إبراهيم محمود
ما أثاره الدكتور برهان غليون في مقاله (عن الأحزاب الكردية والحكومة اللغم- ولاتي مه- 26 تموز 2013)، لا يخلو من شفافية في الرؤية وطرح الفكرة المتعلقة بالخارطة السياسية السورية المستقبلية، كيف لا، وهو باحث في علم الاجتماع، وله يد طولى في هذا المضمار، سوى أن الذي تحدث فيه يمثل نصف الحقيقة بصدد الكرد، والنصف الآخر ضدهم.
أقول صراحة، إن مجمل ما قاله عن الأحزاب الكردية وكيفية تفاعلها مع مستجدات الأوضاع السورية وتحولاتها حتى اللحظة يفصِح عن مقاربة تحليلية متزنة: سياسية وسيكولوجية وتاريخية آليةِ عمل هذه الأحزاب فيما بينها ومع الواقع،
لأن ليس المهم أن هذه الأحزاب تُستدعى بين الحين والآخر، وخصوصاً راهناً إلى ” هولير” وهي بمثابة ” جنيف” التصفية لخلافاتها وتسويتها، ومشكلتها تكمن في المعنيين بها باعتبارهم غير مؤهَّلين في العمق لأن يكونوا في مستوى التحديات، وتحديداً لأنها وجدت لتبقى، أي وهي على النقيض مما تنادي به.
وثمة براعة في تحليل غليون في سعي الأحزاب تلك إلى المزاودة على حزب الاتحاد الديمقراطي، ومزلق التصرف في فعلي “الدفاع والهجوم”، كونها لا تمتلك الأرضية الكافية للتحرك، ولا قدرة على استقطاب الجماهير التي تعتبر الواقع هو المحك، وبالتالي فإن ضعفها البنيوي والقائم على تاريخ تشرذمي، يتقدم بخلافات واختلافات يُجتهَد فيها تبحث هذه عن أسباب استباقية لها لاحقاً، كما أن وعي اللاقومي والتاريخي بالفعل، رغم تاريخ تكوينها الطويل نسبياً، مكَّنا حزب الاتحاد الديمقراطي ليس على الولادة والنمو المتسارع بمتوالية هندسية فحسب، وإنما كشاهد عيان على عدم مقدرتها على ربط القول بالفعل، رغم أن القول نفسه يشكو الكثير من الضبابية والاختزال كما أن الفعل يعاني من بؤس المحقق إن لم تكن انتكاسته بالتتابع.
أما في النصف الثاني من الحقيقة، فإن لدينا إشكالية كبيرة ومريعة، وفي المقدمة ما يشدد عليه غليون سورياً، وفي العموم، أي بعيداً عن أي تصور لما هو كردي قومي يتجاوز حدود سوريا، وما إذا كان لديه خارطة طريق للحل سورياً بعيداً عن الربط السوري كقطر بما هو قومي، أي عبر مفهوم” الوطن العربي” ليبقى الأكراد وليس الكرد أقلية إلى أجل غير مسمَّى.
غليون، كما أعتقد لديه حسابات قائمة بصدد دول الجوار، وتصور مشدود إلى التقليد الإقليمي، حيث يتبعثر الكرد، ولا أدري هل لديه خطة تالية ينتقل فيها الكرد مما هو محلي إلى إطار أوسع لعموم الكرد كردستانياً.
لا شيء مسمى في مقاله من هذا القبيل، إلى جانب مفهومه للمعارضة السورية وهو نفسه لا يخفي تخوفه منها، فكيف الوضع مع الكرد؟ وتحديداً لحظة النظر في مفهوم” الجيش الحر” وطبيعة تكويناته، وأي وعي قومي- ديني- وطني يغذّيه في تحركاته.
