ومازال كونفرانس الخامس من آب منعقدا

صلاح بدرالدين

لم يكن مرسوما في ذهن أحد أن يبادر سبع وعشرون  من مناضلي أول حزب كردي سوري من أصل أقل من مليون ونصف المليون من تعداد كرد سوريا آنذاك ولم يزل أكثر من نصفهم أحياء قبل ثمان وأربعين عاما وفي غضون عشر ساعات وبغرفة متواضعة في قرية ” جمعاية ” الى إعادة كتابة تاريخ الحركة الوطنية الكردية وملامسة جوهر الأزمة المتفاقمة آنذاك ووضع العناوين الأساسية للبديل الفكري والبرنامج السياسي الأمثل ووضع خارطة طريق فاعلة وناجحة لإنقاذ الحزب والحركة ووضع اللبنة الأولى في بناء التيار اليساري القومي الديموقراطي وتدشين الصرح المتين لمدرسة قومية – وطنية – ثورية تستهدي تعاليمها الأجيال المتعاقبة وتستوعب في صفوفها مختلف أصناف الوطنيين وفي كل زمان الباحثين عن غد أفضل للشعب والوطن
 واذا كانت قضايا الشعوب المصيرية لاتحل نهائيا ولاترسم لمرة واحدة والى الأبد في غالب الأحيان في غضون أيام وسنين وعقود فان القضايا التي التأم كونفرانس الخامس من آب من أجل التصدي لها مازالت قائمة وقيد الإنجاز وتزداد وضوحا بعد اندلاع الثورة الوطنية السورية وحتى لو اختلف الشكل بين مرحلة وأخرى فان الجوهر يبقى كما كان قبل نحو نصف قرن من الزمان ومن أبرزتلك المهام التاريخية المصيرية ” قيد الإنجاز ” :

 أولا – مسألة ترتيب البيت الكردي بجوانبه المختلفة على أسس سليمة على ضوء متطلبات مرحلة النضال الوطني الديموقراطي التي تجتازها بلادنا والتي تقتضي وحدة الصف والموقف في أطر تنظيمية برامجية تبدأ من الحزب وتنتهي بأوسع الجبهات والتحالفات صحيح أن كونفرانس آب جاء لاعادة بناء الحزب كسبب مباشر ومهمة سريعة والأصح أيضا أنه خرج فيما بعد ببرنامج لارساء تحالف جبهوي متين بين مختلف الطبقات والفئات والتيارات السياسية الوطنية الكردية المتضررة من الاضطهاد والقمع والسياسات العنصرية .
 ثانيا – مسالة تحديد موقع الحركة الوطنية الكردية في الصراع السياسي الداخلي والاجابة على السؤال التاريخي : هل مصلحة الكرد السوريين مع الحركة الديموقراطية والمعارضة الوطنية أم مع الأنظمة والحكومات ؟ وأين يكمن الحل النهائي للقضية الكردية في عمليات الصفقات مع السلطات الحاكمة أم في مجرى النضال الوطني الديموقراطي وعبر الحوار والتفاهم مع الشركاء أم في ظل الدكتاتورية والاستبداد ؟ وهل ينفع الكرد اعتبار حركتهم في خانة – الحياد – ووضع قضيتهم في بازار المناقصات والمزايدات مع من يدفع أكثر ؟
 ثالثا – صحيح أن حقيقة وجود الشعب الكردي لم تعد مسألة خلاف بين مختلف أطراف الصف الوطني وانحسارمقولة – الأقلية – حتى في خطاب اليمين القومي الا أن موجة المزايدة – القومية – بدأت تتلاطم لاحراج قوى الثورة والتغيير وخاصة من شركائنا العرب في حين كانت غائبة أيام سطوة النظام وحضوره الأمني في مختلف مناطق البلاد وذلك مراعاة لمشاعره والتزاما من اليمين القومي وكل المتعاونين مع السلطات بتعهداتهم والحاجة ماسة الآن الى تعرية المتاجرين بالمسألة القومية الكردية والذين يلحقون الأضرار بالصداقة والعيش المشترك بين المكونات الوطنية ويثيرون الفتن العنصرية في وقت نحن جميعا بأمس الحاجة الى الوحدة الوطنية والاجماع على أولوية مهمة اسقاط نظام الاستبداد  .
رابعا – مسألة إعادة التوازن الى معادلة القومي – الوطني كانت من أهم المنطلقات النظرية لموضوعات كونفرانس آب التي رسخت مبدأ أن للقضية الكردية السورية وجهان : قومي كردي ووطني سوري يجب التوازن بينهما في مختلف المراحل وفي المرحلة الراهنة ومنذ اندلاع الثورة الوطنية وبدلا من ترجيح الكفة لمصلحة البعد الوطني والتلاحم الكردي مع قوى الثورة في هذه الفرصة التاريخية التي تحمل مفتاح حل قضيتنا في خضم عملية التغيير الديموقراطي العام حدث خلل – مبرمج وقسري – لصالح البعد القومي الخارجي الحزبي وتحديدا في محاولة ربط المصير الكردي السوري بملف – ب ك ك – المليء بالألغام السياسية والمتناقضات وغير المحصن الفاقد للصدقية الى درجة أن جماعات الأمر الواقع – الآبوجية – بحكم سيطرتها المسلحة على الحدود المشتركة بدأت بمحاولة الاساءة لعلاقات الاخوة والاحترام المتبادل بين كرد سوريا وإقليم كردستان العراق التي بنيت على قاعدة متينة ومشاعر الود والاحترام لكفاح الأشقاء وتضحياتهم ولنهج البارزاني الخالد .


 خامسا – جمع كونفرانس الخامس من آب بين السياسي والثقافي وكان أمينا لمسيرة العطاء الثقافي لحركة – خويبون – وواجه الاضطهاد القومي والمخططات العنصرية ليس بالعمل السياسي المنظم فحسب بل بالنشاط الثقافي ونشر العشرات من الوثائق والأعمال التاريخية عبر – رابطة كاوا للثقافة الكردية – في لبنان ومن ثم إقليم كردستان واحياء الفولكلور عبر الفرق الفنية وتنشيط مساعي التعلم باللغة الأم ووضع خططا للتصالح بين الثقافي والسياسي في أكثر من مجال .
 سادسا – كان كونفرانس الخامس من آب سباقا الى صياغة البرامج حول مختلف جوانب القضية الكردية والنضال السياسي فطرح على الرأي العام وبمدة زمنية قصيرة برامج جبهوية مخصصة لكل من مستقبل العلاقات الكردية – الكردية والكردية الوطنية السورية والقومية الكردستانية ومازالت هذه المسألة الشغل الشاغل للوطنيين والناشطين الكرد ومثار الجدل والنقاش في الوسطين السياسي والثقافي .
 لايفوتني بهذه العجالة توجيه التحية الى جميع الأعضاء المجتمعين يوم ذاك وواجب الوفاء لكل من غابوا عنا من رفاقنا المساهمين وأخص بالذكر رفيق الدرب الراحل – ملامحمد نيو – والذين انضموا تباعا وأخص بالذكر الأستاذ الكبير الراحل – عثمان صبري – الذي سلمناه سكرتارية الحزب بعد عام من الكونفراس .
 ومازال كونفرانس الخامس من آب منعقدا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…