إعلان الصفير العام

حسين جلبي

أكبر جريمة إرتكبها بعضهم بحق الكُرد منذُ بدء الثورة السورية هي قيامهم بحمل السلاح و عسكرة المنطقة، فقد توجه ذلك السلاح الإشكالي أول ما توجه إلى صدور الكُرد أنفسهم و خيضت به معارك مشبوهة خسر بنتيجتها الكثيرين حياتهم و تدمرت بيوت كثيرة و هُجرت أعداد كبيرة من الكُرد من مدنهم و قراهم، في حين لم تطلق رصاصة واحدة من ذلك السلاح بإتجاه جنود النظام الذي إحتفظ بمواقعه في المنطقة كما هي، لا بل قام بتعزيزها مستفيداً من ذلك السلاح.
لم يجلب السلاح الإستعراضي إذاً الأمن إلى المنطقة الكُردية و لم ينجح في منع الإعتداءات على الكُرد، لم يوفر الخبز و الماء و الكهرباء و الوقود للناس و لم يمنع الهجرة الكُردية ـ إن لم يكن سببها الرئيسي ـ بحيثُ تغيرت التركيبة الديمغرافية للمنطقة لدرجة أنك عندما تسير في شوارع مدينة كالقامشلي تبذل جهوداً للتعرف فيها على وجهٍ كُردي فيها، فلماذا السلاح إذاً و هو لم يخدم الكُرد في شئ؟ لماذا السلاح إذا لم يكن للدفاع عنهم ضد عدوهم الذي هو النظام؟ لماذا السلاح و النظام لم يُبادر في الهجوم على المنطقة الكُردية أصلاً، و لم يكن هناك إحتمال بقيامه بفتح جبهة عسكرية على نفسه فيها؟
لماذا المُغامرة الآن بمصير الناس من خلال التحرش بالآخرين و دعوتهم للمنازلة و فتح جبهة ليس مع باقي السوريين فحسب، بل مع التنظيمات الأصولية التي يعجز العالم كله بقيادة أمريكا و الناتو عن مواجهتها؟
هل أصبح الكُرد السوريون أقوياء لهذه الدرجة؟ هل أصبحوا يمتلكون فائضاً من القوة تجعلهم يقدمون على خوض مغامرات كبرى على أراضيهم؟ أم أن المسألة هي أن المجموع لا يمتلك جرأة مواجهة المتلاعبين بمصيرهم؟ أم أن الحقيقة هي أن لا يمتلكون وعياً بما يجري حولهم، و لا يمتلكون بالتالي أدنى درجات التفكير الإستراتيجي؟
من يدعم الكُرد السوريين، حقيقةً؟ على ماذا يراهن الذين يقرعون طبول الحرب؟ من سيغيث الضحايا و يطفأ النيران إذا ما إشتعلت المنطقة؟
حسين جلبي
فيسبوك:

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   في دهاليز السلطة، حيث تتهامس الأقدار وتتصارع الإرادات، تُحاك خيوط اللعبة السياسية ببراعة الحكّاء الذي يعيد سرد المأساة ذاتها بلغة جديدة. تُشبه تركيا اليوم مسرحًا تراجيديًا تُعاد كتابة فصوله بأقلام القوة الغاشمة، حيث تُختزل الديمقراطية إلى مجرد ظلٍّ يلوح في خطابٍ مُزيّف، بينما تُحضَر في الخفاء عُدّة القمع بأدواتٍ قانونيةٍ مُتقَنة. إنها سردية قديمة جديدة، تتناسخ…

خالد بهلوي بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وإرساء أسس بناء الاشتراكية وظهور المعسكر الاشتراكي كقوة اقتصادية وعسكرية تنافس الدول الرأسمالية ومعسكر الحلف الأطلسي، انعكس هذا التوازن على العديد من الدول، فحصلت على استقلالها، ومن بينها الدول العربية. كما خلقت هذه التحولات قاعدة جماهيرية تنادي بضرورة الاشتراكية، وأصبحت بعض هذه الدول، وحتى الأحزاب القومية التي تشكلت فيها، تدّعي…

شكري بكر لا يزال موقف حزب العمال الكوردستاني غير واضح تماما من فحوى نداء أوجلان في تسليم السلاح وحل نفسه. هنا سؤال يطرح نفسه: هل رسالة أوجلان وجهها لحزب الاتحاد الديمقراطي في تسليم السلاح وحل نفسه؟الصفقات التي يقوم بها الـ PYD مع الشرع هنا وهناك دلالة للسير بهذا الاتجاه.أعتقد أن الـ PYD سيسلم سلاحه وحل نفسه عبر الإقدام على عقد…

صلاح بدرالدين   زكي الارسوزي من مواليد – اللاذقية – انتقل الى الاسكندرون لفترة طويلة ، ثم عاد يمتهن التدريس في دير الزور وحلب وغيرهما ، وله الدور الأبرز في انبثاق حزب البعث ، ومعلم الرواد الأوائل في هذا الحزب ، وقد طبع كتابه الموسوم ( الجمهورية المثلى ) في دار اليقظة العربية عام ١٩٦٥ ، وتضمن آراء ، وأفكار…