لقمان شرف
في رواية ” طار فوق عش الوقواق ” , تصور الكاتبة حالة الشعوب في الدول الشمولية و الشيوعية ما بعد الشمولية – حسب تسمية فاكلاف هافيل – , من خلال مجموعة من السجناء في مصحة تتحكم بهم ممرضة مستبدة ظالمة . يسعى أحد المتعاطفين الى طريق لخلاصهم من المعاناة , لكنه يتفاجأ برفضهم المطلق الخروج الى الحرية فينصدم القاريء في النهاية ليكتشف أن هؤلاء المعذبين يخشون من الحرية و يعيشون في السجن بمليء ارادتهم لنتلقف المغزى الذي أرادت الكاتبة ايصالها الينا : ” النظم الشمولية تتحكم بالتفاصيل الدقيقة لحياة الناس من خلال التدخل بخصوصياتهم الدينية و الاجتماعية و غيرها لتلون المجتمع بلونه و تجعله عصياً على الاصلاح و التغيير . “
أبدع النظام السوري على مدى عقود من السنين في تطبيق الاستبداد الشمولي باحتكاره كل أدوات القمع و القهر و المال و وسائل الاعلام كافة بحيث باتت الدولة في نهاية المطاف شبيهة بمزرعة خاصة يتحكم بها كيفما يشاء . ليس هذا فحسب , بل عمل على تكوين الانسان وفقا لما يريد و ذلك بالتحكم بالنظام التربوي الذي يرافق الطفل من الصفوف الأولى و حتى سنين الجامعة ليمر هذا الكائن بما يشبه الانبوب في بدايته ” طليعة البعث ” في المرحلة الابتدائية و في وسطه ” شبيبة الثورة ” في المرحلة الاعدادية و في نهايته ” اتحاد الطلبة ” في مرحلة الجامعة حتى يتخرج و يخرج من المسار الذي رسمتها له مراكز ابحاث البعث و دوائر المخابرات تلامذة ستالين و شاوشيسكو وقد تشبع بالأفكار الرجعية و التخلف و الانتهازية فغدا بذلك كائنا مسلوب الارادة لا يرى الا لونا واحدا في الحياة , لا يفهم معنى للانسانية و الحرية و الحوار و الرأى الاخر , يرى ما يؤمن به مطلقا والاخرين خونة و كفاراً . تماماً كما خططت له دوائر الاستخبارات و مراكز القرار السلطوي .
أصابت العدوى المريضة كبد الكورد في سوريا بعد فشل الرعيل الأول ( د. نور الدين زازا و رفاقه ) بسبب البنية العشائرية و الفكرية التي حكمت الكورد حينها و لأسباب أخرى لا داعي لذكرها هنا . و بات الشعب الكوردي في سوريا عرضة لثقافة الاستبداد بلا غطاء معرفي يحصنهم ضد ثقافة البعث و باتت الحركة الكوردية تحذو حذوهم و تقلدهم في كل صغيرة و كبيرة بحيث أصبحت الشخصية الكوردية في سوريا مستنسخة انهزامية انفصامية عدوة لنفسها دون وعي و ادراك و ذلك لبلوغها مرحلة فقدان الشعور بالمشكلة , بعكس الحركة الكوردية في كوردستان العراق على سبيل المثال التي عملت على انقاذ جزء من المجتمع الكوردي و ذلك وفق استراتيجية اعلامية موضموعية و بفتح دورات تأهيلية للكوادر الذين تحلوا بميزات و صفات كوردية خالصة ( البارزانيين نموذجاً ) عملوا على التمسك بالكوردايه تي رغم قلتهم , فقد كان يقابل كل عنصر بيشمركة واحد في كوردستان العراق عشرة من الجحوش , لكنهم باتوا النخبة التي غيرت الأوضاع رأساً على عقب فيما بعد حين توفرت الظروف .
أصابت العدوى المريضة كبد الكورد في سوريا بعد فشل الرعيل الأول ( د. نور الدين زازا و رفاقه ) بسبب البنية العشائرية و الفكرية التي حكمت الكورد حينها و لأسباب أخرى لا داعي لذكرها هنا . و بات الشعب الكوردي في سوريا عرضة لثقافة الاستبداد بلا غطاء معرفي يحصنهم ضد ثقافة البعث و باتت الحركة الكوردية تحذو حذوهم و تقلدهم في كل صغيرة و كبيرة بحيث أصبحت الشخصية الكوردية في سوريا مستنسخة انهزامية انفصامية عدوة لنفسها دون وعي و ادراك و ذلك لبلوغها مرحلة فقدان الشعور بالمشكلة , بعكس الحركة الكوردية في كوردستان العراق على سبيل المثال التي عملت على انقاذ جزء من المجتمع الكوردي و ذلك وفق استراتيجية اعلامية موضموعية و بفتح دورات تأهيلية للكوادر الذين تحلوا بميزات و صفات كوردية خالصة ( البارزانيين نموذجاً ) عملوا على التمسك بالكوردايه تي رغم قلتهم , فقد كان يقابل كل عنصر بيشمركة واحد في كوردستان العراق عشرة من الجحوش , لكنهم باتوا النخبة التي غيرت الأوضاع رأساً على عقب فيما بعد حين توفرت الظروف .
لقد فشلت القاعدة الحزبية في الحركة التحررية الكوردية في سوريا في احداث التغيير الداخلي المطلوب بعد اندلاع ثورة الشعب السوري في 11 / 3 / 2011 في كل مؤتمراتها التي عقدت بعد هذا التاريخ و ليس اخرها مؤتمر احزاب الاتحاد السياسي المنعقد مؤخراً في هولير بسبب هيمنة الثقافة التي زرعها البعث في عقولهم و عدم توفر النخبة الفكرية المتنورة الملتزمة بقضايا الأمة و بقيادة الجماهير وفق استرتيجية علمية متكاملة و من خلال مؤسسات ثقافية نشطة تستغل الظرف و تستنهض مكامن القوة عند الشعب و تبين مكامن الضعف و طرق المعالجة , باستثناء قلة اكتفت بكتابة مقال هنا أو هناك أو صرخة ليس لها من صدى . يقول المتنور الكوردي بافي نازي : ” المثقف من يعي أمراض شعبه أولاً , يضحي بمصالحه الشخصية في سبيل أمته ثانياً , و يناضل بكل قوته لينتقل شعبه من الظلمات الى النور ” . فهل ينطبق هذا على مثقفينا النرجسيين الذين يطمحون برفع صورهم و نحت تماثيلهم في الساحات العامة لمجرد ورود اسمائهم في جريدة أو كتابة مقالة في موقع الكتروني ؟
لقد جاء في القران الكريم بصيغة سؤال انكاري واضح : ” و هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون؟ ” . ان مسؤولية مثقفينا ( الذين يعلمون ) أكبر كثيراً من مسؤولية قياديينا فاقدي الاحساس بالمشكلة ( الذين لا يعلمون ) أضعافاً مضاعفة في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به شعبنا المغبون .
لقد جاء في القران الكريم بصيغة سؤال انكاري واضح : ” و هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون؟ ” . ان مسؤولية مثقفينا ( الذين يعلمون ) أكبر كثيراً من مسؤولية قياديينا فاقدي الاحساس بالمشكلة ( الذين لا يعلمون ) أضعافاً مضاعفة في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به شعبنا المغبون .