوداً أوفياء لحركتنا التحررية الكوردية، نضحي بما نملك من أجل نصرة قضايا شعبنا الإنسانية والمصيرية, ونكون جزءاً من الحل وليس شريكاً في العطل والفشل ..
    وفي ظل تسارع الأحداث وتغير الأوضاع وتزايد التحديات..حيث الوقت ينفذ والوطن ينزف والقطاريمضي، ومازال المجلس يراوح مكانه (لقاءات ومشاورات ونقاشات وسجالات و..و..) ورصيده من الهيبة والشعبية والشرعية والفاعلية في تناقص ونضوب، لذا نناشدعقول وضمائرجميع المعنيين بأمره والقائمين عليه والراعين له، بالتسامي فوق الخلافات الهامشية والأجندات الخاصة والقضايا الهامشية والمسائل الشكلية..، والارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية (القومية والوطنية)، والسعي الجاد والحثيث لتوفير أجواء من الثقة والتوافق والانسجام بين مكوناته والمكاشفة والمصارحة في مناقشة آليات ومعايير انعقاد مؤتمره الثالث في أقرب وقت ممكن، لتقويمه وتحسين أدائه وتفعيل دوره وتنفيذ مهامه المطلوبة وتحقيق أهدافه المنشودة.
    —————————   انتهت  ————————

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…