الإخوة في أل ب ي د العدو هو بشار الأسد وليس مسعود البرزاني (الجزء الثاني)

د. محمود عباس

لولا الخندق المشؤوم لاخترع الإخوة في ألـ”ب ي د” قضية من العدم، لخلق الصراع، والأسباب متنوعة، وقد مهدت لها حكومة الإقليم من جانبها. ووراءها في البعد المخفي يقف العدو الذي يريد للطرفين الزوال. متجاوزا منطق البعد الاستراتيجي لـ “ب ي د”. وولادة الحزب الجديد، البارتي الديمقراطي الكردستاني، ورغم وجود الكثير من الأسئلة الشكوكية حوله، يعتبر من أحد الأسباب التي أثارت حفيظة ألـ”ب ي د”، فلا تقبل أن يكون لها منافس على ساحة غرب كردستان، لا ترى ذاتها إلا السلطة المطلقة، وكل من يعمل يجب أن يكون تحت أجنداتها، والأجندات بذاتها مشبوهة.

 لا نشك أنها الوحدة الأولى (ربما) لم تكن للسلطة السورية الدور الكامل في عملية ولادته. كما وأن الخلاف بين الكيان الفيدرالي كمفهوم والكانتونات سيادة مبنية على أسس أدبيات القائد أوجلان يفرض الصراع، وتعد من الأسباب الرئيسة في الاختلافات وليس الخلافات، هذه وغيرها من المفاهيم يحملها الإخوة في الـ”ب ي د” كراية لإعلان الحرب على الأحزاب الكردية في غرب كردستان، وعلى الإقليم الفيدرالي، ويتقبلها الإقليم بسوية لا تقل عن نفس المواجهة، مستنسيين الشريحة التي تتبع نهج منظومة المجتمع الكردستاني، والشعب الكردي المتواجد في الإقليم، العدو الحقيقي والتي هي السلطة السورية الشمولية وقسمها المتواجد في قامشلو وعلى أطراف مطاره، وليس حكومة الإقليم الفيدرالي ورئيسها السيد مسعود البرزاني، ولا قوات الحماية الشعبية التي تقدم الشهداء على أرض الوطن. فالعدو الخبيث الذكي هو بشار الأسد وممثله الساكن في قامشلو هو الذي يتلاعب بمقدرات الشعب الكردي في المنطقة وهو المخطط لخلق الظروف التي تؤدي إلى الهجرة الكردية. نظام الأسد الشمولي هو الذي يخلق المعاناة التي يعيشها الشعب الكردي في المنطقة وبتخطيط دقيق.

