كرد سوريا والصحوة المرتقبة (4)

صلاح بدرالدين
 
ازاء استمرار جماعات – ب ك ك – السورية ومنذ ثلاثة أعوام في خدمة مشروع نظام الاستبداد ضد الثورة السورية ومن ضمنها عملية تطويع الساحة الكردية بقوة السلاح وانتهاج وسائل الترهيب والتصفيات والخطف والقمع ضد نشطاء الحراك الثوري الكردي وخاصة الشبابي وحركات المجتمع المدني وآخرها اعتقال وترحيل عدد من منتسبي (الحزب الديموقراطي الكردستاني – س) الى خارج البلاد على الطريقة الاسرائلية تماما كنا قد نشرنا في حلقتين سابقتين بالعنوان أعلاه ذاته وأشرنا فيهما الى مخاطر نجاحات النظام في استخدام تلك الجماعات المافياوية الخادمة مقابل المال لمختلف الأنظمة المقسمة للشعب الكردي كمخالب وأدوات في محاولة تخريب الساحة الكردية السورية
والاساءة الى الثوابت او المبادىء وتبديل المفاهيم الوطنية الأصيلة ازاء المصير الواحد بين الكرد والعرب وسائر المكونات وتجاه ثورة الحرية والكرامة التي تعبر عن طموحات الكرد ومصالحهم الآنية والمستقبيلية واثارة الفتن والشقاق وصولا الى مواجهات الاحتراب في قادم الأيام كوسيلة وذريعة لاستقدام جحافل السلطة وأسلحتها المدمرة وبراميلها المتفجرة لنصرة تلك الجماعات المغامرة عندما تضيق بها السبل وتثور بوجهها الجماهير الكردية الثائرة الغاضبة .
 كما أكدنا فيهما على تشابه وتماثل المهام الراهنة على الجانبين الوطني العام والكردي الخاص بخصوص اعادة هيكلة قوى الثورة وتشكيلات الجيش الحر والحراك الثوري الشبابي والعام في مختلف المناطق ومن ضمنها المناطق الكردية المحتلة من طرفي السلطة الرسمية وسلطة الأمر الواقع لجماعات – ب ك ك – على قاعدة اعادة التموضع الهيكلي للقوى الشبابية والتيارات الحية التي قادت المظاهرات الاحتجاجية السلمية قبل ظهور هجمات قطعان الأحزاب الكردية الموالية للسلطة أو المحايدة وذلك عبر برامج سياسية حاسمة وواضحة وطرق شرعية في أطر المؤتمرات الشعبية وبالوسائل الديموقراطية الحرة .
  كما أشرنا الى ظهور وتنامي نواة اصطفافية واعدة على المستوى الشعبي العام من الأغلبية الصامتة والفئات الوطنية المثقفة والمدنية والبعض من قواعد وأنصار الأحزاب التي ستؤسس في تحركها جملة من المشتركات التي تقود بدورها الى بلورة الكتلة التاريخية الفاعلة على شكل التحالف الأوسع والبرنامج القومي – الوطني الناجز لمواجهة التحديات الماثلة ومصادرها وأدواتها من سلطة نظام الاستبداد وامتداداتها التنظيمية والعسكرية والأمنية وشبيحتها المسلحة وكل مظاهر الارهاب السائدة في المناطق الكردية وصولا الى اعادة ترميم العلاقة العضوية مع قوى الثورة على مستوى الوطن وخاصة مراكز وتشكيلات الجيش الحر .
  كما حذرنا فيها من محاولات استباقية من جانب النظام وسلطة الأمر الواقع عبر تنظيمات حزبية كردية مرتبطة بهما ومجموعات وأفراد للتحرك وفق شعارات تدعو الى التصالح والتوافق بين الاخوة أي الرضوخ لما هو سائد من حيث الجوهر لقطع الطريق على ردود الفعل الشعبية المتوقعة أو افراغها من محتواها النضالي .
  واذا اعتبرنا العلاقة الأخوية مع اقليم كردستان العراق شعبا ورئاسة وحكومة حجر الزاوية حاضرا ومستقبلا في المشروع القومي – الوطني للشعب الكردي السوري فان التطورات اللاحقة دفعت الأشقاء – كما نأمل ونتوقع – الى اعادة النظر في بعض الرؤا والتعاملات الخاطئة والعودة الى تفهم متطلبات الحالة الكردية السورية الراهنة الأحوج ماتكون الى أوسع تحالف جبهوي نواته الشباب والحراك الثوري الشعبي العام ( وهم مفجروا الانتفاضة في المناطق الكردية ) ومنظمات المجتمع المدني والمثقفون الملتزمون بأهداف الثورة والمستقلون ( وهم جميعا الأكثرية الوطنية الصامتة ) مضافا اليهم قطاعا من أنصار الأحزاب ونشطائها كما أفهمتهم الأحداث القريبة أكثر أن نظام الأسد البعثي الفئوي هو العدو الرئيسي ليس للكرد السوريين فحسب بل لجميع أكراد المنطقة والعالم وقضيتهم المشروعة .
 اذا كانت جماعات – ب ك ك – المسلحة المدعومة من النظام تستقوي اليوم على كرد سوريا وتمارس بحقهم التصفيات والارهاب والقمع والمنع وانتهاك الحريات وأخيرا اعتقال وترحيل أعضاء ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ) فان تاريخها القريب والبعيد مليء بالذل والخنوع أمام الآخرين فكانت بمثابة الخدم لدى حافظ الاسد وأخيه جميل وابنه بشار والذليل أمام نظام ايران والمطاع أمام الجنرال قاسم سليماني والممتثل لتعليمات المالكي ومن قبله نظام صدام حسين والآن فانها ملتزمة بالصفقة المبرمة بين زعيمها وبين أردوغان التي تنازلت بموجبها عن كل شعاراتها القومية السابقة التي دفعت من أجلها دماء آلاف الشباب الكرد السوريين ودمرت عائلاتهم قربانا لألاعيبها وصفقاتها المشبوهة فهل سيمر كل ذلك من دون عقاب ؟ .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…