مؤتمر جنيف2!…. قامشلي اليائسة أحق بالسؤال؟

د. كسرى حرسان

أيها السادة! ..
في الرقعة الجغرافية التي أعيش فيها ويقطنها الآلاف المؤلفة أمثالي من النسَم البريئة التي تقرأ من عيونها براءة الأطفال، أتحدث عن قرى وبلدات ومدن الجزيرة السورية وأعجلها على اللسان مدينة قامشلي المتعددة الجنسيات سكاناً…إنهم كرد، عرب، وسريان وأرمن وسواهم.

في هذه الأرض الطيبة لا يليق بي، وأنا أرمي إلى الإصلاح وسد الأود وترقيع الثغرات، أن أتحدث بالطيبة والسذاجة ذاتِهما، بل يملي عليّ واقع الحال اللهجة الشديدة والمناشدة الصارخة … حتى يسمعني الضمير الإنساني، لا في هذه المنطقة المصابة بآفات الإرهاق والعسف، ولكن أبتغي أن أصل بعويلي إلى العالم الحر الكامن خلف الآفاق.
فلا أظن الخطاب هنا يجدي نفعاً أو يقي من عثرة، فأرضٌ أرادها القوّامون عليها هكذا لابد أنها خرابٌ همَدُ من كل حياة وخاوية بلا حول.
فإني ومن هذا الموقف الشديد أهيب بكم لتعلموا مدى ما أحتقر لأجله ذاتي وأسوأ الاستهجان الذي أقابله به مقدرتي المنحطة…وأمثالي في هذا المذهب السلبي كثيرون سَوادٌ عظيم من المساكين مترامي الأطراف… كلهم مصابون شروايَ بداء الخجل من ذواتهم المُهانة حتى درجة التحكم بها من أضعف النفوس وأرذل حثالات المجتمع.
أيها السادة!..
وبما أننا أوهى وأوهن من أن نلوي أذرع قاهري إرادتنا فإنا لا نحير سوى الشكوى لسدتكم الشريفة … إن لسان الحالة الاجتماعية في قامشلي توابعها يستغيث جنابكم من أجل رفع الحيف الواقع به والملازم له كظله (تصور يا من يجهل ويستغرب … أن جرة وقود الغاز تكلف المواطن 7000 ليرة سورية وهي لا تكفي لعشرة أيام، في حين أن سعرها في العاصمة دمشق لا تتجاوزالــ 1100 ليرة سورية، وأن هذا مثال واحد فقط من بين الأمثلة التي لا تحصر).
فكيف يطيق المواطن المُعدم أن يدفع كل هذه التكاليف الباهظة الواحدة تلو الأخرى. وربما علِم قارئي العزيز أن شعبنا هنا بسواده طبقة فقيرة لا أكاد أستثني منه غنياً.
إذاً فثمة أيديولوجية سياسية ممنهجة من قبل من يسمون بقادتنا حين – كما يقال – أجهدوا النعجة الهزيلة بالحلب لتكون عرضة الموت أو نهب عواصف التشتت والفرقة والاغتراب، مادام الفقر في الوطن غربة، ليصبح الغنى في الغربة خير بديل عن وطن نحيل هزيل. ولكي أصوّر الحال تصويراً دقيقاً أتخيل كل مواطن وهو يجتر مرارة البؤس اليومي في حاضنته مدينة قامشلو واقفاً في فِناءٍ من منزله مستصرخاً أحرار العالم وراء الحجب منادياً بهذا اللسان: من ذلك الشهم الأبي ليقدم علاجاً ناجعاً لعللنا … فنحن في ضيق وكبد يعوزنا فيه فرج لتنفس الصعداء بعد طول اللهاث.
أيها السادة!..

حقاً إن الأرواح في قامشلي بريئة وبائسة، تماثل غصناً مياساً أمام إعصار ولضعفها تترنح كالسكارى وسط المعامع تحت رحمة الأشباح.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…