مُلاحظات قانونية حول الاتفاق التاريخي بين المجلس الوطني الكردي و الائتلاف

الدكتور محمد حسن  ̵  فرنسا  ̵    

قام المجلس الوطني الكردي بتوقيع اتفاق مبدئي مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والذي كان من نتيجته انضمام المجلس الوطني الكردي إلى قسم من المعارضة السورية.

في البداية لم نشأ أن نعلق على الموضوع وذلك لعدم قناعتنا بالطرف الأخر وثقتنا إلى الأن في نواياه (نقصد هنا الائتلاف) ولأننا لم نشأ الخوض في البحث عن الهدف من وراء خطوة المجلس الوطني الكردي التي تحتمل عدة تأويلات و نحتفظ لنفسنا بما استخلصنا إليه سياسيا ونترك الجواب لمن يمارس السياسة باسم الشعب الكردي ولمن هم أصحاب الاختصاص في هذا المجال.

كما أن أعضاء مركز ياسا قاموا بعمل جيد في قراءتهم القانونية لنص هذا الاتفاق و إننا نتفق معهم في كثير من النقاط إلا أننا ارتأينا في نهاية الأمر أن نوضح رأينا القانوني في مثل هذه الاتفاقيات التي يمكن أن تؤثر نوعا ما على الرأي العام السوري عموما والكردي خصوصا وخاصة في مرحلة تشكيل سوريا الجديدة مستقبلا.

إن ما أثار حفيظتنا، وبغض النظر عن وجهة نظرنا في هذه الخطوة، هو أن بعض الساسة الكرد قاموا بتوصيف هذا الاتفاق بأنه تاريخي و هو انجاز كبير للشعب الكردي وهو أول اتفاق يحظى بهذه المُكتسبات و كأن أن الجانب الكردي سبق له وأن وقع اتفاقيات مع باقي الأطراف السورية من معارضة أو نظام!!! كل هذا دفعنا الى الشعور بالواجب لتوضيح بعض النقاط القانونية الخاصة بهذه الاتفاقية عسى أن يأخذ بها الساسة الكرد قبل التوقيع النهائي على الاتفاقية هذا إذا حصل في يوم ما… وبالتالي نقترح على المجلس الوطني الكردي الأخذ بهذه المُلاحظات التي لا نقصد منها إلا التنوير وإيضاح المسائل التي تحتوي على تأويل لا يخدم القضية الكردية في سورية.
 
أولاً: الاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية
فنحن نوافق الأخوة في مركز ياسا على وجود الفرق بين الاعتراف بالهوية والاعتراف بالشعب فالاعتراف بوجود الشعب الكردي في سوريا وبحقوقه القومية المشروعة يجب ان يكون صريحاً وواضحاً.

و نحن نرى بأن الشعب الكردي ليس بحاجة لشهادة من الائتلاف ومن غيره حتى يثبت بأنه كردي و يحصل على هويته القومية الكردية و نود أن نضيف إلى ما قيل عن هذه المسألة هو أن المطلوب ليس فقط الاعتراف بالشعب الكردي في سورية و أنه لتثبيت حقوق هذا الشعب يجب الاعتراف الدستوري بالوجود التاريخي للشعب الكردي في سورية كثاني قومية أساسية في البلاد.

 يجب توصيف هذا الوجود بالتاريخي لكي لا يأتي أحد (خاصة من الائتلاف وهذا حصل في الماضي طبعا) و يقول للشعب الكردي في سورية: أنتم مثل المغاربة الموجودين في فرنسا الذين جاؤوا إليها عن طريق الهجرة.

وبالتالي فإن المادة الأولى يجب أن تصاغ على الشكل التالي: (يؤكد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية التزامه بالاعتراف الدستوري بالوجود التاريخي للشعب الكردي في سورية وهو يشكل مع الشعب العربي القوميتين الاساسيتين في البلاد كما يلتزم الائتلاف بالاعتراف الدستوري بكامل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ضمن وحدة سورية، وباعتبار القضية الكردية جزءً أساسياً من القضية الوطنية العامة في البلاد).

ثانيا: اتفاق خالي من جدول زمني
وهذا ما لم يذكر في البند الثاني عندما نص على العمل على إلغاء جميع السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبقة بحق المواطنين الكرد ومعالجة آثارها وتداعياتها وتعويض المتضررين، وإعادة الحقوق لأصحابها.


