نحو مجلس عقلاء أو حكماء لكرد سوريا

حواس محمود
 
التطورت الدراماتيكية على الصعيد الكردي في سوريا ، تدفع بالمتابع والباحث إلى طرح تصورات وأفكار قد تتلاءم وتتناسب مع الحالة المرحلية التاريخية التي يمر بها الشعب الكردي، ارتباطا بتشابكات وتعقيدات الأزمة في سورية التي حدثت  بعد ثورة عارمة انطلقت من 15 آذار العام المنصرم
انعكاس امتداد الحالة السورية دون حل ، تمتد كرديا بشكل ضاغط وخطير ، سيما وأن الشعب الكردي قد أيد الثورة منذ انطلاقتها، لكن قوى تقليدية بالانطلاق من مصالح وأجندات قد لا تتناسب والمصلحة الكردية السورية خاصة والمصلحة السورية عامة،
 رأت أن تدخل في الجو الثوري وتحاول جره إلى مصالحها وأجنداتها الخاصة التي رغم رفعها لشعار القومية الكردية لكن ليس بالضرورة تحقيق مطامح وتأمين حقوق الشعب الكردي في سوريا ، طالما أن التفكير لديها قائم على نظرية الحزب الواحد والفكر الواحد والقائد الملهم ، ومن هنا حصل ويحصل الخلاف في البيت القومي الكردي وعلى أرضية الصراع على الامتدادية الوطنية السورية وتصادمها مع الإمتدادية القومية الكردية أو محاولة خلق هذا التصادم ، من هنا تأتي الضرورة الموضوعية المرحلية والتاريخية إلى أن تجتمع الأحزاب الكردية وتتفق على إنشاء مجلس عقلاء وحكماء لكرد سوريا من شخصيات ثقافية وأكاديمية ودينية متنورة ووطنية ومستقلة تتميز بالنزاهة والاستقلالية والحيادية تجاه كل الأحزاب الكردية وتتميز بالخبرة والإدراك والمعرفة الواسعة ، ويجمع عليها الشعب كما والاحزاب كهيئة تمثيلية شبه منتخبة أو كبرلمان مؤقت ، للادارة الفكرية للمناطق الكردية على الاقل في هذه المرحلة الانتقالية ، الادارة الفكرية أي ابداء الرأي في القضايا الفكرية المختلفة بين الأحزاب الكردية وتحديد الخطوط الحمر ، وتكون مهامها استراتيجية وفكرية واستشارية ، والأمر يتوقف على جميع الأطراف باعتماد هذا المجلس كمرجعية عليا يحتكم لديها واليها أثناء الخلافات الحادة أو أثناء الاشتباك السلاحي – لا سامح الله – كما حصل في عامودا،  ويمكن أن يتبع لهذا المجلس مجلس قضاء أعلى من مهماته البت بالقضايا الجنائية بين متخاصمين كرد

إن المرحلة حساسة ودقيقة ، والكرد مقبلون على مخاضات عسيرة وشاقة وطويلة وشائكة ، وطرح مثل هذا الموضوع في هذه الفترة من شأنه أن يحرك الرأي العام الكردي والالتفاف حول هذا المقترح بخاصة بعد أحداث عامودا المؤسفة والتي راح ضحيتها سبعة شهداء كرد نتيجة قتال كردي كردي وبعد واثناء ما جري ويجري من صراعات قومية ودينية ومذهبية في المناطق الكردية
وبحسب الخطاب السياسي الكردي فالكل يبحث عن حل للخلافات الكردية الكردية ، وهذا المقترح يأتي استجابة للحظة الحاسمة والفارقة في تاريخ كرد سوريا ، هناك أمر في غاية الأهمية أن اللوحة السياسية تتشوه كثيرا وتضيع بوصلة الوصول إلى تفاهمات مشتركة بانغلاق العديد من الأطراف في قواقعها الأيديولوجية أو الحزبية الضيقة ، أو حتى الفردية الضحلة ، وتبتعد عن الأخذ بمنطق العقل الذي يأخذ الأمور بروية وتمهل وإدراك وعمق
إن الطاقات الفكرية والأكاديمية متوفرة في الساحة الكردية وهي لا تستحق الإقصاء والإبعاد والتهميش ، ولقد حذر مثقفون كرد منذ البداية  – وكاتب السطور من بينهم – من أن التهميش للمثقفين لن يؤدي إلى نتائج ايجابية ، وأن المجلسين الوطني الكردي وغربي كردستان ، لن ينجحا في مساعيهما بالدفاع عن حقوق الشعب الكردي ، وصدق تحذيرهم بحدوث مشاكل عديدة وحالة احتقان كبيرة وهجرة كردية عارمة وكان آخر دلالة على هذا التحذير ما شهدته عامودا من أحداث مؤسفة وبخاصة يوم 17 – 6- 2013 ، والبارحة ديريك وحبل المدن الكردية التي تنكب على الجرار
مجلس العقلاء مجلس حضاري وخطوة تاريخية يمكن أن يأخذ شرعية شعبية ويكون بادرة قد تتعلم منها الشعوب  التي تمر بمراحل مماثلة لما يمر به الشعب الكردي في سورية
الأمر يتطلب نشر هذه الثقافة ثقافة التأسيس لمجالس العقلاء والحكماء والحصول على إجماع شعبي وسياسي كردي عارم
ومن دون هذا المقترح الأساس لا أجد جدوى من مناقشات وسجالات وخصومات فيسبوكية وانترنيتية وقضائية  ..

الخ ، وهي أشبه ما تكون في أن يغرق الراعي في النوم في الوقت الذي يقوم الذئب بنهش أجساد القطيع .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…

مصطفى منيغ / تطوان من الدولِ مَن صوتها يعلو وهي صامِتة ، تُسْمِعٌ عنها كلَّ أنباءٍ مُفْرِحة ، عملاقة لا تهتم بمن دونها مع الأفضل أفكارها مُعلَّقة ، متطلٍّعة للمزيد ما دام الرقي يُكتسَب عن إرادة غير مُصَنَّعَة ، حافظة أصلٍ بالابتكار الطبيعي المُباح نتائجه بالقبول الحسن مُشبَّعة ، مهما بلغ التطوُّر مِن تطَور به دوماً بجذوره مُشبَّهة ، وُجِدَت…

صلاح عمر لا أفهم، بل في الحقيقة، يصعب عليّ أن أستوعب هذا الإصرار العجيب – وهذا الإمعان في السخرية والتقزيم – من بعض أبناء جلدتنا، من أولئك الذين يتفاخرون بثقافتهم العالية و”نضجهم” السياسي على منصات التواصل الاجتماعي، تجاه أي خطوة تُحاول، ولو متعثرة، أن ترمّم البيت الكردي المتهالك… وآخرها، الهجوم المستغرب على محاولة انعقاد كونفرانس كردي موسع، يضم تحت مظلته…

اكرم حسين يحتدم النقاش بين الفينة والأخرى حول جدوى نقد “الإدارة الذاتية” في شمال وشرق سوريا، في ظل انقسام واضح بين من يعتبرها مشروعاً سياسياً واجتماعياً ضرورياً لإدارة المنطقة وحمايتها ، وبين من يراها نموذجاً سلطوياً يتزايد ابتعاده عن قيم الديمقراطية والعدالة والمساواة ، والسؤال الذي يُطرح بإلحاح: هل ما زال النقد مُجدياً ؟ وهل يمكن أن يُسهم في…