«دمشق حبيبتي»

  عمر كوجري

قلت في نفسي: إن أبتعد عن دمشق لأيام سأنساها، وأنا المقيم بين زنابقها وحدائقها منذ أولى سنين الجامعة في كلية الآداب 1986 وإلى أواسط العام الراكض إلى حتفه..
كنت أقول إن الشام الجميلة صارت لا تجلب المتعة لنا نحن عشاقها..

فأصوات المدافع وراجمات الصواريخ، وطلقات مدافع الهاون العمياء والدوشكا والشيلكا وهدير طائرات الميغ، والارتفاع المنخفض لطائرات الهيلوكوبتر، وتلويح طياريها للضحايا قبل قتلهم، وارتفاع دخان الحرائق بين بيوتاتها الودودة، والموت الذي كان يترصّد أي شخص في الشارع أو في العمل أوحتى في سرير النوم..
كنت أقنع نفسي أن كل هذه المنغصات ستكرّهني بالشام وبرب الشام، وكنت أحضّر نفسي لأكره زنابق الشام ونرجس الشام وبردى وقاسيون الشام..
لكني يا دمشق، أعترف لك بأني فشلت، وإني أشتاقك كل لحظة وثانية,, وإني أحبك يا دمشق,,
حتى اليوم، وكلما استقللت حافلة، قال لي السائق: أين؟ أقول أحد هذه الأسماء الحبيبة: البرامكة- مشروع دمر- مساكن برزة – زور آفا- برزة البلد- ركن الدين- المزة- الصالحية- مقهى الروضة- نادي الصحفيين!!!
رغم وجه الشوفير الأعجمي، أنسى حالي أين أنا” مابعرف الله وين حاططني” فأتحدث معه باللهجة الشامية، ولا أستفيق من حلمي إلا عندما يقول: كاكا به كوردي قه سه ت بكه ي ، ئه من نازانم قسه ت بكم بزماني عه ره بي، به قورباني جاوي تو”
” يا أخي تحدّث معي بالكردية، فأنا لا أجيد التحدّث بالعربية، أقبّل عيونك” !!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…