ما بين جنيف2 و الادارة الذاتية

برزان شيخموس
 
شَهِدَ الشهر الاول من العام الجاري حدثين مرتقبين لعموم الشعب السوري والكردي على وجه الخصوص، أحدهما مؤتمر جنيف2 و الآخر اعلان الادارة الذاتية في المناطق الكردية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD”” وعدد من حلفائه. الحدثان آثارا الكثير من اللغط والمواقف المتباينة حيالهما خاصة في توقيت إعلان الثاني .

قبيل بدء أعمال المؤتمر الدولي كانت هناك قوى كثيرة تحاول الحيلولة دون مشاركة الائتلاف في المؤتمر الدولي خاصة بعد اعادة هيكلة الائتلاف وانتخاباته الاخيرة من خلال جدال واسع وانسحابات لبعض الاطر والقوى والشخصيات، في موقف مثير لإشارات استفهام كثيرة, ومع اعلان هيئة التنسيق لمقاطعتها,
 في حين أن الواقع كان تخلي روسيا عنها مما حال دون مشاركتها معلقة بذلك مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي” “PYD العضو في الهيئة و الذي بدأ حرب اعلامية عبر تصريحات قياداته و اعلامه المرئي والمسموع والمقروء , تارة بأن المؤتمر جنيف2 ميت قبل الولادة، وتارة  أخرى ان الوفد الكردي المشارك في المؤتمر لا يمثل الشعب الكردي، وتارة  اخرى مطالباً  بالاحتذاء بتجربة ادرته الذاتية التي أعلنها .

