هل الطريق نحو كُردستان يبدأ بِكانتون؟

هيفين جعفر

يبدو جليّاً أن حلم إقامة دولة كُردستان ذهب أدراج الرياح بعد تشكيل الكانتونات الثلاث في غرب كُردستان، وكما مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة فإن الطريق نحو كُردستان يبدأ “بِكانتون” حسب إيمان وقناعة فئة معينة تعتمد على إيديولوجية خاصة نابعة من فكر قائد القادة وقائد الشعب الكُردي كما يحلو لهم تسميته. باتت الكانتونات الآنفة الذكر أمراً واقعاً على الأرض بعد أن تشكّلت إداراتها وقياداتها حيث قام وفد رسمي من هيئة العلاقات الخارجية في كانتون الجزيرة بأول زيارة خارجية لهم حيث إلتقوا بمسؤول مكتب العلاقات الكوردستانية للاتحاد الوطني الكوردستاني وبالسيدة هيروخان عقيلة الرئيس جلال طالباني قبل أن يحطّو رحالهم في العاصمة العراقية بغداد لبحث العلاقات الأخوية المشتركة بين الطرفين الصديقين.
كانتون الجزيرة: للتذكير فقط فإن منطقة الجزيرة هي كبرى المناطق الُكردية في غرب كُردستان من حيث المساحة والتعداد السكاني، كما تتبع لها مدينة قامشلو التي تعتبر العاصمة لإقليم غرب كُردستان، والحقيقة أن كانتون الجزيرة يعتبر “نصف كانتون” كما أخواتها في كوباني وعفرين إن لم يكن رُبعاً نظراً لسيطرة النظام وأجهزته المافياوية وشبيحته ومرتزقته على معظم المرافق الحيوية بما فيها مطار قامشلو الدولي، ومن الجدير ذكره أيضاً أن مسيرات مؤيدة لرأس العصابة البعثية تنظّم بين الفينة والأخرى في قامشلو وباقي مناطق الكانتون وآخرها كانت في يوم الأربعاء (19 / شباط – فبراير / 2014) حيث أقدم النظام البعثي على إنزال أعداد كبيرة من قواته العسكرية وعصاباته وجنجويده وقواته الأمنية التابعة له، تحضيراً لحماية تسيير مسيرة مؤيدة له في “كانتون الجزيرة المحرر”!.

وهنا لا بد من الذكر أن جحافل بني غُمّر الذين استُقدموا إلى المناطق الكُردية في ستينيات القرن المنصرم في ظل التعريب والحزام العربي من قِبَل عصابات البعث باتوا جزءاً من نظام الإدارة الكانتونية الذاتية، ولا بد من الإشارة على أن الكانتونات رسّخت مسألة إجهاض الحلم الكٌردي حيث تم الإقدام على تجزيئ المجزأ وتقسيم المقسم، والسؤال هنا: هل ذلك إجحاف بحق الشعب الكُردي، أم أن القاضي راضي؟ وهل سيكتفي المجلس الوطني الكردي برفضه لهذا المشروع من خلال بيان من بياناته الكثيرة، أم أن التصريح الأخير للأستاذ حميد درويش كان بمثابة تحوّل فعلي على الأرض؟ وهل بدأت الحنجلة قبل الرقصة الوطنية الكُردية؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…