إنهم يفرغون الجسد من الروح..!

 إبراهيم اليوسف

“أيها الطارق باب سواك
افتح أبواب قلبك أولاً..!”
من كتابة “على لافتة كردية على معبر سيمالكا “
 

الحديث محرج في هجرة أهلنا كرد سوريا، إلى إقليم كردستان، محرج ولا حرج أبلغ منه، حيث لا يمكن للمرء أن يقول الكلام الفصل في من يعيش في مواجهة أصعب أنواع الحصار التي عرفتها مدن ثورات ربيع المنطقة، ناهيك عن خطر الموت الذي بات يهدد مناطقنا، في ظل المعادلة الصعبة: وجود النظام- غزو القوى التكفيرية- تفرد جهة كردية واحدة بالقرار العسكري، حرباً وسلماً،
 على أن يستمر ذلك: حاضراً، ومستقبلاً، في حساب المنولوج، وانعدام الثقة الكردية الكردية، لاسيما أن موشور الخطر بلغ حده الأعظمي، مادام رقم الهجرة في اليوم الواحد بات يصل إلى 7750شخصاً!!؟، وهو رقم مفزع في يوم من أصل ثلاثة أيام، والأبواب باتت تفتح للمهجرين من قبل الضفة الغربية، على مصراعيها، فجأة..- حيث حيرة وحساسية  ومخاوف المنع والقبول ، من قبل الطرفين، مقابل غلق الأبواب على الطرف الشمالي من كردستان، الهجرة خطيرة، الهجرة إزالة لوجود الكردي، إفراغ لمناطقنا، مدننا، قرانا، بيوتنا، تاريخنا، جغرافيتنا، وتحقيق لكل ما خطط له زبانية الفكر الشوفيني، وكان لسان حالهم ضابط المخابرات محمد طلب هلال، في كراسه المشبوه، المبين، ولا يمكن مخاطبة الناس: لا تتركوا أرضكم،  ودياركم، ووطنكم،  وهو “المطلوب” إذ أن سياسة “الأبارتايد” سائرة على قدم وساق، لتظلَّ هناك أسئلة كثيرة، منها: هل في مكنة الجهة المستقبلة تأمين مستلزمات كل هذه الأعداد من اللاجئين الكرد ممن هم بلا مأوى، وبلا مطعم، وبلا مشرب، وبلا مال،  وبلا مصد ررزق ؟، إن ذلك ليأتي في صمم سياسة الغرباء، في محاولة ضرب الجهتن ببعضهما بعضاً، لخدش صورة الكردي لدى أخيه، ناهيك عن سؤال آخر، هو في البال، أصلاً، من قبيل: لم لا يشيع من تكفل بأمن المنطقة ” الأمن” و”الأمان” والطمأنينة، كما هو مطلوب منه، بل لم لا يفتح هو أبوابه لأخوته الآخرين لتشكيل قوة كبيرة، تليق بأربعة ملايين كردي، تحت اسم شامل لجميعنا، دون أن تكون هناك رائحة أو سطوة حزبيتان، مهيمنتان، من قبل أي طرف، لاسيما وأن التعويل على مصالحة الذئاب مع مثيرات لعابه أمر في منتهى الصعوبة، وما يجري الآن في سري كاني -رأس العين – وحدها- ناهيك عما هو واقع في عفرين، و كوباني، وتل حاصل، و تلعرن، و كوباني…- يؤكد ذلك، كدرس من كتاب التجربة، والحكمة، لما يؤخذ به بعد، والمطلوب من أية جهة مستقبلة للكردي الهارب من شبح أكثر من تهديد إلزامه على التعهد بالعود إلى دياره، أنى زالت أسباب الخطر التي لا مستقبل لأحدها قط…!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…