الحقيقة تُقال إن هذا البند مهم للكرد و بالنظر إليه للوهلة الأولى يقول المرء إنه يُشكل انجازا للشعب الكردي ولكن إذا تمعنا في صياغته نكتشف أن صفة الالزام فيه ليست قوية بدليل كلمتي ( العمل على) فهذا معناه هو أن الحكومة السورية المستقبلية سوف تحاول إلغاء جميع السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية ويمكن أن يطول هذا العمل لأجل غير مُسمى.

فما يزيد الامر تعقيدا هو أنه لا توجد مدة زمنية لتنفيذ هذا البند، فكان يجب أن تتضمن هذه المادة  تاريخ البدء و الانتهاء في التنفيذ و إلا قد يستغرق الأمر عشرات السنوات طالما انه لا يوجد تقييد زمني.


و بالتالي تقترح أن يكون هذا البند على الشكل التالي :
أ ـ يلتزم الائتلاف بإلغاء جميع السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبقة بحق المواطنين الكرد ومعالجة آثارها وتداعياتها وتعويض المتضررين، وإعادة الحقوق لأصحابها و ذلك ضمن فترة زمنية تبدأ منذ تشكيل أول حكومة مؤقتة و تنتهي بعد سنتين كحد أقصى من تاريخ التشكيل.
ب ـ في حال عدم الالتزام بالمهلة الزمنية المُقررة يحق للجانب الكردي أن يُعلن عدم التزامه بهذه الاتفاقية واتخاذ ما يراه مناسبا.

ثالثا: النظام السياسي و شكل الدولة
ينص البند الثالث من الاتفاقية على أنه يؤكد الائتلاف أن سورية الجديدة دولة ديمقراطية مدنية تعددية، نظامها جمهوري برلماني يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات وتداول السلطة وسيادة القانون، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية بما يعزز صلاحيات السلطات المحلية.

لا نود في هذا الملاحظة التوسع كثيرا نظرا لأن البحث صغير و المُلاحظات كثيرة و لذلك سوف نحرص على الاختصار و السلاسة، كما أن مركز ياسا قد قام بهذا الأمر مُسبقا وشرح اللامركزية في هذا الموضع بشكل جيد.
هذا البند يؤكد على أن سورية سوف تكون مدنية رغم أن المجلس الوطني كرر مرارا على أنه يُريد سورية علمانية و ذلك على لسان قسم ممن فاوضوا الائتلاف في هذه الاتفاقية.

لا نعلم ما الذي حصل حتى أدى إلى أن يُغير المجلس توجهه في هذا المجال ولا نعلم هل يعلم المجلس ما يترتب قانونيا على تبني العلمانية أو المدنية لدولة متعددة القوميات والاديان و الطوائف؟؟؟ هذا بغض النظر عن موقفنا الشخصي على مدنية سورية أو علمانيتها.
أما فيما يتعلق بشكل الدولة فنتسأل كيف يُفسر المجلس مطالبته طوال الفترة المُنصرمة بالفدرالية لسورية وقوله أن هذا يُشكل أساسا لأي حوار مع المُعارضة والان يوقع  على نظام الدولة البسيطة مع صلاحيات إدارية.

حيث أن هذا هو معنى اعتماد نظام اللامركزية الإدارية بما يعزز صلاحيات السلطات المحلية.

فالموضوع يقتصر على تعزير هذه الصلاحيات التي يمكن أن يتم إضعافها من قبل السلطة التي عززتها.

و للملاحظة هنا هذا النظام هو شبيه الى حد ما بالنظام المُعتمد في سوريا في ظل حزب البعث لكن تطبيقه كان غير تام ،طبعا مع عدم ذكر اللامركزية الإدارية في الدستور السوري، حيث أن هناك نظام إدارة محلية في سورية ولكن بوزارة للإدارة المحلية التي تتدخل متى تشاء في شؤون الوحدات الإدارية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو من سيضمن تطبيق اللامركزية الإدارية بشكلها الموسع في المُستقبل؟ و ما هو معيار الصلاحيات الموسعة؟ وإننا نبالغ حينما نقول هنا صلاحيات موسعة لأن هذا لم يُذكر في الاتفاق ولكن نفترض أن هذا ما كان في نية المجلس اكتسابه!!! الاتفاق يتحدث عن تعزيز الصلاحيات وليس توسيعها واللغويون يستطيعون تفسير الفرق الغير واضح بين المُصطلحين.

فاللامركزية الإدارية على هذا النحو لا تلبي رغبات و طموحات الشعب الكردي التي أعلنها و عبر عنها في مرحلة ما بعد الثورة.

إن أقل ما كان يتوقعه الشعب الكردي هو حصوله على الحكم الذاتي في سورية.

