حزب الاتحاد الديموقراطي واجتياز الخط الأحمر

 

جان كورد

تقول المادة الثالثة من القانون الصادر في 17/4/2011 لتنظيم عمل الاحزاب السياسية في ظل الكانتونات التي شكلها حزب الاتحاد الديموقراطي: “تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب والسلم الاجتماعي والأمة الديمقراطية والحفاظ على مكاسب الشعب. وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تنظيم المواطنين وتمثيلهم سياسيا.”
أنا شخصياً لا أعترف بهذه الكانتونات التي جاءت ترضيةً لسياسات لا علاقة لها بالشعب الكوردي لا من قريبٍ ولا من بعيد، بل أراها مؤامرةً أخرى من المؤامرات على شعبنا وقضيته القومية،

 ولذلك لم أتعرّض في مقالاتي حتى الآن إلى فحوى ما يصدر من هذه الإدارات المشبوهة من قراراتٍ وبياناتٍ و بيانات، ولا أجد نفسي ملزماً بقبول واقعٍ لا أعترف به ولا يتناسب وحقيقة وجود شعبي الكوردي مهما كان شديد الوطأة، مثلما لم أعترف بسلطة حزب البعث العنصري التي أنكرت وجود شعبي عقوداً طويلة من الزمن، وطالما لم يتم إنشاء هذه الكيانات (وهي هزيلة حقا) من قبل الشعب الكوردي عن طريق ممارسته لحقه في تقرير مصيره أولاً حسب القانون الدولي في هذا المجال وعبر انتخابات ديموقراطية نزيهة تحت مراقبة منظمات دولية مشهودٍ لها بالإشراف والتقييم.

ولكن يبدو أن واضعي قانون الأحزاب السياسية في هذه الكانتونات قد خرقوا كل حدود المنطق والعقل والواقعية، ففي الوقت الذي يطالبون الأحزاب الكوردية “السورية” وغير “السورية” للقتال معهم ضد حركة داعش وسواها من المنظمات الإرهابية المشكوك بأمرها، من حيث العلاقة السرية مع النظام، فإن هؤلاء يستمرون بوضع هذه المادة في مشروعهم “القانوني” في انكار الوجود القومي الطبيعي والواقعي لشعبنا في غرب كوردستان، ولا يتركون أي مجال لمساهمةٍ فعلية من قبل هذه الأحزاب الكوردية في بناء أي إدارةٍ، فيستخدمون مصطلح “الأمة الديموقراطية” عوضاً عن “الشعب الكوردي”، وهذا تجاوز للخط الأحمر، ليس من وجهة نظرنا كناشطين مستقلين فحسب، بل من  وجهة نظر سائر الأحزاب الوطنية الكوردية التي على عاتقها تقع مهمة فضح هذا التجاوز الخطير والوقوف بقوة ووحدة في وجه سياسة القائمين على هذه الإدارات الكارتونية، لا محاولة التودد إليها أو الانزلاق إلى شباكها التهديمية الناكرة لوجودنا، هذه السياسة التي تدفعنا إلى التصريح بصوتٍ عالٍ بشكوكنا حول هذا المخطط الإنكاري الكبير للوجود القومي لشعبنا.
إنكم يا أصحاب هذه الكانتونات الكارتونية باستخدام مصطلح “الوطن” تعنون بالتأكيد “سوريا”، وسوريا غير “كوردستان” التي هي “وطن الكورد” كما هو معروف في سائر أنحاء المعمورة، فلماذا لا يتم التوضيح هنا؟ وإن كان “الوطن” سوريا، فلماذا أرسلتم لعقدين من الزمن عشرات الألوف من شباب الكورد السوريين ليقاتلوا خارجها ضد تركيا أولاً ثم ضد إخوتكم الكورد في جنوب كوردستان ثانياً؟ وإن لم تكن لكم علاقة بكل ذلك، فلماذا لا تعلنون تبرئتكم عن الذين قاموا بذلك؟ وأعني حزب العمال الكوردستاني بالذات، بل إنكم لستم سوى متنفذين لما يتوصل إليه قادة هذا الحزب مع قيادات إيران وسوريا والعراق إلى اتفاقات، لا أكثر ولا أقل… وفي حال استدعاء أي واحدٍ منكم إلى قنديل التي هي خارج الوطن السوري وبعيدة عن مركز إدارتكم في مدينة عاموده، فلن يتجرأ على رفض الذهاب والخروج على الطاعة، لأنكم من صنع قنديل…

لذا، فإن من واجب حركتنا الوطنية الكوردية، وأخص هنا أولئك الذين انجرفوا مع تيار “الكلاشينكوف” الداخل مع الأسف في خدمة أصحاب المشاريع المعادية لشعبنا، أولئك الذين كانوا يعتبرون أنفسهم حماةً للقضية القومية الكوردية  وكوردستانيين وثوريين و”يساريين” أن يكفوا عن تسميم شعبنا بهذه السياسة الخرقاء التي هدفها ليس تقطيع أوصال قضيتها فحسب، بل تفتيتها وتذويبها وصهرها في طنجرة “الأمة الديموقراطية” ذات الأهداف الخطيرة كما كانت الدعوة سابقاً إلى “الأممية البروليتارية” الفاشلة، وكل ذلك من أجل إبعاد كتلٍ  واسعة من شعبنا عن المشاركة الفعالة في كفاح حركتنا الوطنية الكوردية من أجل الحرية والديموقراطية على أساسٍ ثابتٍ وواضحٍ من العلاقات الأخوية بين هذه الحركة والمعارضة الوطنية  والديموقراطية السورية، وعلى أساس الاعتراف التام والصريح بوجود الشعب الكوردي وحقه، حيث أن الأوضاع السورية تتطلب إيجاد حلٍ صحيح وعملي وواقعي يحقق الاتحاد الاختياري لمكوناته القومية والدينية، دون استثناء، وهو الاتحاد القائم على فكرة الإدارة اللامركزية المطبقة في العديد من بلدان العالم المتحضر.      

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…