محمود عباس
والغاية الخفية التي يستند عليها رئيس أمريكا واهية ودونيتها لا تقبل حتى النقاش عليها، لأنهم كانوا السبب في ظهور كل الآفات ضمن الصراع الدائر على الأرض السورية، وهم جزء مشارك في الذي حصل ويحصل للشعب السوري وللوطن، ليس بتصريحاتهم الإعلامية ومواقفهم الكلامية، بل بتخاذلهم أمام السلطة والقوى التي ساندت بشار الأسد، وسكوتهم حول ما قاما به الهلال الشيعي وروسيا من دعم ومساندة من كل الأشكال للسلطة، ومن إدخالهم لتيارات تكفيرية منافقة تلبس الثورة وفي الواقع الميداني يدعمون السلطة، ومعظمهم من التيارات التي كانوا يستعملونهم في تدمير العراق، والإدارة الأمريكية والروسية وغيرهم يعلمون ذلك بكل تفاصيلها.
مد أوباما السلطة السورية فترة زمنية أخرى، كافية لتلملم أجزائها وإعادة حساباتها، أسبوعان وربما أكثر، وهي تندرج بعد الفترة الزمنية التي راجت في الإعلام حول مؤتمر جنيف الثاني والذي دخل الأرشيف الروسي، ولا يعلم بما حدث له، سواهم، متى سيظهر ويطفوا من جديد؟ وهل بنوعية مغايرة؟ هم والأمريكيين فقط يعلمون بذلك! وهنا السلطة السورية أصبحت لديها القناعة على أن الضربة لن تكون، وأن حدثت ستكون لصالحهم، مثلما هي الآن ومعها الزمن، لتفعل ما تقدر عليه ، من خلال استعمالها لجميع أسلحتهاالثقيلة ومن ضمنها ذات التدمير الشامل.
هذا فيما إذا قرر الكونغرس لصالح الضربه، فكما هو معلوم معظم الجمهوريين يضعون أسئلة محيرة أمام الإدارة الأمريكية، مشابهة لأسئلة حزب العمال البريطاني الذين أخذلوا رئيس وزرائهم وبقوة، منها: وماذا بعد الضربة العسكرية؟ وهل ستكون الضربة رادعة؟ وهل ستوقف بشار الأسد مستقبلاً عند حد معين؟ وهل ستكون الضربة لإزالته أو لتقوية المعارضة؟ وماهي الفوائد التي ستعود على الأمن الأمريكي والإسرائيلي، وهذا هو الأهم؟
وإذا حدث وكانت نتيجة القرار مشابهاً لقرار المجلس البريطاني حينها على الشعب السوري السلام، والرحمة على الوطن، لأن القرار العربي سيكون موافقاً مع القرار الأمريكي، وكما نرى حتى اللحظة أغلبية الدول العربية أصبحوا يبيعون الوطنيات على حساب دماء الشعب السوري، ويقفون ضد ردع السلطة السورية بضربة عسكرية خارجية، وهم متقاعسون في كثيره، وتبين نفاقهم في هذين الأسبوعين، ومدى عمق الفساد السياسي لديهم.
إذا وافق الكونغرس، واتفق الحزبين على الضربة العسكرية، فالقرار سيكون للرئيس وهو قد شدد مراراً على أنها ستكون ضربة عسكرية مقننة، لا جيوش على الأرض ( لا أبواط عسكرية على الأرض ) ولأول مرة في تاريخ أمريكا يصرح رئيس أمريكي بأن الحروب الجارية في الشرق هي صراعات مذهبية طائفية لا علاقة لأمريكا بها، ويبتعد عن القضايا الدولية وينأى بذاته عنها، والغاية هي أن يأتي الكل هناك في الشرق على إنهاء بعضهم، ومادامت هذه العملية يقوم بها شعوب المنطقة والسلطات الشمولية هناك والتي يريدها العالم الأمريكي والأوروبي، فلماذا التدخل الفضولي، وإنهائها بسرعة ستكون خسارة لقوى عديدة، وبناءً على هذه الطفرة السياسية الامريكية المتخاذلة الحديثة والغير مألوفة بين السياسيين الأمريكيين، ستبقى السلطة وسيبقى بشار الأسد، حيث الصمت العربي المخجل.
وذلك لأنه سيكون واثقاً بأن أمريكا نفسها سوف لن تزيله مهما فعل ودمر، ولا نستبعد مستقبلاً أن تقوم شبيحة بشار الأسد والميليشيات العلوية بإستعمال ما يملكون من أسلحة الدمار الشامل التي لديهم أو التي ستمدهم بها أيران وروسيا ضد الشعب السوري وضد كل من يعارضهم في الأبعاد.
لا شك أن القرار البريطاني المهين، والقرار الأمريكي الذي قننه الرئيس أوباما والذي سيخرج من الكونغرس، سيؤثران حتماً على معنويات الثوار السوريين وعلى المعارضة بشكل عام سلباً، فالسند الذي كانوا يعتمدون عليه بين على أنه هش وغير صادق، ولا نستبعد تقنين الدعم العسكري والمادي للثوار والمعارضة الخارجية مستقبلاً، وستصبح ورقة ضغط عليهما بقبول الشروط التي ستعرضها روسيا، لوضع حل سياسي وتشكيل سلطة مؤقته إلى حين إقامة إنتخابات عامة، قد يكون بشار الأسد موجوداً فيها، حتى ولو يرفضها كل وطني شريف.
لا نشك بمقدرات ثورة الشعب السوري، وبجدليتها، التي ستأتي على إزالة النظام الشمولي بكليته، حتى ولو طال الزمن، وعلى أن الثورة ستنجح، والشعب السوري سيقتنص من جلاديه، عاجلاً أم آجلاً، بمساعدة الدول الكبرى المتخاذلة أو بدونهم، ومعهم الدول العربية المتهاونة، لكن في الواقع الموجود الآن وضمن كل هذه السيناريوهات الجارية حالياً، تتوضح على أن بشار الأسد و الهلال الشيعي يربحون الصراع في الشرق الأوسط، وذلك لتخاذل الدول الداعمة للثورة، وجدية الدول المساندة للسلطة.
وتبين هذا على أن السلطات الشمولية لا يزالون يملكون التاريخ، والثورات تحتاج إلى فترة زمنية، لتنتهي سيطرة الأحزاب الإنتهازية وفي مقدمتهم نفاق وعبثية تيارات الإسلام السياسي.
التي أدت إلى إبراز الكثير من السلبيات، واستفادت منها الأنظمة الشمولية بخباثة وذكاء.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com