عبدة الأشخاص…. فوبية التزلم للظفر بالفتات (1/2)

شفان إبراهيم

-1-

لا يختلف اثنان على أهمية إطلاق الفكر للعنان, ولا نذيع سراً إن قلنا أن أي مجتمعاً أذا أراد الدخول في مصاف الدول الزاهرة, وحجز مكان له بين دول النظام العالمي المعاصر, يجدر به أولاً وقبل كل شيء؛ إفساح المجال أمام الطاقات الشابة والعقول اليافعة كي تتحرر من عقلية وسطوة القرون الوسطى التي لا تزال عالقة بمجموعة كبيرة من الشخصيات والتي بكل أسف تتبوأ مراكز هامة وحساسة في تجمعات ومنظمات مختلفة.
-2-
لنبدأ من الحالات الأكثر أهمية وسوداوية, أولئك الشباب الذين لا يزالون يصرون على حمل أمتعة رؤسائهم كما يحمل الحمار أسفاره, بكل تأكيد احترام وطاعة العمل الحزبي, أو المؤسساتي, أو الوظيفي, يُعتبر من أساسيات العمل الناجح في أية جهة كانت, لكن المعضلة تكمن في العمالة الشخصية وانجاز الأعمال الشخصية للمسؤول المباشر, ظناً من حمارنا إن حمل أسفار معلمه يحمل له مستقبلاً مشرقاً, ناهيك عن عمليات نقل الأخبار وتشويه الوجدان الشخصي, لعلها تجدي نفعاً لذوي السلطان المؤقت.

-3-
أما موضة الركض أمام الأشخاص لنيل الرضى والاستحسان فحدث ولا حرج, خاصة من قبل بعض الشباب ذوي الاختصاصات ومن يمكن أن يكون لهم مستقبلا باهراً بمجرد أن يكونوا من ذوي العقول المفكرة, والمعتمدين على التحليلات والتركيبات التي ستؤمن لهم مكانة بديمومة أكثر من لهثهم وراء سراب يؤمن لهم عظام مؤقتة

-4-
حقيقة ثمة استغراب كبير ينتاب كل شخص يؤمن بصوابية العمل المشترك القائم على مخرجات الفكر الفردي؛ هناك من لا يزال يؤمن بعقلية وأولوية تقديم شتى صنوف الولاء والطاعة العمياء على تقديم نتائج ومخرجات تعليم يمكن لها أن تكون صمام أمان لهم ولمستقبلهم, لهؤلاء شبيه مرتزقة القذافي….خسئتم

-5-
لنكن واقعيين قليلاً, ولكي نستطيع الحديث مطولاً عن هذه الآفة لابد لنا من تشخيص المرض, والتفكير بدوائه, والعمل على إزالة الورم بتطبيقات عملية
يدرك كل ذو عقل ومطلع على الواقع العياني للحالة الكوردية؛ أن ما آلت إليه حال اغلب التنظيمات من ترهل وحركات فضفاضة دون أهداف, وقفزات بهلوانية في الهواء, مرده إلى سوء التشخيص والإحجام عن إيجاد حلول مناسبة لها, وهذه الحالة التي نرى أن شباب يهرولون إليها لم تُنوجد عفوية أو عشوائية, بل أشُتغل عليها مطولاً وهو الشغل الذي لم يلجأ العديد من ذوي الشأن والقرار التخلص منه أو الابتعاد عنه لسبب بسيط؛ أن وجودهم مرتبط بوجود هذه الحالة التي توغل أكثر فأكثر في عملية الاستعجال بانهيار أي تنظيم. إن الركون إلى نظرية العمر الوظيفي أو العمر الخدمي لأي شخص في أي مؤسسة أو حزب أو تنظيم أو مركز, والابتعاد عن تقييم هذا العمر كله وتبيان عدد الخطوات الصحيحة والفعلية والعملية التي طورت ومهدت لبلورة نتائج فكرية وعملية وتنبؤات واقعية لمستقبل تلك الجهة التي يعمل ضمنها, يكون بمثابة دق المسمار الأول في النعش. لذا فلا بد من وضع النقاط على الحروف وإبعاد ذوي النفوس الضعيفة والمستندين على حالة فقدان التوازن بين الآخرين للبروز, والمعتمدين في تعاملاتهم اليومية والحياتية والعملية والحزبية على تناقضات الآخرين, ومفضلين مصالحهم الشخصية على مصالح أحزابهم وتنظيماتهم, وهذا ما لن يتم إلا عبر رسم رتم من الخطوات العملية اقلها شأناً تقديم ذوي الكفاءات والبدء بتطبيق العمل المؤسساتي

-6-
لكن هذه الأخيرة – المؤسساتي- هي الأخرى بدأت تشكو من تغلغل العقلية المرضية السابقة إلى أروقتها, وهي الأخرى أيضا لربما ستبدأ بحفر مهدها قريباً إذا لم تقلع بطريقة صحيحة وآلية سليمة عبر محطات وخطط وأهداف واضحة بينة وعبر إستراتيجية تعتمد على العقول لا على البطون, وتعتمد على ما يقع داخل الجمجمة البشرية لا عبر الابتسام للتزلف والرياء.

-7-
إن عجز هؤلاء عن التفكير المتعقل يحرمها من كل روح نقدية, أي من كل قدرة على التمييز بين الحقيقة والخطأ, وبالتالي حرمانهم من تشكيل حكم دقيق على الأمور, لأن هؤلاء لا يقبلون الأحكام إلا إذا كانت مفروضة من فوق, أي أنهم قد ففدوا أي إحساس بوجودهم وشخصيتهم وأهميتهم, بل باتوا يعيشون حالة القلق الوجودي من مصيرهم إذا انتفى التزلم والتواطؤ الوجداني, وهؤلاء يعيشون حالة الترف الشخصي والفكري حين يرون أنفسهم قبالة حالة غير قابلة للنقاش, وهؤلاء الذين لا يرتفعون من مستوى دودة الأرض للأسف هم عديدين, بسبب عجزهم عن تشكيل رأي خاص مستوحى من تجاربهم الشخصية في المحاكمة والتعقل

-7-

عودة على ذي بدء, إلى أولائك المتحذلقين بكذبهم, والمتألقين بتملقهم, والمتنعمين بتسلقهم, بكل بساطة أحذية أمهات شهداء الكورد أطهر منكم.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…