وجهة نظر كوردية في الداخل والخارج

بقلم: حسن يوسف

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مدى ارتباط الداخل الكوردي مع الخارج الكوردستاني والخارج بشكل عام ومدى تأثر الداخل به ولما كان لابد من الوقوف على هذه النقطة التي لم يقترب منها الكثير من الأحزاب الكوردية في سوريا، وذلك بسب الازدواجية التي فرضها الواقع الاستعماري في بداية القرن الماضي والتي جزأت الكثير من الأوطان ومنها الكوردي (كوردستان)بين أربع كيانات (سوريا وتركيا والعراق وإيران) حيث رسمت خصوصية كوردية لها من الجوانب السلبية والايجابية، فقد جعلت هذه الازدواجية من الحركة الكوردية واقعة بين فكي كماشة حيث تكون ثنائية الولاء فمن الناحية القومية تجد نفسها مجبرة على اتخاذ مواقف التضامن والمساعد مع أبناء جلدتهم في الأجزاء الباقية من كوردستان ومن ناحية أخرى ترى نفسها وفي واقعها المعاش مع باقي النسيج السوري تناضل في سبيل حقوقها الديمقراطية والوطنية والاعتراف الدستوري به،

وهذه المساحة أو الشعرة مابين الولائين الداخل السوري والخارج الكوردستان جعل الكثير من الأنظمة تستغل هذه النقطة ليوسعها لمناوراته التي جعلت من أبناء الشعب الكوردي وقود في كثير من الأحيان لثورات الخارج الكوردستاني على حساب الوجود الكوردي في الداخل السوري ومنها الدعم الكبير ولا محدود ل(pike ) في تركيا، كما أن الكثير من الأحزاب الكوردية ومن المساحة الفارغة لها في الملعب السوري وبمباركة النظام جعلته اللاعب الأول في فترة من الزمن على الساحة الكوردية في سوريا، وهذا الساحة كانت تتسع للكثير من المناوشات الكوردية الكوردية وخلافتها وانشقاقاتها والتي تعاني منه إلى الآن، أآما ما يعنيه الخارج بالنسبة للكورد في أوربا والدول الغربية لم يكن في يوم من الأيام متداخلاً بهذا الحجم وذلك بسبب الهجرة الكبيرة في الآونة الأخيرة إليها حيث أرتبط الداخل بالخارج الكوردي في أوربا مما جعل التواجد الكوردي مع توفر الحرية كقوة ضغط على النظام السوري، وبخاصة بعد الأحداث الدامية في آذار من عام 2004وبسب تطور الاتصالات بين الخارج والداخل والذي جعل من السيادة الوطنية بمفهومه السابق أمراً لابد من مراجعته لأنها بنيت في فترة الحرب الباردة، والتي انتهت لصالح قوى التي تتدخل في سبيل اختراقات حقوق الإنسان وبحجة الإرهاب  
  و أما سبب ارتباط الداخل السوري بشكل عام مع الخارج العام فيمكننا أن نجزئ في تفاصيله الكثير ففي البداية لا بد من الانطلاق من الخلفية الإسلامية لغالبية الشعب السوري والذي يجعله مرتبطاً بالدول الإسلامية وباعتبار أن دمشق هي عاصمة الدولة الأموية والتي أسست للدولة الإسلامية الأولى والتي انتقلت من حالة البداوة إلى الحالة المدنية على يد معاوية وأولاده وأحفاده، والتي يدرسها المسلمين في جميع دولهم وبصرف النظر عن أحقيتهم بالخلافة والسلطة أو عدم أحقيتهم وكيفية أستلائهم على السلطة، وبذلك تكون سوريا المكان الحيوي الذي يقصده المسلمين، والمسلمين بأجزائه يمكننا أن نقمسهم إلى شيعة وعلويين سنة ودروز إسماعيليين ولكل منهم ارتباطه الخارجي مع محيطه سواء في دول الجوار أو دول البعيدة نسبياً موقعاً والقريبة مذهباً، كما أن امتداد المسيحيين في الخارج البعيد مسافة والقريب أيضاً ديانة، والعرب بالارتباط بمن حولهم وهم يؤلفون الأكثرية على أساس الأثني يجعله يقع في نفس الإشكالية الكوردية والتي يلعب فيها النظام لعبته باستغلال الصراع الدائر مع إسرائيل لتجنيد الداخل في سبيل مواجهة الخارج، ويعمل على تأجيل ما يتعلق بالكل الداخلي سواء من حيث الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، والحريات العامة من حيث تشكيل الأحزاب والتجمعات   يجعل من سوريا، محط أنظار الخارج العربي والذي يرى فيه بأن النظام السوري الوحيد هو حامل لواء العروبة مثلما كان صدام حسين حامي البوابة الشرقية في العراق ولكن على حساب الداخل السوري والذي يعاني من الفساد وغياب للحريات وسيطرة النخب المخابراتية على حساب الفئة السياسية والمغيبة أصلاً في الداخل السوري ،وكما أن النظام يقوم باختزال الضغوط الخارجية على مزاجه الخاص ويجعل منها سبباً إضافياً لقمع الداخل ومن خلال هذه التشعبات التي لا يمكنني فصل الداخل عن الخارج ولا بشكل من الأشكال وبخاصة في السياسة والتي هي اللغة الموجودة الآن في الساحة السورية ومن خلال الضغوط التي يعاني منها النظام في داخله السوري  المتحرك وخارجه الهائج مما يرجعني إلى تعريف ماهو الداخل : من منظور كبير إلى الأصغر فأصغر فجميع دول العالم على الكرة الأرضية هي الداخل بالنسبة إلى الفضاء الخارجي ومن ثم الرابطة بين كل قارة هي بالنسبة إلى القارات الأخرى هي الداخل والدولة بالنسبة إلى القارة هي الداخل ،وهنا لابد من القول بأن مفهوم الداخل هو مفهوم فضفاض لا يستطيع أحد أن يحدد معناه في السياسة ولا حتى في الجغرافيا .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…