داعش وتركيا

بقلم عبدو خليل

تنفس الكثير من الثوار والمعارضين وبعض قادة كتائب الجيش الحر الصعداء، وهم يتابعون الانباء الواردة من ريف محافظة حلب وادلب وغيرها من المناطق. حول تقهقر القوة العسكرية لجماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام امام ضربات الجبهة الاسلامية وثوار سوريا الذين ضاقوا ذرعا بتصرفات داعش ، التي جاوزت حدود الصبر للعديد من ابناء الشعب السوري .

داعش التي ركبت موجة الثورة السورية ، وحررت المناطق المحررة اصلا من قبل مقاتلي الجيش الحر ، واستولت بقوة الحديد والنار على مفاصل الحياة في مناطق عديدة من سوريا، وراحت تقتل وتعتقل وتقيم اماراتها الظلامية الواحدة تلو الاخرى ، غير ابهة بمعركة الشعب السوري مع النظام الذي ترك لهؤلاء (داعش) الحبل على غاربه. ليفتك بهذه الثورة بعدما لعب ببوصلة اتجاهاتها.
في حقيقة الامر تنبع قوة داعش عدا عن كونها جزء من منظومة القاعدة  من مصدرين اساسيين بالدرجة الاولى، وهي انها  صنيعة جهازي مخابرات ، الاول سوري حيث بات الكل يعلم كيف اطلقت المخابرات السورية سراح المئات من مجاهدي القاعدة ممن عملوا في العراق ، والقي القبض عليهم عندما انتهى دورهم، وبقوا رهن الاعتقال لتناط بهم ادوارا جديدة بعيد انطلاقة الثورة السورية .
اما الجهاز الثاني وهو بالمناسبة جملة اجهزة تشكل هيكلية المخابرات الايرانية ، من باسيج وباسدران وغيرها. وكان قد سبق لهذا الجهاز ان اطلق بالتعاون مع حكومة المالكي سراح المئات ايضا من مقاتلي القاعدة بحجة قذرة وهي انهم هربوا من سجون العراق، كل هؤلاء توجهوا الى سوريا وشكلوا ما يسمى بدولة الشام والعراق والنصرة .
وبالعودة الى مفارقة داعش . وقد يسأل  سائل اين تكمن هذه المفارقة . تكمن في ان المعارضة السورية التي طبلت وزمرت لداعش والنصرة ومثيلاتها سرعان ما وجدت نفسها في موقف محرج ، او بالأحرى في فخ محكم عندما غضت الطرف عن داعش واخواتها .لا بل دافعت عنهم اعلاميا وسياسيا ، هذا ان لم نقل مدتها حتى بالمال والسلاح تحت حجة انهم جزء من منظومة الثوار، وسوريا كما قالوا دولة اسلامية ، وهؤلاء يمثلون شريحة اسلامها المعتدل هذا من جهة ، ومن اخرى تورط الاسلام التركي ايضا والمتطلع الى سوريا بلبوس اسلامي (اخواني) عندما دعمت هؤلاء الدواعش لدرجة انها اهملت ، لا بل حاربت ضباط الجيش الحر وقطعت عنهم المدد وصبت جام اهتمامها على هؤلاء .
مشكلة المعارضة السورية هي انها لم تمتلك الجرأة لثني تركيا عن دعمها هؤلاء وذلك لسببين اولهما تواطئ التيار الاخواني السوري وتسليمه الامر كاملا الى جماعة العدالة والتنمية التركي الاسلامي، وثانيا وجود هذه المعارضة في احضان تركيا لذا لم تشأ هذه المعارضة ان تزعج تركيا بالكف عن سياسية دعم طرف على حساب طرف وذلك خوفا على الدفء الذي تنعم به هذه المعارضة في فنادق اسطنبول وعنتاب .
لذلك استفاد النظام لدرجة انه توقف عن قصف او  ازعاج داعش واخواتها وكان دائما يصب جام غضبه على الشعب السوري مدركا اي النظام حقيقة ما يفعل ونجح في ذلك الى حد كبير.

خلاصة القول ان دك معاقل داعش من قبل ثوار سوريا الحقيقيين سيزعج بالتأكيد اطرافا اسلامية تركية فتحت لهؤلاء مطاراتها وبنوكها ومدتها بالسلاح ، وما يتمناه السوريون اليوم ان يكون رد فعل الاسلام التركي دون خسائر او ردات فعل حمقاء على الثورة السورية او اللاجئين او على كتلة المعارضة التي تتخذ من اسطنبول مقرا لها وان لا يكرر الاسلام التركي خطأه الفادح بوقوفه الفج مع مرسي مصر.
—————
*النقطة الحساسة: زاوية يكتبها عبدو خليل لموقع (ولاتي مه) وتبث عبر راديو نوروز سوريا اف ام 

لمتابعة الحلقات السابقة انقر هنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…