مؤتمرجنيف2 لمصلحة مَنْ؟؟

عبدالجبار شاهين

نعلم جميعاً أن غالبية الشباب في سوريا انتفض سلمياً عبر التظاهرات الجماهيرية من أجل التغييروبعض الاصلاحات والاحتجاج ضد الظلم والقمع الذي مارسه النظام الأمني البعثي ضد ابناء الشعب السوري لأجل انتزاع حريته من نير النظام الدكتاتوري وحفظ كرامتهم لكن النظام الأمني البعثي استطاع أن يحول مسار الثورة السلمية باتجاه التسليح لخلق ذرائع التبرير لقمعه الدموي للاحتجاجات السلمية في البداية وقد نجح النظام في ذلك وتحولت الثورة السلمية الى كفاح مسلح لاجل اسقاط النظام الدموي ولحق ما لحق بسوريا من دمار وخراب قد لا يمكن اعادة بناء سوريا لعقود من الزمن والضحايا تجاوزوا المئتان الف شهيد ويكاد لا يخلى بيت في سوريا وإلا فيه مأساة من مآسي التي خلفها النظام البعثي.
لقد تحولت جغرافية سوريا إلى ملعب دولي وإقليمي كل الفرق اصبحت تلعب في الملعب السوري وموقع الشعب السوري في هذه المباراة الدولية في ستاديوم سوريا الدولي هو الكرة نفسها ، هناك من الدول من ساند النظام بقوة وأخرى دلت بدلوها بين صفوف المعارضة لتسويق مصالحها واجنداتها في الداخل السوري لكن حلف النظام البعثي كان ولا يزال أقوى ليس حباً وعشقاً للنظام الدموي انما حرصاً على مصالحها والبحث عن دور قيادي على المستوى اللعبة الدولية أو استرجاع هيبة بعض الدول على الساحة الدولية لدورها كقطب قوي على الصعيد الدولي فكان الدعم الروسي من هذا المنطلق دعماً قوياً على الصعيدين العسكري والدبلوماسي وكذلك بالنسبة للصين وكن أخف من الدعم الروسي ،وكما نجد تدخل  النظام الملالي في إيران بشكله السافر وبالتدخل العسكري المباشر لقمع الثورة السورية ليبرز كطرف قوي في المعادلة بالتعاون العسكري المباشر مع حزب الله اللبناني فبعد مرور ما يقارب ثلاثة سنوات على الثورة السورية نجد أن النظام لا يزال قائماً وبقوة في الكثير في المناطق ومراكز المدن الكبيرة سببها كل هذه التدخلات الدولية والإقليمية.
أما على صعيد المعارضة فنجد هناك الكثير من التناقضات في صفوف المعارضة السورية المتمثلة بداية بالمجلس الوطني السوري مروراً بائتلاف قوى المعارضة والثورة إلى هيئة التنسيق الوطنية التي ترى نفسها من المعارضة على الصعيد السياسي والدبلوماسي إلى تشكيلات الجيش الحر في الداخل على صعيد العسكري .
إن حجم التناقضات الموجودة في صفوف المعارضة يعكس حجم التناقضات الموجودة بين الدول الإقليمية المساندة للمعارضة فأصبحت لكل دولة إقليمية جماعتها داخل صفوف المعارضة وبهذه الطريقة نقلوا ساحة تناقضاتهم الى الداخل السوري فما التكتلات الموجودة في صفوف المعارضة السياسية والعسكرية  إلا تمثيلاً لمصالح الدول الراعية لهم .
إن البحث عن حل سياسي يحقق طموحات الشعب السوري ويحقق الأهداف التي قامت من اجلها الثورة هو ضرورة ملحة إذا استجاب لإيقاف النزيف في سوريا وأدى بالنهاية الى تحقيق مطالب وأهداف الشعب السوري ،ولكننا نرى من خلال سير الأحداث على الصعيدين الدولي والإقليمي ومواقف تلك الدول تجاه مؤتمر جنيف2 لا يبشر بالخير مطلقاً ، كل ما يحضر في جنيف2 هو خارج إرادة الشعب السوري صاحب القضية الأساسي ، إنما عبارة صفقات مصالح دولية وإقليمية .
كما لا يخلى المعارضة السورية السياسية وحتى العسكرية من اختراقات أمنية من قبل النظام السوري مروراً بالمجلس الوطني السوري إلى إئتلاف قوى المعارضة والثورة إلى التشكيلات العسكرية المختلفة في صفوف الجيش الحر وهيئة التنسيق الوطنية القريبة جداً من مواقف النظام .
