الإساءة إلى قيادات الحركة الكردية.. من العامِّ إلى الخاصِّ

خالد جميل محمد

يَــنْــدرُ أنْ تَــخْــلُــوَ سـاحةُ أيِّ إنسان من عيوبٍ ونواقصَ تدخل في إطار الخصوصيات التي لا يحق للآخرين التدخل فيها والخلط بينها وبين الأمور العامة التي تتعلق بعلاقة ذاك الإنسان بالآخرين وقضاياهم. وعلى النحو نفسه يَــنْــدرُ أن تكون ثمة عائلةٌ دون أن تكون فيها ثغراتٌ يخجل من فَضحِها أبناءُ تلك العائلة، حيث يتعذر وجود إنسان خالصٍ أو عائلة خالصةٍ صافية خاليةٍ من عيوبٍ قد تَــكـبـر أن تَـصْـغـر، لكنْ عندما ترتقي العيوب إلى مستوى الإساءة إلى الآخرين فيمكن نقد تلك العيوب بالقَدْرِ المناسب لها دون تضخيمها بصورة فضفاضة لا تنسجم مع الحجم الطبيعي لها.
ومقصد هذا أن كثيرين منا ينتقلون من نقد المواقف السياسية للأشخاصِ، وأخصُّ هنا قياداتِ الحركة الكردية السورية، إلى نقد المسائل الشخصية المتعلقة بشكلِ المنقودِ، هيئتِه، لباسِه، عائلتِه، أقربائِه، تسريحتِه، أسنانِه، طريقةِ تَكلُّمِه، حياتِه العاطفيةِ، أمراضِهِ ولونِ بَشرَتِه بعيداً عن جوهر القضية المطروحة للنقد في مجال المواقف والممارسات السياسية، لأن الاقتصار على الأحكام المتعلقة بالأمور الخاصة / الشخصية يعني جوازَ إطلاقِ تلك الأحكامِ على شخصيات مثل مانديلا وغاندي وغيرهما ممن لم يكن تقييمُ الآخرين لهم (غالباً) من منطلق الحكم عليهم من خلال شكلهم، لونِ بَشَرتِهم، حركاتِ أيديهم وأرجلهم، ثيابِهم وعائلاتهم، بل كان الحكم عليهم من خلال ممارستهم للسياسة. وهذا الكلام ينسحب على مَن ينقدون قيادات الحركة الكردية في الأمور المتعلقة بالشأن العامِّ، حيث أتَّفق معهم، لكني أختلف معهم في الخلط بين ما هو عامٌّ وما هو خاصٌّ وشخصيٌّ، لأن توجيه النقد في هذا المجال يُفقِد النقدَ قيمتَه، موضوعيَّتَه ومنطقيَّته، وينزِل به إلى مستوى أدنى مما ينبغي أن يرتقي إليه ليكون ذا فائدة للمنقود حتى يصحِّح خَطأَه وللآخرين حتى يكونوا على دراية بموضوعٍ قد يكون ذا صِلة بهم أو بقضاياهم التي تحتاج معالجتها إلى ملامسة تلك القضايا بعيداً عن تحريف مسارات النقد من العامِّ إلى الخاصِّ، حيث يُتَوَقَّع أن يتحسَّسَ الناقدُ نفسُه عندما يُرَدُّ على نقدِه بالمثلِ في إطار المسائل الشخصية والخاصة البعيدة عن جوهر القضية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…