مهلاً يا حضرة المسؤول

توفيق عبد المجيد


للمرة الأولى ومنذ عشرات السنين ، تجري انتخابات شعبة نقابة معلمي القامشلي دون قائمة جبهوية تقتصر على حزب البعث والأحزاب المنضوية في الجبهة الوطنية التقدمية في خطوة إيجابية يستشف منها أن قيادة حزب البعث تريد إشراك جميع مكونات النسيج الوطني في مدينة القامشلي في هذه الانتخابات ، وقد كان هذا التوجه موضع استحسان لدى أبناء الشعب الكردي حيث بادر الكثير من المعلمين الأكراد إلى المشاركة في الترشيح ثم الاتفاق مع باقي المكونات لتشكيل قائمة وحدة وطنية تضم بالإضافة إلى المعلمين الأكراد أشقاءهم من المعلمين العرب والمسيحيين .
يبدو أن هذا الاتفاق لم يرق للكثير من الذين لا يحبذون الوحدة الوطنية من منطلقهم الإلغائي والإنكاري الذي يحاول أن يشطب على مكون أصيل وعريق من مكونات الشعب السوري ، ذلك المنطلق الذي أكل عليه الدهر وشرب ونام ، وتحسسوا كثيراً من المشاركة الكردية في هكذا انتخابات لأنهم تعودا على انتخابات لم تكن تعترف بوجود الغير ، فكانت خطوتهم الأولى العمل على تأجيل هذه الانتخابات أسبوعاً ريثما يهتدوا إلى المخرج فيحولوا بين المعلمين الأكراد وبين النجاح ، وتجلى ذلك بوضوح لا لبس فيه ولا غموض في الاجتماع الذي دعت إليه قيادة شعبة حزب البعث في القامشلي عندما قال السيد داخل دياب عضو قيادة فرع الحزب في الحسكة ومسؤول مكتب النقابات المهنية ( إن الكرد أعداؤكم ، والمعركة معهم وجود أو لا وجود ، لا تتركوا أحداً منهم – يقصد المعلمين الأكراد المرشحين – ينجح في انتخابات النقابة وهؤلاء الأكراد يريدون تخريب البلد من العمق ) .
نطلب من حضرة المسؤول أن يثبت لنا ولقيادته صدق كلامه فيبين وبالوثائق متى كان الأكراد أعداء للعرب ؟ ثم ما طبيعة المعركة التي يسميها معركة وجود أو لا وجود بين العرب والكرد ؟ ولماذا يحاول حجب النجاح عن المرشحين الكرد ليحصلوا على جزء لا يذكر من حقوقهم ، علماً أن قيادته قد أوعزت إلى خوض انتخابات ذي طبيعة مختلفة هذه المرة في بادرة حسن نية منها لإشراك ممثلي الأكراد الذين يشكلون أكثر من 60% من مجموع معلمي القامشلي ، ومتى حاول الأكراد تخريب البلد من العمق ؟ عفوا لقد نهبوا محلات القامشلي في صيف عام 2005 يا سيد داخل دياب .

لا نريد الاسترسال كثيراً في هذا الموضوع ، ونحن على استعداد لذلك إذا لم تبادر قيادة فرع حزب البعث إلى تصحيح هذا الخطأ ، الذي اختزن في لاشعور هؤلاء الإقصائيين الذين ارتووا من قناة ثقافية معينة ، كما نريد أن نذكرهم ببعض ما قاله السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد ( الأكراد جزء من النسيج السوري ، وسوريا وطن يسع الجميع ) ، فلماذا تغيب الكرد من هذا الجميع وتستعدي عليهم إخوتهم من باقي المكونات يا حضرة السيد داخل دياب ؟ ومن خولك بذلك ؟
نطلب من المرشحين الأكراد أن يخوضوا هذه الانتخابات بصورة لائقة وحضارية ويصوتوا لكل من يستطيع أن يخدم شريحة المعلمين المسحوقة من عرب وكرد ومسيحيين ، كما نطالب قيادة حزب البعث بمحاسبة صارمة لهذا المسؤول ، ونقيم إيجابياً موقف الأستاذين الجريئين أحمد الوكاع وجورج إلياس اللذين ردا بروح وطنية صادقة وشعور عال بالمسؤولية ، كما ندعو جماهيرنا من المعلمين الكرد بالتصويت أولاً لهذين الزميلين وأمثالهما من المخلصين لهذا الوطن .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…