فلنضع الاصبع على الجرح

  صلاح بدرالدين

  في مقدمة إشكاليات الثورة السورية المندلعة منذ مايقارب الثلاثة أعوام ومن سوء طالعها أن العالم من حولها من الأقربين والأبعدين يحكمون عليها من خلال صورة – المعارضات – القاتمة السواد وخصوصا منها التي تحظى برعاية إقليمية وعربية رسمية واعتراف لفظي من جانب كتلة دولية تحت اسم أصدقاء الشعب السوري (المجلس الوطني السوري والائتلاف المنبثق عن الأول  بعملية ” قيطرية “) من دون الرجوع الى متابعة حقائق الثورة على الأرض كجزء من حراك ثورات الربيع وتجسيدها للإرادة الشعبية للغالبية الساحقة من مختلف الطبقات الاجتماعية والمكونات الوطنية والتيارات السياسية وأهدافها المعبرة عن طموحات الملايين لتحقيق الحرية والكرامة والتغيير الديموقراطي وماقدمت من ملايين التضحيات بين شهيد ومعتقل وأسير ونازح ومشرد ودمار شامل للمدن والبلدات وإزالة مصادر الرزق والعيش .
  في بلادنا ومثل تجارب أخرى في المنطقة سبقت الثورة – المعارضات – وظهر الحراك الشبابي السوري متقدما بحسه العفوي وشجاعته واقدامه على الأحزاب والحركات التقليدية – النصف معارضة – أساسا والقريبة من ثقافة البعث الحاكم في النظرية والممارسة واذا كان الشباب قد أدوا دورهم بنجاح في المراحل الأولى من الانتفاضة الثورية وخاصة بعد ظاهرة الانشقاقات عن الجيش والتحاق خيرة الضباط والجنود بصفوف الانتفاضة التي تحولت بعد اندماج تنسيقيات الشباب والتيارات الوطنية وفصائل الجيش الحر الى ثورة شعبية وطنية ذات أهداف وشعارات معلنة اتخذت نهج اسقاط نظام الاستبداد برموزه ومؤسساته وقواعده وبناه كأولوية رئيسية في كفاحها ومصلحة استراتيجية لجميع مكوناتها وأطيافها تليها مرحلة الكفاح السياسي مابعد الاستبداد ومتطلباتها في إعادة بناء الدولة الديموقراطية التعددية وصياغة الدستور الجديد وإقامة المؤسسات التشريعية بالانتخاب الحرتنبثق عنها المؤسسات التنفيذية والإدارية والقضائية .

  لم تمهل قوى الثورة المضادة المرتبطة عضويا ومصلحيا وثقافيا بنهج نظام الاستبداد الثورة طويلا ولم تكد تمر الشهور الثمانية الأولى من عمر الثورة الفريدة المميزة المتسمة بالنقاء الثوري حتى خرجت من جحورها ورفعت رؤوسها من الداخل وباسم الثورة والمعارضة فكانت الردة الأولى بتسلق – الاخوان المسلمين – مستثمرين الآيديولوجيا والجغرافيا والمال في خدمة مشروع – أخونة – ثورات الربيع والمنطقة والمجتمع وكان الاعلان عن – المجلس الوطني السوري – بطريقة الإخراج اللاديموقراطي وتسلط الإسلام السياسي وتجنيد شخصيات محسوبة – خطأ – على التيارات القومية والليبرالية والمكونات القومية والدينية والمذهبية بصورة الاختيار المزاجي وشراء الضمائر الضربة المميتة لتلك – المعارضة – من جهة والاختراق المؤذي للثورة من جانب قوى الردة ثانيا خاصة وأنها بدأت باستثمار المال والجغرافيا سلاحا في وجه الثوار ووسيلة لدحر النهج الوطني الديموقراطي العلماني داخل الثورة وخاصة في صفوف فصائل الجيش الحر لصالح توسيع وتعزيز نفوذ الإسلاميين وتضخيم دورهم وترويج شعائرهم بسبب وبدون سبب والتمهيد لهم إعلاميا عبر قناتي (الجزيرة والعربية) تحديدا (نحن نحترم عقائد شعبنا من كل الأديان والمذاهب ونجل كل المؤمنين ونميز بينهم وبين من يسعى لتسييس الدين وتديين السياسة وأخونة المجتمع وتكفير الناس وتخوين الآخر المختلف ) وبذلك قدم – المجلس السوري – بكل مكوناته وبدون استثناء خدمة كبرى للنظام وألحق الأذى بالثورة عن سابق تصميم وإصرار وتحول الى قناة أساسية لاستحضار ليس المئات من المدنيين الذين كانوا جزء من تركيبة النظام حتى الأمس القريب وتربوا على ثقافة النظام طيلة عقود من بعثيين ورجال أمن واداريين بل من الجانب الآخر كافة أنواع جماعات الإسلام السياسي من كل حدب وصوب في سبيل اغراق الثورة بهم وتضييق الخناق على القوى الديموقراطية كما نشاهد الآن على الأرض أفلا يستحق هؤلاء القيمين على المجلس السوري محاكمات ثورية عادلة ؟ .

 نجح جنيف2 في تحقيق أهداف الآخرين أم أخفق واستطاع إضفاء جديد على المشهد السوري أم عجز فان السوريين وأمام هذه التحديات المصيرية وشرور الثورة المضادة والحصار الكبير لثورتهم الفتية والمظاهر السلبية التي تغطي المشهد الوطني من كل جانب ليس لهم ولثوارهم وسائر وطنييهم الحريصين الا مواصلة التحدي والمزيد من الصمود أمام الموجة العاتية هذه اذا ماأرادوا تحقيق أمانيهم ولدى كل كبوة يجب العودة الى الشعب ومراجعة الماضي والتجارب السابقة بروية للخروج باستخلاصات مفيدة والبناء عليه للانطلاق مجددا نحو المستقبل ومازلت أرى أن الخطوة الأولى بهذه المراجعة الجذرية العميقة يجب وبالضرورة أن تبدأ بمجلس الاخوان وتنتهي به  .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…