الدفـع نحـو مـزيد مـن العـنف رهـان خـاسر

افتتاحية الوحـدة *



رغم دخوله عامه الرابع وسط ركام الدمار والفظائع ، لم يعد المشهد السوري يتصدر العناوين السياسية أو يحظى باهتمام مفترض من لدن القوى الفاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي ، حيث بات فاقعاً التعايش مع إدارة واستمرار الأزمة ، مصحوباً باتساع عمق وشمولية المأساة التي يعانيها السوريون بمختلف مكوناتهم وانتماءاتهم الدينية والقومية والسياسية .

فلدى إلقاء نظرة فاحصة إلى حياة وأوضاع ملايين اللاجئين والمهجرين السوريين في دول الجوار والداخل السوري يظهر جلياً كم هي صعبة ومزرية تُصدم العقل والضمير ، مروراً بمئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين ، وصولاً لعذابات المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وما حل بمصير المفقودين والمختطفين ، وانتهاءاً بانحدار شرائح واسعة من المجتمع إلى ما تحت خط الفقر ، بفعل هول الدمار اللاحق بالاقتصاد وفقدان فرص العمل ،

 

 

 ليعم الفقر وينتشر المرض ، وتجد الجريمة طريقها للتوسع والتنوع ، ليسقط الجميع في دوامة عنف مستمر عنوانه الرئيسي ضياع وعبثية ،…  ولينتعش تجار الحروب والمنتفعون من وراء استمرارها ، سواء من يلتحفون عباءة الدين وراياته ، أو من يتشاطرون برفع أعلام القومية والسيادة الوطنية .

لا مبالغة في القول بأن النظام يبقى هو المسؤول الأول عما آلت إليه الأوضاع ، ولكن هذا لا ينفي حقيقة المسؤولية التاريخية لقوى المعارضة السورية التي راهن البعض منها – منذ البدايات – على مسعى ومغامرة استجلاب تدخل عسكري خارجي ، واستسهال عسكرة انتفاضة الشعب السوري السلمية ، وتحميلها وزر وأعباء التسلح بموجب حجج وذرائع أبرزها ( العين بالعين… والقضية لا تحل إلا بالقوة ) ، وكذلك تشجيع وإفساح المجال واسعاً أمام نفوذ وأنشطة جماعات الإسلام السياسي المتشدد ، من بين أبرزها تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام التكفيري التفجيري ومثيلاته ، التي لطالما شنت هجمات عسكرية متكررة ضد مناطق عفرين والجزيرة ، وتجهد اليوم لفرض حصار على منطقة كوباني (عين العرب) والإجهاز عليها ، … وذلك بهدف إفراغ المناطق الكردية من سكانها الأصليين ، خدمةً لمآرب غلاة الشوفينيين على اختلاف تلاوينهم ، وضرب السلم الأهلي وحالة الأمان النسبي التي اتسمت بها المناطق الكردية من شمال سوريا . فعلى مرّ ثلاثة أعوام انقضت من عمر سوريا الجريحة ، واصل الكرد بوجه عام تمسكهم الثابت بنهجهم السلمي ، مما أثار ويثير تحامل وحنق جهات لا تزال تراهن متهافتةً وراء وعود وتدخل من الخارج ، قد يقلب موازين القوى تحت رايات ( الجهاد والثورة ) ويولد مزيداً من الفوضى والقتل والدمار في أرجاء البلد ، وهذا ما ينبذه شعبنا الكردي وكل من تعزّ عليه حرية وكرامة الإنسان .

* جريدة الوحـدة – العدد / 247 – 248 / – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي )

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…