ولنا كلمة (17)

روني علي

قديماً قالوا : ” إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ” .
بهذه المقولة سأبدأ من حيث لم ننتهي ، سأبدأ من مقولة البارزاني الخالد ” الكل عدو للحجل والحجل عدو نفسه “

وأي عداء ..

قد لا تكون بوتيرة داحس والغبراء، ولا بمستوى معارك ” دوريش عبدي ” لكنها قد تنتهي بنا إلى الويلات ..

إلى مقتل، بل إلى الفناء من ساحة الوجود الاعتباري – الإنساني – .

ولكن يقال ” شر البلية ما يضحك ” فقد نضحك في النهاية ، أو قد نتحول إلى أضحوكة ..

هنا لست بصدد الكشف عن المعارك ولا الهجوم على الخصوم – خاصةً إذا كان هناك أكثر من طرف – أو كان الخصوم وهميين وإنما فقط الوقوف على المصيبة ..

وأية مصيبة ..

مع كل إطلالةٍ جديدة وكل انعطاف أو تحول ، نكتشف من جديد فقرنا السياسي وعقمنا الفكري  نكتشف ما لا نتمناه – هشاشتنا وإنهاكنا – لكننا – ودائماً – نعزي أنفسنا في أننا سنحاول – ومن جديد – العمل من أجل بناء مستقبل يكون للفكر فيه موضعه وللسياسة احترامها وسنتجاوز عقدة ” الغاية تبرر الوسيلة ” خاصةً إذا كانت الوسيلة تخدم غايةً عافاها الزمن والتطور ، بل فقدت مبررات وجودها ..

نعزي أنفسنا بأن مثل هكذا حالات هي نتاج طبيعي لشعبٍ كشعبنا ، وحركةٍ كحركتنا ، ذاقت الويلات وتاهت بين جملةٍ من التخبطات .

إلا أن الذي لا مبرر له أبداً هو أن نقرأ في كل يوم عبارات وعبارات في ” الصحافة ” وعلى صفحات الانترنيت .

هذا يكتب ” ليس دفاعاً عن الجبال ” وذاك بلغة الطيور والآخر بمفردات لم نعرف مصدرها ..

والكل يحمل المعول ويهدم ، واضعين على قارعة الطرقات لوحةً تقول : ” هنا الرأي الآخر ومنه يمكنك الوصول إلى الشفافية ” ..

يدمرون التاريخ ويشوهون الذوق ، لأن الغاية هي الوصول .

وفي كل ذلك يستحضرون كبش فداء ويحملون عليه ما لا طاقة له به ، ويتناسوا أنهم كانوا شركاء في كل ذلك وأنه جزء لا يتجزأ من تاريخهم ، وأن هذا البناء المتخيل للرأي الآخر وبهذه الوسائل سيبني ومن جديد بناءً آخر قد يحوي كل الذي يبتغونه ويهدفون إليه إلا من القيم والمثل والأخلاق ، لأن الذي يراوغ على تاريخه ، سيخلق جيلاً يراوغ عليه هو نفسه ، ومن هنا كانت ” مصيبتنا أعظم ” .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…