كرد سوريا والصحوة المرتقبة

صلاح بدرالدين

 
 

 من حق
نظام الاستبداد التبجح بتحقيق الجزء الأكبر من مخططه تجاه الحالة الكردية السورية
ضمن السياق العام لسياسته ( الأقلياتية ) العامة تجاه المكونات الوطنية وذلك ليس
بتحييد الدور الكردي في مجمل الصراع الدائر منذ أكثر من ثلاثة أعوام فحسب بل باستخدام
بعض الكرد في خدمة مشروعه  التدميري ضد
الشعب السوري ومحاولة خنق تطلعاته المشروعة في انتزاع الحرية في حين كان موقع
الكرد الطبيعي بحكم معاناتهم التاريخية الى جانب قوى الثورة والتحرر والتغيير
واعتبار الدكتاتورية والاستبداد وخاصة في الحقبة – البعثية – الأسدية سبب اضطهادهم
وحرمانهم من الحقوق القومية والديموقراطية مما يعتبر المساهمة في اسقاطه واجب قومي
قبل أن يكون وطنيا .

لاشك أن النظام وأجهزته ومنذ البداية استخدم
سلاحا تكتيكيا ظهرت فاعليته لتقويض أي تطلع كردي مناهض لمشروعه وذلك باعتبار
الأحزاب الكردية وحدها كمرجعية تقرر مصائر الكرد السوريين وتجاهل بل اسكات
ومحاربة  أية أصوات أخرى ان كان من
تنسيقيات الشباب أو حراكهم الثوري العام أو من مجاميع الوطنيين المستقلين والفئات
والشخصيات المناضلة من النساء والرجال الذين واكبوا الثورة وشاركوا بنشاط في
الفعاليات السلمية الاحتجاجية في مختلف المناطق الكردية وبكل أسف انطلى التكتيك
هذا على الأشقاء في العمق الكردستاني في حين وباعتبارهم أقرب الى تطورات الحركة السياسية
الكردية السورية وأكثر الماما واطلاعا كان عليهم تحاشي الوقوع في الخطأ التاريخي
الذي جلب لهم المتاعب قبل غيرهم عندما تعاملوا مع ذلك الكم الهائل من – القيادات –
الحزبية الفاشلة الهاربة من سوح النضال والفاقدة للشرعيتين القومية والثورية
وتنصيبها ممثلا شرعيا – وأكثر الأحيان – وحيدا للشعب الكردي في سوريا .
 

 وقد حذت
– المعارضات – وهي أساسا من الأحزاب التقليدية بمافيها البعث وتحمل نفس العقلية
البالية وتضم كل الفاشلين في الحياة السياسية والكثير من المتسلقين النفعيين حذو
النظام والجوار الكردستاني في التعاطي مع الأحزاب الكردية وليس مع الشعب الكردي
وغالبيته الساحقة وشبابه الثائر ومنظمات مجتمعه المدني ومناضليه فقد انجذبت جماعات
ب ك ك منذ البداية الى صفوف – هيئة التنسيق – والتحقت أحزاب – المجلس الكردي – الى
المجلس السوري ومؤخرا الى – الائتلاف – باعتبارهم ممثلي الكرد الشرعيين تماما مثل
تمثيلهم الشرعي الوحيد للشعب السوري !!؟؟ .

 

 أمام
هذا المشهد القاتم السواد والمؤلم حقا في الساحة الكردية السورية والذي يظهر مدى
عمق الأزمة وتفاقمها الأقرب الى الكارثة مازال هناك بصيص أمل لإنقاذ الوضع خاصة
عند متابعة تطلعات وطموحات الكتلة التاريخية الكردية الأكبر من الأكثرية الوطنية
الصامتة التي تبدي عدم رضاها عن الواقع الراهن المصطنع ورفضها لهيمنة أطراف (
الأمر الواقع ) على الصعيدين العملي والنظري من قوى مسلحة وسلطات وجماعات وأحزابا وتمثيلات
لاشرعية .
 
  لاشك
أن الحالة الكردية الخاصة لاتنفصل عن الوضع الوطني العام ومثلما يحتاج الشأن
الوطني الى المزيد من المثابرة والنضال والتضحيات لتقويم اعوجاج – المعارضات –
وإعادة هيكلة قوى الثورة والجيش الحر والتمثيل السياسي فان الحالة الكردية أحوج
مايكون الى بلورة برنامج الإنقاذ ( القومي والوطني ) والعمل على إيجاد البديل
لملىء الفراغ وإعادة احياء الدور الوطني الكردي في الثورة وكل القضية السورية
والعمل الجاد من أجل تصحيح المسار القومي الكردستاني بل تفعيله لمصلحة جميع
الأطراف عبر المصارحة انطلاقا من مفهوم التعاون والتنسيق وليس التبعية ومن الحفاظ
على الشخصية الوطنية الكردية السورية على قاعدة الوفاء لنهج البارزاني الخالد
والحفاظ على علاقات الاخوة والصداقة مع الإقليم الكردستاني العراقي شعبا ورئاسة
وحكومة .
 
  مهام
صياغة البرنامج البديل والانتقال الى بناء الحركة البديلة والتفاعل الإيجابي مع
البعدين الوطني السوري والقومي الكردستاني بدرجة ثانية وطرح الواقع الراهن بنظرة
نقدية ومناقشة المواقف للخروج بوثائق تنير طريق المستقبل هي بانتظار ثمرات عقول
نشطائنا في الممارسة والفكر والثقافة والسياسة .
 
 تعالوا
لنبدأ فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…