التضليل الإعلامي وتشييء العقل وتوليفه باتجاهات خاطئة

فرحان مرعي

إن الدعاية الإعلامية الحديثة ، أعلام النظام السوري ، روناهي ، الجزيرة نموذجاً ، تعمل بحرص ودأب على إشاعة العقلية والمعلومة التي تصدق وتستسلم لها بسرعة، وعلى هدم روح النقد ونشر روح الانقياد ، وقليلاً ما نجد في هذه الوسائل من يستهدف إيجاد أفضل الطرق لزيادة الوعي وتقويم الأفكار المشوشة ، وهكذا نجد شعوباً يؤيدون نظماً جائرة ويصفقون لزعماء يظلمونه ، لان الدعاية الحديثة والايدولوجيا الزائفة فقدته القدرة على التفكير السليم والرؤية الواضحة .
إن التضليل الإعلامي وصلت إلى الذروة وبشكل فظيع في تغطية أحداث الثورة السورية في الأعلام السوري ومن يتبعه ، وفي الواقع أن ضحية هذا الأعلام هو عقل المواطن وتشييئه حسب الايدولوجيا التي تغلغل في وعي الناس ولا وعيهم مما جعل أمر تعديلها صعباً واسهم في وأد الحس النقدي دون اعتراض عقلي أو ممانعة نفسية ،فنشئت ثقافة خاصة ، ثقافة الوعي الزائف مقابل ثقافة الوعي الصادق ، وثقافة تضليل المواطن وتثبيط معنوياته وتعطيل عقله وإرادته.
ويتناول علم النفس حقيقة جوهر الايدولوجيا الزائفة والتمويه الإعلامي ، حيث ينتميان غالى عالم الرغبة التي توظف المعلومة والخطة لصالحها، وبذلك تنفصل عن القيمة الأخلاقية ، فالإيديولوجي الزائف يقوم حياته النظرية والعملية على أساس من الأوهام، لأنه يضع مكان الوجود الواقعي وجوداً مظهرياً زائفاً من نسيج تصوراته وإراداته ومصالحه، وهو لا يعاني من نقص في المعلومات والمعرفة ومعرفة الحقيقة بل ينقصه الصدق والضمير، فهو يعرض الواقع لا كما هو بل كما يفرضه مصالحه، وتتضخم وتتوسع هذا التضليل والتمويه والتزييف كلما اتسعت المسافة بين الرغبة والقيمة، بين الحق والباطل، وبذلك يلقي ضميره في غياهب النسيان، ويحتفظ بالحقيقة لنفسه وتحجبها عن الآخر ويقدم بدلاً عنها صورة زائفة، وهذه تسمى بالعطالة أي التملص من الواقع والمعيار الأخلاقي المرتبط به . 
إننا نعتقد أن حرفة الكذب والتزييف والمراوغة سوف تستمر في دنيا ثقافة الوعي الزائف، لأنه في كل مرحلة تبرز مسألة صراعية جديدة كصراع مع الإرهاب وغيرها وتحت هذه العباءات تخفى حقائق الصراعات الحقيقية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…