  الهجرة الكردية من غرب كردستان لا يمكن الحد منها بإغلاق المعابر أو تسهيل الأمور، ولا يمكن إيقافها ببناء خندق أو حتى بزرع ألغام، الداء يجب أن يعالج من الداخل، لذا فإثارة قضية الخندق وراءها غايات أبعد، والسلطة الشمولية السورية المتواجدة في قامشلو هي التي تثيرها على أنها قضية وطنية كردية، وتهمها أن تكون الحدود سهل عبورها لتهجير عموم الكرد من المنطقة، ويكون قد مهد لها بإثارة الفتن ونشر الرهبة بين الشعب مترافقة بكل أنواع المعاناة الإنسانية، فلا يمكن حل هذه القضية بمعاداة السيد مسعود البرزاني والبحث عن أخطائه أو أخطاء حكومة الإقليم والتي لاشك أنها تتحمل الكثير منها، رغم تحملهم أعباء المهجرين  السوريين عامة والكرد بشكل خاص، وما ينبثق عنها من معاناة. فإظهار قضايا خارجية لإلهاء الشعب ونسيان معاناته التي يعيشها، أو نقل العتب من السلطة السورية إلى حكومة الإقليم، وتشويه سمعة رئيسها مسعود البرزاني، عملية خاطئة وقتل غير مباشر للثقافة الوطنية الكردستانية، كما وهي في بعدها العميق عملية لتشويه سمعة السيد مسعود البرزاني كقائد كردستاني وإبداله بالقائد أوجلان، أو بالعكس، أي عمليا صراع بين شرائح تعبد أنصاف الآلهة.
  ففي الوقت الذي ينكر فيه الـ “ب ي د” أخطاءه ويغطي على بشائع أسايشه، وبالمقابل حكومة الإقليم لا تقل عنهم، ولكن بأسلوب مغاير. كالقيام بالتعتيم على فساد فاضح يؤثر على كل الأطراف الكردستانية، ومثلها ترفع من سوية مسؤولين دون المستوى الوعيين القومي والكردستاني، وبعيدين عن مفاهيم بناء دولة الحلم أو كردستان الكل، وهم قادة الذين ينمون شعور الانتماء إلى الذات الإقليمية، كلاهما يخلقان معارك كردية كردية لا نهاية لها، ولا نجاح لطرف كردي فيها سوى نجاح العدو وحده، والنتيجة معروفة سلفا. عدمية النجاح لطرفي الصراع، في مثل هذه المعارك، هي الخطة الجهنمية التي يعدها العدو لنا، ويغيب عن بالنا إشرافه عليها وإدارته لها، وبهذا الأسلوب “ب ي د” يزيد من هوة الصراع الكردي الكردي ويقوى قدرات العدو ويسهل له خططه للقضاء على القضية الكردية في داخل غرب كردستان وخارجها معا. والمجابهة بالمثل من قبل الإقليم دون البحث عن السبل الكفيلة لتجنب هذه الصراعات هي الأخرى الطرف المعادل لها.
وما يحير العقل هو نزول الإقليم إلى مستوى حزب بحجم الـ “ب ي د”. فالإقليم حكومة بتمامها؛ بينما الاتحاد الديمقراطي حزب، أعلى سقف له هو الكانتونات. مع فرق السقفيات هناك فرق في الإمكانيات أيضا. من الجدير تصرف الإقليم كدولة، وليس كحزب كما هو حال الـ “ب. ي. د.”؛ بينما كلاهما يتصرفان بنفس المستوى وفي حده الأعظم من التدني. وبدأت منظومة المجتمع الكردستاني تصدر بياناتها كقوة كردستانية وحيدة فوق الكل، في الوقت الذي كان على حكومة الإقليم أو الحزب الديمقراطي الكردستاني أن تبقي على سويتها كقوة كردستانية شاملة، لخلق حالة التوازن السياسي في كردستان عامة كواقع ديمقراطي، وتكون لها القدرة على تسيير الأمور في كردستان عامة، وكان عليها أن تبقي الصراع في غرب كردستان بين أحزابها وضمن جغرافيتها، لكن الحوادث المتتالية وبسبب عدم دراسة واعية تم تقزيم دور الإقليم أمام منظومة المجتمع الكردستاني وتدنت إلى سوية أل ب ي د.
مخطط واضح، يعمل عليه العدو، وهو تقزيم الشخصية الكردية، خاصة وقد ظهرت لهذه الشخصية وجود بعد الثورة السورية في الساحتين الدولية والسورية، كما ويخطط لقتل الحلم الكردي وإلى الأبد، وهنا العدو يستعمل كل طاقاته لإقحام جميع الأحزاب الكردية في هذا الصراع، وبمساعدتها  تتمكن من تسيير مخططها، بطريقة أو أخرى، كان للعدو دور في خلق رموز متعددة للكرد  في كل منطقة بذاتها وضمن كردستان كجغرافية واحدة، ساعدوا على إظهار أعلام حزبية وقومية متعددة، وظهر على خلفية هذه الثقافات قادة بأنصاف ألهه، بين متبعيهم ومريديهم عداوات قاتلة، كل طرف لا يرى إلا قائدهم  رمزاً  بدون منافس، ويلغون الأخر إلى حد الخيانة، وهذه العداوة لا تقل عن عداوة المذاهب الدينية الإسلامية بين بعضها، كل هذا يندرج ضمن مخطط يعمل عليها العدو لبناء ثقافات مشوهة متناقضة ومتضاربة بين الأقاليم الكردستانية. وسنبقى نسأل بعضنا السؤال نفسه: من هو الطرف الكردي المسبب؟ ولا أحد يجاوب على أن السؤال خطأ، فالمسبب ليس الكردي بل هي السلطة السورية الشمولية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…