ولا ندري ما هو الإنجاز التاريخي الذي يتباهى به البعض في هذا البند!!! هل كان من المتوقع وبعد كل هذا الاستبداد في الحقبة المنصرمة أن يتبنى الائتلاف حتى لو لم يتفاوض مع الكرد نظاما لا يُعطي صلاحيات للسلطات المحلية حتى لو كان الموضوع مكتوب فقط على الورق؟
و نسأل أيضا، على أي اساس قبل المجلس الوطني الكردي باللامركزية الإدارية بما يُعزز صلاحيات السلطات المحلية؟ أين هي خصوصية الكرد في سوريا في ظل هكذا نظام؟ هل أن لجان المجلس المتخصصة، إن وجدت، اشارت عليه بذلك؟ هل قامت هذا اللجان بوضع دراسة شاملة للوضع الكردي في سوريا من النواحي البشرية و الجغرافية والتاريخية والاقتصادية و العلمية وقامت بتقييم البُنى التحتية الموجودة في المناطق الكردية ثم ارتأت اللجنة القانونية إلى أن هذا النظام هو الأفضل للكرد في سورية؟ ماذا حصل بالفدرالية التي طالبوا بها لفترة طويلة؟ الفدرالية التي تعني المُشاركة  الفعلية في بناء سورية والاحتفاظ بالخصوصية الكردية.

هل ثبُت لهم أنه نظام غير ناجح وغير قابل للتطبيق في البلاد؟ أم أن الملاحظة التي أوردوها في نهاية الاتفاق تحفظ لهم حق الرجعة؟ للمعلومة نقول إن هذه الملاحظة لا معنى و لا قيمة قانونية لها فهي كما معناها مُجرد ملاحظة و لا تُعد بندا متفقا عليه و لا ندري لماذا قبل الائتلاف بذكرها !!! أيكون لإرضاء الخواطر وليشعر الكرد بالإنجاز التاريخي؟
اقتراحُنا بالنسبة لهذا البند هو أن يُضاف على الأقل الجملة التالية إلى أخره (مع ضمان الحكم الذاتي للكرد في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية سكانية)

رابعا : الالتزام بسياسات الائتلاف
فقد جاء في البند التاسع الذي ينص على أنه تلتزم القوى والأحزاب والشخصيات المنضوية في إطار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بالسياسات والبرامج التي يتم إقرارها في مؤسسات الائتلاف وفي المقدمة منها البرنامج السياسي.

بموجب هذا البند يلتزم المجلس بالسياسات و البرامج التي يقرها الائتلاف فهل لدى المجلس الوطني الكردي  بأعضائه ال 14  القوة الكافية لتغيير السياسات التي لا تتفق مع تطلعات الشعب الكردي في سورية؟ و ماذا يمكن أن يقول المجلس الكردي إذا تغاضى الائتلاف عن التنديد بالجرائم التي تُرتكب بحق الكرد؟ فقد يكون الصمت من سياسات الائتلاف!!! وهذا ما حصل بالفعل وما يمكن قد يتكرر في مواقع أخرى.

لا بل إن أحد نواب رئيس الائتلاف قبل شهر وعلى قناة الجزيرة و الكلام موثق قال: (شرق سوريا سوف يبقى شرق سوريا ولن يكون يوما غرب كردستان ولو يبقى منا طفل رضيع) وهذا ما تم تأكيده في هذا الاتفاق حيث يخلو هذا الأخير كليا من عبارة كردستان… فالسيد نائب رئيس الائتلاف مُستعد و في سبيل منع ظهور أي كيان كردي أن يقاوم حتى أخر طفل رضيع، فكيف يمكن للكرد أن يُشاركوا شخصا بهذا التفكير في بناء سورية التعددية؟ و نعقد ولا نجزم أن هذا الشخص كان أحد أعضاء وفد الائتلاف الذي فاوض المجلس، فعن أي إنجاز يتكلم بعض الساسة الكرد!!!

خامسا: اسم الدولة
و هذا ما جاء في البند العاشر من الاتفاق : نقول في هذا الصدد أن الأصل في الاتفاقات أن تكون المصطلحات فيها واضحة و مُعبرة ولا تحتمل اللبس و الغموض و التأويل و الإحالة.