مع اقتراب ثورة الشعب السوري من اطفاء شمعتها الثالثة يتجلى واضحاً فشل الخيار العسكري في حسم المعركة مع عدم قدرة أي من الطرفين حسمها لصالحه لأسباب عديدة لسنا بصددها, وبات الان يطرح الحل السياسي كحل للمعضلة والذي يبدو اكثر واقعية في ظل الظروف الحالية و المفروضة دولياً.
لذا فأن قرار مشاركة الائتلاف في مؤتمر جنيف كان صائباً وشجاعاً و خطوة في الطريق الصحيح، كون المفاوضات و الحوار هو السبيل الوحيد في انهاء اي خلاف او نزاع،  و التاريخ مليء بشواهد مماثلة خاصة مع الاتفاق الدولي (الامريكي- الروسي ) على انعقاد المؤتمر حيث المشاركة لن تكلف المعارضة كثيراً و ستعفيها من مواجهة مع الاقطاب الدولية و هيئة الامم و قطع الحجة امام النظام الذي يراهن على عدم مشاركة المعارضة .
 من المؤكد ان جنيف ليست عصاً سحرية لكنها تظل بارقة امل للخروج من النفق المظلم, مع تشويه الثورة من قبل النظام باستقطابه لفصائل ارهابية تكون بديلة عن الثوار الحقيقين, في حين ان مشاركة النظام ستكون الخطوة الاولى في بدء المرحلة الانتقالية، كون جنيف 2 يستند الى قرارات جنيف 1 و الذي يقر بتشكيل هيئة حكم انتقالية تقود البلاد في فترة انتقالية مؤقتة،  والتي كانت سبباُ في ابعاد ايران التي لم تقر بمبادئ جنيف 1,  كما  سيكون المؤتمر حلاً سواء اكمل النظام المفاوضات او انسحب منها و الذي ستكلفه تبعات انسحابه .
اما عن مشاركة ممثلي الشعب الكردي في المؤتمر عبر لجنة العلاقات الخارجية للمجلس الوطني الكردي فهي تتطلب من كل كردي الدعم و المساندة كونها فرصة تاريخية لمشاركة ممثليه في مؤتمر دولي بخصوص سوريا و ليس للوفد الكردي أي ذنب في اقصاء احد كون القوى العالمية اتفقت على مشاركة وفدين صريحين وبالتالي اصطفاف المجلس الوطني الكردي الى جانب المعارضة السورية في خطوة جريئة منحته الفرصة، كون النظام وعبر حكمه لعقود خمس عاش على اقصاء الشعب الكردي و تجريده من ابسط حقوقه، و الوثيقة الموقعة مع الائتلاف تبين حجم الفجوة بين التزاماتها امام الحقوق الكردية – مع التحفظ على الفدرالية – من قبل المجلس مقارنة مع النظام , و من جهة اخرى فالوفد الكردي ممثل حقيقي للشعب الكردي بإقرار رئيس مجلس شعب غربي كردستان في المؤتمر الصحفي الذي عقد في هولير بعد المحادثات الاخيرة للمجلسين الكرديين حيث قرر المجلسان المشاركة بوفد مشترك في حال مشاركة اكثر من طرف من المعارضة ,اما في حال مشاركة وفد وحيد للمعارضة سيكون المشارك ممثل للمجلسين , كما اتفق الطرفين على وثيقة واحدة ستكون بالفدرالية كسقف للمطلب الكردي و الوثيقة الموقعة مع الائتلاف من قبل المجلس الوطني الكردي كحد ادنى .
مع كل ذلك يفرض على الكل دعم وفد الائتلاف و الوفد لكردي من ضمنه لأنهاء حقبة الظلم و السير نحو بناء وطن للجميع منتصرة فيها الثورة التي كانت سبباً في خروج المئات من انصار حزب الاتحاد الديمقراطي من سجون النظام و تكون بداية بناء دولة المواطنة التي تضمن حقوق الجميع لا الوقوف في موقف مثير لا يخدم القضيتين السوريا و الكردية من خلال الاعمال و التصريحات التي تشكل عبئاً على كاهل المفاوضين.
كما هو معلوم السيد صالح مسلم منذ اشهر يجهُد في أوربا  لأقناع العالم لإعطائه الفرصة للمشاركة في المؤتمر الذي يراه الان ميتاً في رحم امه, و لعل اعلان الادارة الذاتية في هذا التوقيف هو ايضاً ارباك للوفد الكردي خاصة توقيت اعلانه, الادارة كانت ستكون حقيقية لو كانت تمثل جميع اطياف الشعب الكردي لا شكلية و معلنة على طريقة السلف , مقصيه للشريك الحقيقي كما اقصي من الهيئة العليا , العمل و الشراكة الحقيقية و بالنوايا الصادقة كانت ستكون كفيلة لضمان الحق الكردي لا الادارة الشكلية مع وزراء شكليين لا يتقن وزير اتصالاتها تعبئة خطه من خلال بطاقة – على سبيل المثال –  كما ان عنصراً امنياً بمقدوره الغاء مراسيم واوامر ادارية  , في ظل تواجد النظام امنياً في عاصمة الادارة و باقي اراضيها ادارياً .
ان الاتفاق الدولي من خلال اقطابه الرئيسية هي من تضمن الحقوق كما في كردستان العراق بعد اتفاق واشنطن , خاصة في ظل حالة الفرقة و التشرذم , و ان عدم المشاركة مع القوى العظمة في المؤتمرات ليس له أي مردود و لعل تجربة انسحابات المجلس الوطني الكردي من اطر المعارضة و مؤتمراته كانت من اهم اسباب حرمان الشعب الكردي من المساعدات المقدمة من الدول المانحة  و بعده عن مراكز اتخاذ القرار .
كما ان لتجربة حزب العمال الكردستاني خير ما يجب الاستفادة منها رغم كل الضغوط العسكريّة التي كانت عليه، كان يمنح الحكومة التركيّة الفرصة تلو الأخرى. ثماني مرّات أعلن عن وقف إطلاق النار فاتحاً المجال امام المفاوضات التي تشكل الحل الحقيقي .
دائماً تكون النهايات الخاطئة امراً طبيعياً لبدايات خاطئة كما يسرده (ماو تسى تونغ ) في تحليله لطبقات المجتمع الصيني “ان السبب الاساسي في ان جميع النضالات الثورية الماضية في الصين لم تحقق الا نجاحات ضئيلة جداً يعود الى ان الذين قاموا بتلك النضالات لم يستطيعوا الاتحاد مع الاصدقاء الحقيقين ليهاجموا الاعداء الحقيقين ”   .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…