لماذا حشود النازحين أمام سفارة النظام في بيروت ؟

صلاح بدرالدين

للوهلة الأولى بدى مشهد جموع قيل أنهم من النازحين السوريين في لبنان أمام سفارة النظام في منطقة الحازمية جاؤوا ليبايعوا الطاغية أمرا مثيرا للدهشة والارتياب لسبب بسيط وهو أن كل السوريين الذين تركوا أراضيهم وديارهم وفي أية بقعة من الكرة الأرضية ومن ضمنها لبنان كانوا من ضحايا الاستبداد والتدمير الممنهج والتطهير المذهبي والقصف والبراميل المتفجرة فهل من المنطقي أن يكافىء الضحايا جلادهم بسهولة وبارادتهم الحرة ؟
      حتى الآن أميط اللثام عن بعض الجوانب المخفية من اللعبة وليس كلها وهي أن حزب الله وقوى الثامن من آذار والسفارة الإيرانية ببيروت إضافة الى الأجهزة الأمنية السورية المتغلغلة هناك وشبيحتها المنتشرة في الأراضي اللبنانية هم من قاموا بتدبير وعرض تلك المشاهد التلفزيونية عبر ممارسة الضغوط والتهديدات على أعداد من النازحين المغلوبين على أمرهم وخاصة من الساكنين بالأجرة في بعض المناطق من جهة وحشد أنصارهم ومؤيديهم ليختلطوا بمجموعات صغيرة من النازحين من الجهة الأخرى وحتى لو صحت تلك المشاهد فانها لاتشكل الا نسبة متواضعة جدا من الأعداد الهائلة لمئات الآلاف من مواطنينا النازحين الى لبنان الشقيق في حين أن شخصا واحدا كثير على رقبة طاغية دمشق .

      نحن نقدر تلك الغيرة الأخوية لأصدقاء شعبنا وثورتنا وخاصة من جانب قوى الثامن من آذار الى درجة مطالبة بعضهم بطرد من حضر الى السفارة من النازحين السوريين وفي حين نتفق معهم على أنه لامهادنة مع نظام الاستبداد وأن أية مساومة معه فردية أو جماعية من الجرائم الكبرى بحق شعبنا ونحن اذ نوافقهم الرأي على تشخيص الأسباب الداخلية اللبنانية القريبة منها والبعيدة التي أدت الى ذلك المشهد المؤلم الذي تاجر به اعلام النظام فاننا كسوريين حريصين على شعبنا وثورتنا علينا مكاشفة الأصدقاء والقريب والبعيد عن سبب جوهري داخلي آخر لم يشأ الأصدقاء الإشارة اليه من منطلق الحرص وعدم التدخل بأمورنا الداخلية قد يقود ( ان لم نتداركه بالسرعة الممكنة ) ليس الى مثل تلك الظواهر النشاز فحسب بل الى أكثر من ذلك .

    ليس بخاف على شعبنا وأصدقائنا أن الثورة تعاني من أزمة مزدوجة : من جانب الإخفاق في إعادة هيكلة الجيش الحر وقوى الثورة الأخرى والفشل حتى اللحظة في إعادة تشكيل قيادة سياسية – عسكرية مشتركة جديدة اعتمادا على الوسائل الديموقراطية ومن جانب آخر انحراف – المعارضات – عن نهج الثورة وخاصة – الائتلاف – اللاديموقراطي وغير المعبر عن المكونات الوطنية الذي يمضي في غيه بالادعاء الزائف بتمثيل الثورة والتحدث باسمها من دون القيام بأدنى الواجبات الوطنية والإنسانية والاغاثية وعدم التواصل مع جموع النازحين في مختلف البلدان أو الدفاع عن حقوقهم وتقديم المساعدات لهم رغم أن قيادة الائتلاف استلمت مبالغ طائلة باسم فقراء شعبنا وثواره ونازحيه القسم الأكبر منه لم يخضع للشفافية اللازمة وترك أهلنا  فريسة لأجهزة النظام وشبيحته كل تلك الجوانب يشكل السبب الجوهري في تغذية خيبات الأمل لدى معظم الوطنيين السوريين ومن ضمنهم النازحون في الجوار والشتات ومخيمات اللجوء التي لم تطأها أقدام قيادة – الائتلاف – وفقدان الثقة من – المعارضات – رغم كل المحاولات والمناشدات ومشاريع البدائل عبر المؤتمرات واللقاءات ومن تحصيل حاصل وفي ظل هذه الظروف بروز تلك المشاهد والظواهر المقززة الآن في لبنان وغدا في أماكن ومواقع أخرى .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…