الأيديولوجيا الإقصائية تُمزِّق الكُرد وكردستان وليس الخنادق

زاغروس آمدي

وكأن حزب الإتحاد الديمقراطي (الكردي) الـPYD كان ينتظر بفارغ الصبر أية حجة ليُعبِّر عن الوجهة السياسية الخطأ التي ينتهجها، وكان حفر الخندق الموازي للحدود الفرصة المواتية على  ما بدا لهذا الحزب، ليُفريغ جام غضبه المكبوت، الناتج عن عزلته السياسية عن المحيط القريب والبعيد، وذلك بتحريض شلة من أتباعه من كرد غ. كردستان على الإحتجاج الهمجي على حفر الخندق بين ج.كردستان وغ.كردستان، والذين لايجيدون شيئا أفضل من حمل رايات الحزب وصور أوج آلان والصراخ باسمه بطريقة إستفزازية. ولحسن الحظ أنهم نَسوْا بنادقهم في مقراتهم.  

صحيح أنّ حفر الخندق قد فاجأ الكثيرين، وكنت واحدا منهم، حتى أني احتجت على  ذلك على الفيسبوك وبعثت برسالة إحتجاج الى موقع حكومة إقليم كردستان، وهي مازالت منشورة، طالبت فيها بإيقاف حفر الخندق وإلغائه، والإحتجاج حق مشروع لكل مواطن كردي في بيئة ديمقراطية. لكن حزب الـPYD حاول أن يستغل الخندق ككلمة حق أُريد بها باطل، وأن يجعل منه حصان طراودة يعرض من خلاله كراهيته الظاهرة للطرف الآخر، وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني ــ ع.
وهذه الكراهية ماهي إلا نتاج إيديولوجية بائدة أكل عليها الدهر وشرب، مازالت تعتبر أن  الإقطاعية والإمبريالية والصهيونية أعداء للكرد ولسائر الشعوب الأخرى وللإنسانية جمعاء، ولا يمكن أن يستقر العالم إلا بالقضاء عليها، لإقامة الأمة الديمقراطية. وطبعا يأتي تصنيف حزبPDK. إقطاعياً، حسب أيديولوجيتهم، ولذلك يجب معاداته، ومازال طلب أوج آلان  2003بعد تحرير العراق من الحكومة التركية، بمنع قيام أي كيان كردي في شمال العراق ماثلاً في الأذهان. لأنه يشكل خطراً على إستقرار تركيا. ولم أفهم وقتها بصراحة هذا الطلب الغريب، واعتقدت حينها، أن الرجل ربما نال منه بعض الخبل، ولكن بعد نشر رسالته الأخيرة بمناسبة عيد ميلاده نيسان 2014 وذكر فيها، أن يوم ميلاده هو يوم ميلاد الشعب الكردي، غيرت رأيي، فالرجل مصاب بحنون العظمة على ما يبدو، ويريد أن يحتكر الكرد وكردستان لنفسه فقط، مثل أحزابه، ليصوغهما ويشكلهما حسب تخيلاته وتصوراته المنتهية الصلاحية في أمته الديمقراطية.
إن ما يُقسِّم الكرد وكردستان، هو هذه الكراهية التي ينشرها الـPYD في غ. كردستان، بين أفراد الشعب الواحد، الناتجة عن هذا الفكر الأيديولوجي الإقصائي الذي يأبي أن يشاركه أي طرف سياسي آخر في أي قرار سياسي.
لكن والحق يُقال، فليس لديه مانع في الوقت الحاضر على الأقل،أن تعمل الأحزاب الكردية الأخرى تحت إشرافه وسيادته، وربما لآجل معلوم فقط. 
كلمة اخيرة بشأن الخندق:
الخندق يمكن أن يردم في يوم أو يومين وينتهي الأمر، لكن هذه الكراهية التي تشيعونها بين أبناء الشعب الكردي من الصعب إزالتها كما تزال الخنادق.
زاغروس آمدي

15.04.2014- فيينا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…

خالد بهلوي   تُعَدّ العلاقات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، إذ تلعب دورًا جوهريًا في بناء شخصيته وتشكيل نظرته إلى الحياة. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، مما يجعل هذه العلاقات ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي. ورغم دورها الإيجابي، فإن للعلاقات الاجتماعية جوانب سلبية قد تؤثر على الأفراد والمجتمعات بطرق مختلفة. في سوريا، تتميز…

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…

مصطفى منيغ / تطوان من الدولِ مَن صوتها يعلو وهي صامِتة ، تُسْمِعٌ عنها كلَّ أنباءٍ مُفْرِحة ، عملاقة لا تهتم بمن دونها مع الأفضل أفكارها مُعلَّقة ، متطلٍّعة للمزيد ما دام الرقي يُكتسَب عن إرادة غير مُصَنَّعَة ، حافظة أصلٍ بالابتكار الطبيعي المُباح نتائجه بالقبول الحسن مُشبَّعة ، مهما بلغ التطوُّر مِن تطَور به دوماً بجذوره مُشبَّهة ، وُجِدَت…