من خلال هذا السرد الموجز للأحداث على الصعيد الدولي والداخلي نجد أن موقف المعارضة في جنيف2 موقف ضعيف جداً نظراً للإملاءات التي تملى عليها من الاطراف الداعمة لكتلها المتناقضة وأهدافها المتبعثرة والغير متبلورة بشكل صارم فتارةً نرة موقفاً رافضاً من بعض أطراف كتل المعارضة لعقد مؤتمر جنيف2 وتارةً مشاركة مشروطة وأخرى مشتركة دون شروط مسبقة وهذا كله يعكس حجم تناقضات كتل المعارضة التي كل كتلة فيها تمثل مصالح الجهة الداعمة لها ، هنا نحن نقف أمام حقيقة جلية ألا وهي أن المعارضة السورية بهذه التركيبة لا ترتقي إلى مستوى طموحات الشعب السوري وأهدافه في اسقاط النظام الدكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي تعددي يدغدغ مشاعر كافة مكونات الشعب السوري.
إنني أرى أن مؤتمر جنيف 2 هو مؤتمر لصالح النظام البعثي بامتياز والمستفيد الوحيد في هذا المؤتمر سيكون النظام السوري بكل تأكيد فيما إذا لم يحقق هذا المؤتمر أهداف السوريون في إسقاط النظام وإقامة نظام ديمقراطي تعددي.
أما على صعيد الحضور الكردي لهذا المؤتمر  بالرغم من أن هذا المؤتمر سيكون كفة ميزانه راجحة لصالح النظام يجب أن يكون حضوراً كُردياً مستقلاً عن المعارضة والنظام لا لشيئ إنما للغموض الموجود في صفوف المعارضة العربية والنظام السوري بالتوازي تجاه القضية الكُردية وحقوق الشعب الكُردي .
على الأطراف السياسية الكُردية التخلي عن أنانيتهم الحزبية الضيقة لصالح المصلحة العليا للشعب الكُردي وأن يعملوا مجتمعين على انتزاع حقوق الشعب الكُردي وأن يعملوا باتجاه خلق معاهدة أو سع من التي عُرفت باسم معاهدة سيفر فالفرص في التاريخ قد لا تأتي ثانيةً ولا يمكن ان تعوض ولا يمكن بعد فوات الأوان اصلاح الأخطاء القاتلة فالمثل يقول : لا يفيد الندم بعد زلة قدم .
لكن ما يلوح في الافق كُرديا لا يبشر بأي خير ولا وجود لأي اتفاق يلوح في الأفق ويمكن أن يحصل بين أطراف الحركة الكُردية لشدة التناقض الفكري الموجود في صفوف الحركة الكُردية ، هنا من حسم أمره في بوتقة النظام ولا يمكن له أن يتحرك إلا بأوامر من النظام ومحوره المتمثل بحلفاء النظام من النظام الملالي في إيران إلى حكومة المالكي في بغداد فالنظام في دمشق والروسي في موسكو ، ان هذا الطرف الكُردي لا يمكن أن يتفق مع الأطراف الكُردية الأخرى المتناقضة كلياً معه وفي الإتجاه الآخر من المعادلة تماماً .
يبقى فقط أمام هذا التيار الكُردي المتحالف مع النظام فقط بعض الأحزاب الصغيرة الموجودة فقط كأسم حزب وليس كحزب له وجوده وبالتالي سيستغل هذا التيار اسماء تلك الأحزاب ويضعهم تحت مظلته ليقضي بواسطة اسمائهم أهدافه ومن ثم يتخلى عنهم بعد أن ينتهي دورهم لديه .
هذا الوضع المأساوي في الحركة الكُردية فيما إذا بقي على هذه الحالة وذهبوا الى مؤتمر جنيف2 مع هذ التناقض الكبير بالتأكيد سيذهبون الى ما هو مأساوي كُردياً في هذه المرحلة الحساسة وفي هذه الفرصة التي قد لا تأتي ثانيةً وبالتالي سيسارعون في جنيف2 إلى اتفاق شبيه باتفاق لوزان الشؤومة كُردياً .
هكذا نرى أن كل من المعارضة العربية والكُردية الخاسران الأكبران في هذا المؤتمر فيما إذا حافظتا على هذا الوضع المتشرزم الذي هما فيه، والرابح الأكبر بكل تأكيد سيكون النظام في هذا المؤتمر لذلك أرى أن هذا المؤتمر هو مؤتمر النظام البعثي الدكتاتوري بامتياز.
باريس 01122013

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…