كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مدى ارتباط الداخل الكوردي مع الخارج الكوردستاني والخارج بشكل عام ومدى تأثر الداخل به ولما كان لابد من الوقوف على هذه النقطة التي لم يقترب منها الكثير من الأحزاب الكوردية في سوريا، وذلك بسب الازدواجية التي فرضها الواقع الاستعماري في بداية القرن الماضي والتي جزأت الكثير من الأوطان ومنها الكوردي (كوردستان)بين أربع كيانات (سوريا وتركيا والعراق وإيران) حيث رسمت خصوصية كوردية لها من الجوانب السلبية والايجابية، فقد جعلت هذه الازدواجية من الحركة الكوردية واقعة بين فكي كماشة حيث تكون ثنائية الولاء فمن الناحية القومية تجد نفسها مجبرة على اتخاذ مواقف التضامن والمساعد مع أبناء جلدتهم في الأجزاء الباقية من كوردستان ومن ناحية أخرى ترى نفسها وفي واقعها المعاش مع باقي النسيج السوري تناضل في سبيل حقوقها الديمقراطية والوطنية والاعتراف الدستوري به،
و أما سبب ارتباط الداخل السوري بشكل عام مع الخارج العام فيمكننا أن نجزئ في تفاصيله الكثير ففي البداية لا بد من الانطلاق من الخلفية الإسلامية لغالبية الشعب السوري والذي يجعله مرتبطاً بالدول الإسلامية وباعتبار أن دمشق هي عاصمة الدولة الأموية والتي أسست للدولة الإسلامية الأولى والتي انتقلت من حالة البداوة إلى الحالة المدنية على يد معاوية وأولاده وأحفاده، والتي يدرسها المسلمين في جميع دولهم وبصرف النظر عن أحقيتهم بالخلافة والسلطة أو عدم أحقيتهم وكيفية أستلائهم على السلطة، وبذلك تكون سوريا المكان الحيوي الذي يقصده المسلمين، والمسلمين بأجزائه يمكننا أن نقمسهم إلى شيعة وعلويين سنة ودروز إسماعيليين ولكل منهم ارتباطه الخارجي مع محيطه سواء في دول الجوار أو دول البعيدة نسبياً موقعاً والقريبة مذهباً، كما أن امتداد المسيحيين في الخارج البعيد مسافة والقريب أيضاً ديانة، والعرب بالارتباط بمن حولهم وهم يؤلفون الأكثرية على أساس الأثني يجعله يقع في نفس الإشكالية الكوردية والتي يلعب فيها النظام لعبته باستغلال الصراع الدائر مع إسرائيل لتجنيد الداخل في سبيل مواجهة الخارج، ويعمل على تأجيل ما يتعلق بالكل الداخلي سواء من حيث الأحكام العرفية وقانون الطوارئ، والحريات العامة من حيث تشكيل الأحزاب والتجمعات يجعل من سوريا، محط أنظار الخارج العربي والذي يرى فيه بأن النظام السوري الوحيد هو حامل لواء العروبة مثلما كان صدام حسين حامي البوابة الشرقية في العراق ولكن على حساب الداخل السوري والذي يعاني من الفساد وغياب للحريات وسيطرة النخب المخابراتية على حساب الفئة السياسية والمغيبة أصلاً في الداخل السوري ،وكما أن النظام يقوم باختزال الضغوط الخارجية على مزاجه الخاص ويجعل منها سبباً إضافياً لقمع الداخل ومن خلال هذه التشعبات التي لا يمكنني فصل الداخل عن الخارج ولا بشكل من الأشكال وبخاصة في السياسة والتي هي اللغة الموجودة الآن في الساحة السورية ومن خلال الضغوط التي يعاني منها النظام في داخله السوري المتحرك وخارجه الهائج مما يرجعني إلى تعريف ماهو الداخل : من منظور كبير إلى الأصغر فأصغر فجميع دول العالم على الكرة الأرضية هي الداخل بالنسبة إلى الفضاء الخارجي ومن ثم الرابطة بين كل قارة هي بالنسبة إلى القارات الأخرى هي الداخل والدولة بالنسبة إلى القارة هي الداخل ،وهنا لابد من القول بأن مفهوم الداخل هو مفهوم فضفاض لا يستطيع أحد أن يحدد معناه في السياسة ولا حتى في الجغرافيا .