ماذا بعد ثلاثة أعوام ؟

لافا خالد

 حينما تروق لك اللحظات لتفكر بالواقع الكردي في مختلف أماكنه وأزمانه  هي الضرورة أن تمر بقامشلو جسر التواصل بين أجزاء كردستان و مدينة العبور للضفة الحرة وفي ذاتها مدينة التآخي 12 آذار2004 الحدث الإستثنائي لشعب نذر نفسه للحياة حراً,و ذات الحدث  الذي مر عبر زمن سريع لكنه فتح لأصحابها  بوابة صناعة الحدث والتاريخ على اوسع أبوابها , قد يمر ذاك اليوم تلقائيا كما أيام السنة لكنك لاتجد نفسك إلا والذكرى الحية  تستجد بصور تختلف وتتشابك , اختلطت الأفكارعندي على بياض الألم والحزن الذي عاشه الكرد عموماً في يوم آذاري للكرد في كل وقت منها ذكرى,تسائلت قبل ذلك بكثير  من كان صانع الحدث ومولّد انتفاضة  12آذار؟ كيف ستوثق هذه التجربة للتاريخ ؟ هل هو مفترق ذكرى للشهداء؟ أم هي وميض ابيض لأرواح شبابنا الذين قضوا في اقبية السجون أم الذكرى للشارع الكردي عموماً فكل فردا كان  حدثاً بل صانع لها؟ في ذاتي وبعد مرور ثلاث سنوات والحدث يستجد بصور لا تختلف كثيراً عن ذاك اليوم المنعطف في تاريخ القضية الكردية في سوريا فاليوم مطاردات وغازات مسيلة للدموع ومضايقات , في نفس الوقت وصدى الرصاص  الطائر من كل حدب وصوب لازال يدوى  ,من عايش الحدث في مدن الجزيرة وامتدادها للعاصمة ومحافظات اخرى والضجيج الذي لف عواصم العالم في كل مكان يتواجد فيه الكردي, في وقت أختلطت فيه المعايير وامتزجت المشاعر لتتوحد وترفع الصوت, حينها ستجمع الكلمة إن ما حدث كان انتفاضة بكل معالمها  لم تعرف القيادات الكردية كيف تديردفة القيادة فأضاعت الكثير من الفرص  ولربما كانت قد غيرت من معادلات كثيرة إزاءالأزمة  النوعية التي  تعيشها القضية الكردية وحالة الإحتقان المستمر لتجاهل الحقوق ومختلف  القضايا , وسط الدهشة التي  لفت كل المحيطين  فالجيش يفتح السلاح الحي  ضد ابناء البلد  والمفترض أن يوجه إلى جبهات تعيش حالة حرب مع عدو , حينما أفكر بذات اليوم والأيام التي تلتها والخوف والحزن الذي عتم أجواء قامشلو وما حولها  , والأخبار التي كانت ترد كالقصف شهداء واعتقالات وتصفيات جسدية داخل أروقة سجون لطالما بقيت معتمة لا يبقى عندي ما أكتب سوى القول  / آه قامشلو أما آن للوجع أن يستريح / ؟لما لم يحاسبوا من كان السبب في اشعال الفتنة التي بدت  مسبقة التخطيط ؟ صحيح إن الثمن كان مكلفاً جداً لكنه زاد فرقة الآخرين من تيارات سياسية ومثقفين ولجان احياء المجتمع المدني وحتى منظمات حقوق الإنسان  لكنه وحد الشارع الكردي , وبأسف القول اظهرت الشللية في بينية الأحزاب الكردية وعجزها التصرف حيال ماحدث , أعود وانزوي لوحدي وصدى الجرح  يتزامن في وطن أقل ما يمكن القول إنه يسكننا ولاسكن لنا فيه, أحاول ترتيب الذكريات اليوم ونحن نضيئ شمعتها الثالثة  والدموع تنهمر نتيجة الإستنشاق الكثير للغاز الذي غيم مناطق مختلفة والدم الكثير الذي سال قبل ذلك  دونما محاسبة الفاعل الحقيقي وبقاء الواقع الكردي مهمشا وترك أزماته تستفحل لأستخلص القول إن تلك الطلقة كانت مؤامرة قذرة للتفرقة بين الأخوة ابناء البلد الواحد زادت من الشرخ عمقا واتساعا وسكبت على الزيت ناراً لن تنطفئ إذا لم توضع الأمور في نصابها الصحيح , ويبقى السؤال المفتوح  ماذا بعد ثلاثة أعوام من ذاك الحدث الكبير؟ هل غيرت رؤية السلطة للحقيقة الكردية وكونهم قومية ثانية وأي توازن لن يكون إلا بالإعتراف بحقوقهم وتوثيقها في الدستوروسياسة القمع والتجاهل ماعدت لها جدوى  ؟ ماذا بشأن النخب العربية  المثقفة وموقفها من 12 آذار خصوصاً ومن عموم الحق الكردي ولما بقي صوتها خجولاً وخافتاً ؟كيف ستتصرف اليوم والحدث يتكرر بصور مختلفة  ؟ وعلى الصعيد التنظيمي هل وحدت الشارع الكردي وحطمت اسطورة الخوف التي فرضت عليه بالحديد والنار ً ؟  وفي الأتجاه الآخر أحياء الذكرى هل بات منبراً تحتكره أحزاب متحالفة ولا تترك حتى هامشاً لأحزاب أخرى ؟ أليست الفرصة لتوحد هذا الحركة الساكنة كلمتها في هذا اليوم على أقل تقدير كرمى لمن منحوا عمرهم دونما سؤال ؟ مايهم إن هذه الإنتفاضة الخالدة  قد كشفت الرؤية الهشة للأحزاب الكردية وغيابها بين القواعد لنتسائل إن ماحدث كان وثيقة شرف وكل لحظة تمضي ستأخذ معها الكثير وعليها أن تضع نفسها أمام مسائلة ذاتية أولاً وتعيد الكثير من الحسابات حول هيكليتها وعلاقتها مع البعض وقواعدها الشعبية  وتستدرك الحدث  لتصيغه في مشروع يجسد الرؤية الكردية في اطار الوحدة الوطنية وتطالب بحراك فاعل لمحاسبة المسؤولين عبر تحقيق شفاف و نزيه لا أن تكتفي باستذكار الحدث وكفى  .

(قد لا نفعل في حياتنا الكثير ولكنها الأيام ستشهد بأننا ذات يوم وفينا العهد , ففي قامشلو انتفضنا,  وتبقى بوابة التاريخ مرصداًبأن الحرية آتية إن لم نذق طعمها, حينها تكفينا الحياة بأننا ونحن مكبلين بالسلاسل نهتف معاً إن الربيع يعود  ثانية )

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…