سؤالنا هنا، لماذا لم يذكر الاتفاق بشكل واضح أن اسم الدولة هو الجمهورية السورية؟ هل يخشى الائتلاف على مشاعر بعض ذوي الأفكار الشوفينية من أعضائه الذين لن يقبلوا بغير سورية عربية؟  لماذا القول فقط ( فإننا نتبنى اسم الدولة في عهد الاستقلال)؟ والسبب طبعا هو لأن الثورة السورية العظيمة تبنّت علم الاستقلال كرمز سيادي لها.

فالمُبرر في تبني اسم الجمهورية السورية هو علم الاستقلال و ليس لأن سورية دولة فيها عرب و غير عرب و لا يجوز اطلاق صفة العربية عليها.

والحال هذه فإذا تبنت الثورة أو سوريا ما بعد الأسد لسبب ما علما أخر غير علم الاستقلال فسوف يكون للائتلاف أو للبرلمان مستقبلا (ذو الغالبية العربية) تغيير اسم الدولة و اضافة صفة العربية وربما الإسلامية على اسم سورية وذلك للسبب نفسه و هو تبني علم أخر للدولة.

وحينئذ لن تستطيع الاعتراض أيها المجلس الكردي لأن تفسير الضمني لهذا الاتفاق يقضي بأن تتبنى اسم الدولة بموجب العلم الذي تتبناه الثورة.
وبالتالي نقترح أن تكون صياغة هذا البند على النحو التالي: كما أن سورية تتكون من قوميات مُتعددة و من منطلق احترام وجود هذ القوميات تاريخيا في سورية، فإننا نتبنى اسم الجمهورية السورية لسوريا الجديدة.

ولا يجوز إضافة أية صفة عرقية أو دينية أو لغوية أو صفة أخرى على اسم الدولة.

سادسا: التمثيل الكردي في الائتلاف
لن نخوض في عدد الأعضاء الكرد من المجلس فالأمر برأينا بحاجة الى توضيح أكثر لأنه بموجب البند الخامس عشر عددهم 11 مع نائب رئيس الائتلاف حيث أن الاتفاق يعطي للمجلس حق التمثيل في الهيئة العامة بعشرة أعضاء اثنان منهم ينتخبون في الهيئة السياسية و بموجب البند السادس عشر لا يجوز أن يقل العدد عن 14 عضو فأين سيكون موقع الثلاثة الأخرون؟ أم أن البند السادس عشر يعني فعلا التمثيل الكردي و ليس تمثيل المجلس الوطني الكردي؟
ما يهمنا هنا هو أن القضية الكردية في سورية لم تكن معروفة للعالم قبل أذار2011 كما هي عليه الان و أنها بحاجة الى دعم دولي قوي يُساعد الكرد على تثبيت حقوقهم و بالتالي كان على المجلس الوطني الكردي أن يُطالب على الأقل بتعيين عضو منه على رأس إحدى سفارات الائتلاف خاصة في أوربا وإن لم تكن تشبه السفارات الفعلية.

حيث يتجاوز عددها الثمانية هذا بالإضافة الى مكاتب و ممثليات للائتلاف الموجودة في الداخل و الخارج .

هذا التمثيل الكردي في مثل هذه المواقع يُساعد الكرد على التواصل مع الشعوب الأخرى و قيادات هذه الشعوب و ايصال القضية الكردية إليهم إلى جانب قضية الشعب السوري.

ثم إن هذا أضعف الإيمان ولكي يُعبر الائتلاف فعلا عن نيته في أن يُشاركه الكرد في إدارة سورية المستقبل أن يكون الكرد مشاركون في تمثيل سوريا في الخارج.
هناك ملاحظة أخيرة أوردها كثير من الذين تابعوا هذا الموضوع وهي أن الوفد الكردي لم يضم خبراء في القانون و اللغة وكان هذا الأمر محط استغراب الكثير من القراء و النقاد ولكن الغريب في الأمر هو أن يُبرر أحد الساسة الكرد المعروفين هذا النقص بأن ذلك لم يكن يوما عرفا في تاريخ الحركة الكردية!!! ويتسأل: منذ متى تلجأ الأحزاب الكردية الى القانونيين في كتابة انظمتها الداخلية و برامجها السياسية؟ فهذا ليس في عُرف الأحزاب بما فيهم حزبه!!!
وهناك من قال و من داخل المجلس أن المُشاركين في الوفد الكردي حرصوا على أن لا يكون هناك قانونيين ولغويين لكي لا يؤثر وجود هؤلاء على امكانية مشاركة بعض السياسيين الذين يحظون بامتيازات السفر وغيرها.

