زارا مستو
لا شكّ أن الولوج في قضية الإقصاء والتفرّد في العمل الحزبي الكردي في سوريا ومناقشته وتمحيصه تكمن في غاية الأهمية , حيث آن الأوان أن تتخلص الحركة الكردية في سوريا من هذه الظاهرة السيئة التي كانت علة أصيبت بها وما تزال تداعياتها مستمرة إلى الآن, فإنّ القضاء على هذه الظاهرة ومحاربتها وإزالتها في هذه المرحلة التي تتسم بالديمقراطية والرأي والرأي الآخر والتشاور والعمل الجماعي قد تكون أنسب و أنجع للحركة الكردية في سوريا.
إنّ ظاهرة الإقصاء والتفرّد في طوال الفترة النضالية الماضية كانت سبباً أساسياً في كثير من الخلافات والانشقاقات داخل الأطر الكردية , وإثرها نتجت ثقافة تخوين واتهامات وصرا عات لا مبرر لها, و ولاءات شخصية و حزبية ضيقة على حساب القضية والبرامج النضالية, لقد وصل الأمر في مرحلة من المراحل أنّ الشخص الأول في الحزب كان هو الذي يدير الحزب حسب هواه دون أن يتشاور مع رفاقه وأن يتقيد بالبرامج الحزبية وكأنّ الحزب ملك خاص به , ومازالت معظم الأحزاب الكردية تعرف بأسماء مسؤولي الأحزاب.
ومن آثار ذهنية الإقصاء والتفرّد أيضاً عدم انخراط والتزام الفئات من أبناء الشعب الكردي وخاصة المثقفين بالعمل التنظيمي الحزبي حيث ظهرت فجوة واضحة بين المنظمات السياسية الكردية والمثقفين الكرد والفئات الأخرى من أبناء الشعب الكردي لكن بعد انتفاضة آذار أصبح الوضع مختلفاً قليلاً حيث التف واتجه البعض إلى الحركة الكردية رغم ملاحظات كثيرة على أدائها , وبقي ارتقاء النضال الكردي طوال الفترة الماضية ضعيفاً رغم امتلاك هذه الحركة تجربة تمتد قرابة نصف قرن , ومع هذا خلد ت الأحزاب الكردية في أطر تقليدية لا تمتلك إرادة فعل حقيقي بحكم تقيدها بثقافة الإقصاء والتفرّد والنفي والتشقق.
إنّ ذهنية الإقصاء والتفرّد الموجودة داخل الحركة الكردية تعود جذورها إلى العقلية العشائرية التي ما تزال آثارها تعشعش لدى البعض رغم التحولات والتغيرّات التي تجري من حولنا.
إنّ ذهنية الإقصاء والتفرّد الموجودة داخل الحركة الكردية تعود جذورها إلى العقلية العشائرية التي ما تزال آثارها تعشعش لدى البعض رغم التحولات والتغيرّات التي تجري من حولنا.
والبرامج التنظيمية الأستالينية التي تعتمد على المركزية في العمل الحزبي هي سبب آخر من أسباب انتشار هذه الذهنية, فإنها تحضّ على التفرّد والإقصاء في العمل الحزبي فإنّ معظم الممارسات والمصطلحات التنظيمية التي تستخدمها الحركة الكردية هي من نتاج تلك المرحلة .
والثقافة الموجودة في المنطقة بشكل عام قائمة على الإقصاء والإنكار والإلغاء فإنّ معظم الأنظمة التي تحكم المنطقة تقوم بإقصاء شعوبها وتمنعها من المشاركة في الحكم, وممارسة حقوقها الدستورية , ولذلك نجد أن أغلب الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية سواء كانت الكردية أم العربية متأثرة بثقافة هذه الأنظمة ,لا شكّ في أغلب الأحيان أن الأنظمة غير الديمقراطية تنتج المعارضات غير الديمقراطية .
إذاً فإنّ مواكبة المرحلة والاستفادة من تجارب الشعوب الديمقراطية في هذا المجال بات ضرورياً , حيث تقع على عاتق الحركة الكردية ومثقفيها سواء الذين يناضلون في أطر تنظيمية أم خارجها أن يضعوا حدّاً لظواهر الإقصاء والتفرد والممارسات غير الديمقراطية التي لا تليق بالمرحلة وواقعنا, فإنّ الممارسات العملية الديمقراطية ونشر ثقافتها ولو كانت على مستوى تنظيم أو جمعية وفق معايير معينة قد تكون هي كفيلة ببناء نواة حقيقية للفكر المؤسساتي ثم وصولاً إلى الثقافة الديمقراطية في حركتنا الكردية .
إذاً الذهنية المؤسساتية الديمقراطية في العمل هي كفيلة بمواكبة المرحلة وتغيّراتها في المجالات كافة .
إذاً الذهنية المؤسساتية الديمقراطية في العمل هي كفيلة بمواكبة المرحلة وتغيّراتها في المجالات كافة .