لا للصوص الثورة

  محمود كركي لكي

ظن الكثير أن الدكتاتوريات كالبنيان المرصوص لا يمكن قهرها ولا التغلب عليها واعتقد البعض استحالة انهيار ذلك البنيان , إلا أن الشعب السوري برهن للعالم عكس ذلك تماماً فها هي الإمبراطورية الاسدية تنهار وتهُزم إمبراطورية الظلم والقهر المتوارثة والمبدعة في اختيار أقسى واشد أنواع التعذيب والفتك ببني البشر .

وكما ظن الكثير استحالة الانهيار , ظن النظام السوري استحالة نهوض الشعب السوري من ركوده وثباته , إلا أن الانتفاضة الشعبية كانت ردة فعل طبيعية في وجه الظالم وبطشه دون أن يسري الخوف في عروق المتظاهرين من يد النظام الراجفة التي طالما اعتادت على قتل الشعب وسحق الأجيال السورية منذ عقود طويلة ,
 فقامت الثورة لتقول كفى ظلماً وطغياناً , كفى فقراً وحرماناً , كفى فساداً واستعباداً , ليقف هذا الشعب في وجه جلاده قائلاً بنبرته العامية البسيطة ” الشعب السوري ما بينذل ” كلماتٌ غازلت قلوب الشباب السوري ليبصموا بدمائهم العطرة على تراب الوطن ويقولوا لكل طاغية في العالم لا يأبه بكلمات الأحرار : فتات خبز الكرامة خيرٌ من موائدكم المزينة بالذل والهوان وخيامنا في العراء خيرٌ من قصوركم المبنية على آلام الضعفاء , انطلاقاً من هذه الكلمات أطلق الشعب السوري لحريته وكرامته العنوان , فضحوا بالآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين القابعين في سجون الظلام وأكثر من مليون ونصف من النازحين .

كلنا نعلم أن الشباب هم النسبة الأكبر في الحراك الثوري فقدموا أجسادهم وزهرة عمرهم قرابين يقتربون من خلالها إلى معالم الحرية دون أدنى خوف , وكانت أياديهم متغلغلة في كل النشاطات الإعلامية والاغاثية والطبية والمدنية وغير ذلك .

لذا فانه بات أمراً طبيعياً أن تقوم مختلف فعاليات الثورة السورية على امتداد تراب الوطن العمل في الفترة الحالية على إسقاط النظام الاسدي وأركانه القمعية ومحاسبة مجرميها في محاكمة عادلة تضمن للثورة صحة مسارها وحمايتها من لصوص السياسة الذين استغلوا الفراغ الثوري للثورة المباركة في الآونة الأخيرة , والعمل على حل المشاكل الأهلية والاقتتال الداخلي عن طريق التواصل مع الجميع , والعمل على مصالحة وطنية , والعمل بشكل جدي على بناء دولة مدنية ديمقراطية لا مركزية تضمن حقوق الجميع , وعدم المساومة على دماء الشهداء والتضحيات الذي قدمه هذا الشعب العظيم في المؤتمرات التي تجري واخص بالذكر هنا جينف 2 .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…