ونحن نقول للمجلس ولكل الشخصيات والكيانات وبغض النظر عن كل ما يُقال بهذا الصدد ،فهذا لا يهم بحثنا، بأن هناك حقيقة لا يجب أن يغفل عنها أحد وهي أن التفاوض وكتابة الاتفاقات تكون باللغة العربية ومهما تمكنتم منها فهي ليست لغتكم الأم وبالتالي إن وجود المُختصين في القانون و اللغة معكم في الوفود ضروي من الناحية العملية.

فأنتم سوف تكونون مدعومين بأصحاب اختصاص تستعينون بهم قبل التوقيع و بهذا تستطيعون أن تلقوا باللوم على القانونين واللغوين إذا حصل لبس أو غبن بالحقوق الكردية وذلك بداعي أنهم لم يفلحوا في إعطائكم المشورة المناسبة و بالتالي لن تكونوا وحدكم مسؤولين أمام التاريخ بالتقصير تجاه شعبكم والتهاون في تقرير حقوقه المشروعة.

 و إذا شئتم، تستطيعون التواصل مع القانونيين و اللغوين من دون أن يكونوا أعضاء في وفدكم وذلك لكي يحتفظ كل حزب بحصته ومكانه في المفاوضات.

فانتم تستطيعوا أن تتواصلوا عن طريق شبكة الانترنيت وذلك فقط لطلب الاستشارة قبل التوقيع.

وإذا كان الأمر يحرجكم في الطلب من الاخصائيين الكرد فندعوكم الى طلب المشورة من غير الكرد من ذوي الشأن في هذا المجال ولا حرج في هذا لأن كل ذلك سيكون لخدمة قضية الشعب الكردي في سورية.

ونسير أيضا إلى أن الائتلاف أقوى منكم ماديا و تنظيميا و لديه كوادر متخصصة الان وأعضاؤه يتم اُستقبالهم من قبل رؤساء دول أي أنهم مدعمون سياسيا أكثر منكم بكثير وكثيرون هم من يقدم لهم المساعدة بجميع أشكالها لأجل ذلك كله أنتم بحاجة الى اخصائيين في جميع المجالات ليس فقط في القانون و اللغة.

في مثل هذه المواضيع الحساسة بالنسبة للشعب الكردي أنتم بحاجة على سبيل المثال  إلى مختصين  في التاريخ و الجغرافيا و الاثار وغيرها.
في النهاية لابد لنا أن ننوه الى أن الاتفاق لا ينص على وضع القانوني للغة الكردية في سورية، هل ستكون لغة رسمية في سورية كلها إلى جانب اللغة العربية أم ستكون رسمية فقط في المناطق ذات الكثافة السكانية الكردية؟ أم انه سيُسمح  للكرد فقط بتعلمها واستخدامها فيما بينهم كما باقي المكونات.

ونلفت النظر إلى أن هذا هو ما ذكره البند الثاني من الرؤية السياسية والمبادئ التأسيسية للائتلاف الوطني السوري حيث ينص على أنه :تعترف الدولة السورية رسمياً بمختلف المكونات القومية للمجتمع السوري، وتؤكد حقوقها في استخدام لغتها وتقاليدها الخاصة، وممارسة طقوسها في جو من الحرية يكفله القانون.
إن  باقي البنود في هذا الاتفاق جيدة وصياغتها جيدة هذا بالإضافة الى أنها تتضمن مواضيع هامة فيها مصلحة للشعب الكردي و خاصة ما يتعلق باعتراف الائتلاف بأن سورية فيها تنوع و هي بلد مُتعدد القوميات و الثقافات و الأديان وكذلك اعتماد النظام البرلماني لسورية المستقبل ولا نشك بأن الوفد حاول أكثر ما بالإمكان للحصول على هذا الاتفاق و خاصة أن عدد من هذه البنود كانت تُشكل خطوط شبه حمراء لا يتنازل عنها الائتلاف ومن قبله المجلس الوطني السوري.

وبالتالي لابد لنا من أن نقول بأنها خطوة نحو الأمام و نتمنى أن يكون هذا البحث الذي نقدمه مفيدا لمن يعنيه الموضوع.

كل ما نرجوه في هذا المجال هو أن يُشكل الكرد وفدا متكاملا باسم الشعب الكردي كله في سورية وليتفاوضوا مع من يشاؤوا و نحن كما هو حال كثيرين من المختصين الكرد  نبدي استعدادنا التام لإعطاء المشورة القانونية المُناسبة.

الدكتور محمد حسن  ̵  فرنسا  ̵    
دكتوراه في القانون الدستوري والدساتير الفدرالية
جامعة باريس الثانية  Panthéon Assas
E-mail : mohamadhasan77@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…