جلال مرعي
في تاريخ الأمم أدلة أثبتت بأن الشعوب التي لا تحتال للأمر قبل الوقوع فيها تدفع ثمناً غالياً , ليلمس حياته وكرامتة وأرضه وعِرضه.. والأمثلة لا ينضب معينها , نتحدث عن شعوب استسلمت للدعة و ركنت إلى الراحة فداستها عجلة التاريخ وطواها الزمن و غدت كعكة مقسمةً بين ايدي الناهبين ولقمة سائغة في فم الأقوياء و المتسلطين , إن المّتبع لمجريات و تطورات أحداث الثورة السورية يدرك بوضوح أن الصراع اليوم يشتد و يزداد أوزاره, فلم يعد خافياً على احد بإن مسألة الحسم العسكري من كلا طرفي الصراع أضحى محالاً نتيجة تحكم الماسونيات العالمية والقوى الاقليمية بها ورغبتهم في ترجيح التوازن في الحرب الدائرة بينهما ,
فالنظام السوري لا يحرك ساكناً إلا بوحي من النظام الايراني والروسي و يتحدى شعبه المحبط والمجتمعين العربي و الدولي , أما المعارضة الخارجية فتتصارع لصالح الدول الثلاث (السعودية_ قطر_ تركيا) , وينفرد الأخوان المسلمين بأي قرار يصدر عن الائتلاف أما المعارضة الداخلية فتتكل على الإبراهيمي أكثر من اعتمادها على خالق ما.
وهي مخترقة ومشتتة ولا تملك مصداقية الشعب السوري ولا تعرف ماذا تريد , فماذا ننتظر نحن الكرد؟؟ فالحلول المتأخرة تتجاوز مآسي الماضي و ليس عاراً أن يهب شعبٌ سلبت حرية واهانت كرامته وهضمت حقوقه في الحياة ليسترد الحق المهضوم و الحرية السليبة ويأخذ العبر ويسير على خطى الشعب الكردي في العراق و يستفيد من تجربته , وكيف كانت الخلافات تنشب بين الفريقين الكرديين المقسمين إلا أنه وعندما تعلق الأمر بمصير شعبهم ووطنهم و سنحت لهم الفرصة المناسبة خرج الفريقان من الدائرة الحزبية المقيتة و عملوا معاً لتحقيق آمال الشعب في الحرية و المصير و نالوا من المكتسبات ما نراه اليوم وكيف تحول العدو الى صديق عندما لمح طراوة النعمة و آثار الخير و الثروة المتدفقة من الاقليم.. إذا فإن الشعب الكردي في سورية أيضا يملك من الإمكانيات لتحقيق مكتسبات مشابه عندما يبتعد الجميع ودون الانزلاق في التهجم و الاتهام و التخوين وعدم النظر الى الامور المصيرية من زاوية الأنا الضيقة و الحزبية المقيتة لأن الحزب حين يعمل فإنه يعمل في خدمة الدائرة الضيقة حتى لو تعارض ذلك مع المصالح الكبرى…. إن التعاطي السليم مع القضية الكردية في سوريا اليوم تكمن في إبعاد المتخلفين والجهلة من أن يحددوا مصير أبنائهم ويوحدوا جهودهم ويفسحوا المجال لكاريزمات كردية بامتيازات خارقة وقادرة على السباق في مضمار السياسة الدولية و أتخاذ مواقف حاسمة و حازمة و تقديم رؤية سياسية واستراتيجية واضحة من حيثيات القضية الكردية و مفرداتها ورسم تحالفات كردستان سوريا المستقبلي في محيطها الدولي بما يخدم مصلحة الوطن و الشعب و القفز على الأهداف فمن الواضح بإن المنطقة الكردية أرضاً و شعباً تملك من المقومات التي يمكن من خلالها جذب مراكز القوى وصناع القرار والحلفاء والأصدقاء ليدعموا الحقوق الكردية والشعب الكردي في تقرير مصيره ومن خلال كسب التأييد و الرأي العالمي و الدولي و بدوره تسليح أبناءه بالنهضة العلمية و التكنولوجية وزرع الجميع في تربة صالحة ليثمر غداً مستقبلا للبلاد يكون فيه المواطن “العدل, الابداع, الحرية” وبث روح المحبة و السلام و قبول الاخر بدل الكراهية و الخوف و رفض الأخر و أخيراً فإن المصائب هي محك لمعدن الشعوب والأمم وامتحان لصلابتها وتزيدها قوة و مضاء ولا تغتنم الفرص إلا في جو المصائب و الأزمات و خير الشعوب اقدرها على مجابهة النوازل و طوبي لمن يستطيع تصريف أموره بالحكمة و التعقل و التخلص من الأزمات و المآزق التي تحشره..