افتتاحية الوحـدة *
كما أن دور حاملي الثقافة الوطنية الديمقراطية الذين بدؤوا بحركة احتجاجية جماهيرية تطالب بتغيير سلمي في البلاد ضَعُفَ يوماً بعد آخـر مع اشتداد وتيرة العنف ووقوع نتائجه الكارثية الشنيعة وتلقي الجانب القيمي في الثورة ضربات موجعة ، وبرزت عصبيات ما قبل وطنية وأفكار متخلفة ومناحرات مؤسفة لا ترى حجم وعمق المأساة التي يعيشها الشعب السوري ، وقد لعب المال السياسي أيضاً دوراً مؤججاً لمختلف أشكال الصراع وتلك الأفكار .
كل ذي بصيرة يرى أن الــبلاء الأعـظم الذي وقع على سوريا هو الخيار العسكري والعنف والعنف المضاد ، وهو الذي يحرق ويضرّ بالجميع وما من أحدٍ بمنأى عنه ، وهو الذي خرَّب البلد ويستمر في تدميره ، لاغالب فيه ولا مغلوب ، وإن لم تكن هذه الرؤية قناعةً لدى جميع الأطراف فلن نصل إلى حلٍ سياسي لأزمة سوريا يحقن الدماء أولاً ، وهنا يتوجب على النخب السورية أن تحتكم إلى العقل والمنطق وتأخذ بالاعتبار معاناة ومآسي الشعب بكل أطيافه وما مدى قدرتها على التحمل إلى أمدٍ آخر ، كما على القوى الخارجية أن تكف عن التعامل مع الشأن السوري وفق مصالحها وأجنداتها الخاصة ،… فـكفى للسوريين ذلاً وخذلانا .
إن المجتمع السوري بكافة مكوناته وشرائحه ، مطالب اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى ، أن ينبذ العنف والعصبيات ويلجأ إلى الثقافة الوطنية الديمقراطية ، ويضغط على النخب ويجبرها على التحلي بروح المسؤولية لتتجه نحو حلٍ سياسي في البلاد يحمي الجميع ويصون حقوقهم عبر بناء دولةٍ ديمقراطية تعددية برلمانية لامركزية .
* جريدة الوحـدة – العدد / 245 / – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) .