الواقع العياني للحركة الكوردية

شفان ابراهيم
 shivan46@gmail.com

إن الممارسة السياسية للحركة الكوردية في سوريا, ومن خلال تدرجها عبر مسار التناقض الذي وقعت فيه من خلال الحالتين المتنافرتين ( العمل السياسي_ المصالح الحزبوية والشخصية) تسببت بحالة حطام كوردي, علماً أن الحالة الطبيعية لعمل أي حزب في أي مكان هو الحصول على مكتسبات وتأمين مصالح, لكن لا يمكن سحب هذه الحالة على السياق التاريخي للقضية الكوردية, بكونها قضية عانت التهميش والإنكار, وفي الوقت الذي كان يجدر على الجميع اليوم العمل لأجل رفع الظلم والاضطهاد, أنصرف قسم كبير إلى تامين مكان لنفسه, ليصبح رقم من بين الأرقام, وبدون شك كان لهذه الأمور الأثر الأعمق في بلورة تنظيم اجتماعي هش ومتردد, وصحيح إنه لا يمكن نكران سنين الاعتقالات والسجون والتعذيب والضرائب المقدمة من لدن ” البعض” وبشكل خاص أولائك الجنود المجهولين الذين غادروا بصمت دون أن يعلم بهم أحد, وأمثال هؤلاء هم من يستحقون التقدير.

وفي السياق ذاته فإن الوصول إلى تحديد المراحل التي مرت بها الحركة منذ إعلان أول حزب كوردي عام 1957 وحتى اليوم وما تمخضت عنه الأحداث في نشوء كميات ضخمة من الأحزاب الكوردية, منها ما لا يتجاوز عدد أعضائها عدد أصابع اليد الواحدة, فإن هذا الوصول سيتم عبر دراسة مناهج, وأليات التفكير, وممارسات, وأنشقاقات, وتجاذبات سياسية, سنتمكن من تحديد المستوى الذي وصل إليه المجتمع الكوردي المحطم, كما سنتعرف على حالة العقل الكوردي في شتى الميادين ( الحياتية, المعرفية, السياسية) وسندرك إن كانت هناك أنجازات تستحق التقدير أم أن الأغلبية ليست سوى أرقام تزيد العبء على كاهل المجتمع.

دون أن ننسى أن أعداد كبيرا من السياسيين والأحزاب هم وليدة ظروف معينة, وانشقاقات حديثة, وحتى البعض مِن مَن يتبوأ مناصب قيادية لم يكونوا ضمن من قدموا التضحيات الجسام كي يستحقوا الوضعية التي يطالبون بها.

ويقيناً من الاستحالة بمكان الوصول الى حقائق واضحة من دون اللجوء الى اكتشاف القوانين الجاعلة لظاهرة الانشقاق في تزايد مستمر طول الفترة الماضية والمعوقات الحقيقية التي تمنع من الاندماج, علماً أن عملية الانشقاق كانت تتم بيسر وسهولة وسلاسة دون أي مضايقات أو مشاحنات, إلا أن حالات الاندماج والتوحد والعمل المشترك باتت تأن من   ضربات العقليات المنغلقة على ذاتها, ما يؤكد أن مصلحة غرب كوردستان تقع في آخر أولوياتها, فالتقارب والاندماج اثبت أن هناك من يبحث عن التقاربات والعلل الأولى لأي توافق, وهناك من يبحث عن التقارب كحالات نفعية باحثة عن السؤدد على المشهد السياسي بغض النظر عن الأهلية والإمكانات, وبكل تأكيد فإن غالبية الراكضين وراء السؤدد والتربع على العرش الكوردي ينتمون إلى الجيل الثالث والرابع من أجيال الدولة لدى ابن خلدون, حيث أنه ركز على أن الجيل الثالث يقوم على التقليد والاقتداء لكنه يعجز عن تقليد الجيل الثاني في كل شيء, فيكون تقليده مقصراً عن الثاني تقصير المقلد عن المجتهد, أما الجيل الرابع فإنه يقصر في تقليده لغيره جملة وتفصيلة, فيضيع الخلال الحافظة لبناء المجد ويحتقرها, وبذلك فإن (عدداً) مِن مَن ينظر إلى نفسه اليوم على أنه في الصف الأمامي لقيادة المجتمع الكوردي, ما هو إلا ابن الجيلين الثالث والرابع من أجيال الهدم والتخريب والتفريغ للدولة ولحياض الدولة, ويكمل ابن خلدون حديثه عن الدولة, إنها في حركة مستمرة وإن كان هناك مرحلة للهدم والانهيار إلا أن من سيأتي لاحقاً سيبدأ ويرمم وينهض بالأمة من جديد, وهو حال الشعب الكوردي الذي سيحول الحطام والركام الذي خلفته عقول متحجرة وكلاسيكية لتخلق سيستام ينشد العالمية وينقل الكورد إلى مرحلة ما بعد القومية, فالحرية فطرية ومودوعة في الإنسان ما دام يفكر ويمتاز عن سائر المخلوقات بالعقل والارداة والعمل, ولعل هجرة 20000 شخص دفعة واحدة إلى جنوب كوردستان هي وصمة عار على جبين كل من يجد في نفسه قيادة المجتمع الكوردي في غرب كوردستان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…