ذاك الدم الذي تلاقح مع دماء الآلف من بني الكرد، الذين كان المصير بالنسبة لهم سكان الآخرة على مقصلة الحرية، في أحضان تلك الرقعة التي ابتلت بشرور ثقافة، كان هدر الدم وهتك الكرامة سمتها، واكتوت بنار التوازنات والتصارع على المصالح بين أكثر من قوة وجهة، فكانت النتيجة أن يكون الدم الكردي مباحاً ومستباحاً على مر عقود من الزمن، وأن تكون الجغرافيا خصماً إضافياً لأبناء الجن، إذا ما تفوه بحقيقته على أنه متجذر ومتأصل في ذاكرة هذه الرقعة المجزأة، وفق خيارات لا يد له فيها ولا إرادة، والتي تعبر عن نفسها بلغة الأرض التي تسرد قصص الكرد، وتعبر عن هويتها على أنها هي ذاتها كردستان …
هي آذار الدم حين تنطق عن مكنوناتها، وحين تستعيد صور التاريخ منذ أن كان للكرد إرادة الحياة وإرادة الحرية، وهي آذار الفرح منذ أن أراد الكرد أن تكون للحرية رونقها وللإنسان لسان حاله، فكانت النتيجة أن يكون القدر محكوماً علينا في أن نعيش أفراحنا وأتراحنا ضمن الزوايا المنكسرة لهذا الشهر، بل في هذه الفسحة التي تتحول إلى سجن كبير كلما اقتربنا منها، وكلما أراد أحدنا إيقاد شمعة على أضرحة شهدائها، أو أرادت الفتاة الكردية أن تعبر عن ذاتها في صورة المرأة الكردية بزيها وألوانها ..
فالمساحات تتحول إلى طوابير من القبعات، والطرق إلى حواجز ونقاط التفتيش، ناهيك عن سياسة الترهيب والاعتقال، بحيث تختلج المشاعر وتتحول الإرادة إلى مجرد دمية متحركة وفق قوانين القوة وقوة الأمر الواقع، حتى نغدو – ومن حيث لا ندري – نتصارع على بعض النتفات التي تقذف إلينا من هنا وهناك، أو نكون متخاصمين على البعض الذي نسميه – وهماً – بالمكتسبات، وإن كنا ندرك تمام الإدراك – في قرارة أنفسنا – بأن كل ذلك ليس سوى مجرد وسائل مبتكرة – بفعل القوة – تهدف إلى سد الطرق والمنافذ أمام وصولنا إلى حيث التعبير عن مشاعرنا على أضرحة شهداء الهبة الآزارية، أو التفاعل مع ما حدث في حلبجة الشهيدة، أو حتى نعيش المنغصات ونحن نستقبل الفرح الكردي في نوروز الحرية ..
وفي آزار الدم والفرح، لا بد أن نجدد نسغ الحياة مع أولئك الذين يعيشون أتراحهم وأفراحهم خلف القضبان، وأولئك الأمهات الثكلى، بأننا لا بد وأن ننحني للشهيد ونمجد رسالة الحرية في يوم نوروز ..
وكل عام وأنتم بخير
وكل عام وإلى المزيد من التواصل والتفاعل في سبيل غد أفضل