لا شك أن النظام مرفوض من قبل الكرد عموماً، وحتى من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي من خلال وجوه دعايته في المجمل، سوى أنه لم يستطع حتى الآن الإجابة على سؤالين متكاملين، هما: كيفية تأكيد فك ارتباطه بالنظام، وهو لما يزل يتحرك ويمارس نشاطاته أمام سمع وبصر النظام هذا في مدن ذات أغلبية كردية مثل قامشلو بصور خاصة، وكيفية تأكيد مفهوم الكرد كشعب واحد من خلال تعددية حزبية، لا يكون بديلاً عن النظام من جهة الشدة المركزية، أي تكون هناك شراكة حزبية وسياسية حتى خارج نطاق عمل مجموعة الأحزاب الكردية، وأرى أن حزب الاتحاد الديمقراطي لديه القدرة على تحقيق مثل هذه التعددية، وتخفيف حدة الاحتقان ليس في الشارع الكردي إنما السوري أيضاً، والتخفيف من حدة الشعارات التي تكلف الكرد عموماً وليس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وحده خصوصاً المزيد من الضحايا، إلى جانب مواجهة المزيد من الأعداد، أي حيث تكون هناك بعدئذ شراكة وطنية، بعيداً عن المناوشات الجانبية، وهنا سيكون دخوله بهو التاريخ من أوسع أبوابه، إذ إن ممارسة التعبئة النفسية وما يشبه النفير العام تحت مظلته في الغالب، دون نسيان جانب تطعيمي: أفراد من اثنيات أخرى في المناطق الكردية الطابع، لا يبدو أنها تدفع بنا ككرد صوب طريق مستقبل معبَّد.
في المختَتم، ربما كان من مستحقات الكرد في سوريا، لأن المقال يتعرض لهم عبر تنظيماتهم الحزبية، في ذمة الدكتور غليون أن يكون أكثر وضوحاً واعتدالاً في الشأن القومي: العربي ومفهوم السيادي ومدى ضمان بقاء سوريا بالطريقة التي يشير إليها بما هو إنشائي لافت وهو يتحدث عن ثورة الكرامة والحرية والديمقراطية السورية، وبالتالي فإن” لغمنة” المطالب القومية الكردية من جهة الأحزاب الكردية وكذلك حزب الاتحاد الديمقراطي، كمهّددة لسوريا المستقبل، ربما تقابل بصورة ما ” لغمنة” المعارضة السورية في خاصيتها التعميمية والمشهد المؤلم لتداعيات أحداثها المروّعة سوريا هنا وهناك .
إن إبطال مفعول اللغم بالصيغة المركًّبة يجعلنا أكثر تقارباً، كون اللغم يسمّي أرضاً غير مستقرة، وفيها أكثر من لغم، ربما بالطريقة التبسيطية لغليون في النصف الآخر مما كتب!
وثمة براعة في تحليل غليون في سعي الأحزاب تلك إلى المزاودة على حزب الاتحاد الديمقراطي، ومزلق التصرف في فعلي “الدفاع والهجوم”، كونها لا تمتلك الأرضية الكافية للتحرك، ولا قدرة على استقطاب الجماهير التي تعتبر الواقع هو المحك، وبالتالي فإن ضعفها البنيوي والقائم على تاريخ تشرذمي، يتقدم بخلافات واختلافات يُجتهَد فيها تبحث هذه عن أسباب استباقية لها لاحقاً، كما أن وعي اللاقومي والتاريخي بالفعل، رغم تاريخ تكوينها الطويل نسبياً، مكَّنا حزب الاتحاد الديمقراطي ليس على الولادة والنمو المتسارع بمتوالية هندسية فحسب، وإنما كشاهد عيان على عدم مقدرتها على ربط القول بالفعل، رغم أن القول نفسه يشكو الكثير من الضبابية والاختزال كما أن الفعل يعاني من بؤس المحقق إن لم تكن انتكاسته بالتتابع.
أما في النصف الثاني من الحقيقة، فإن لدينا إشكالية كبيرة ومريعة، وفي المقدمة ما يشدد عليه غليون سورياً، وفي العموم، أي بعيداً عن أي تصور لما هو كردي قومي يتجاوز حدود سوريا، وما إذا كان لديه خارطة طريق للحل سورياً بعيداً عن الربط السوري كقطر بما هو قومي، أي عبر مفهوم” الوطن العربي” ليبقى الأكراد وليس الكرد أقلية إلى أجل غير مسمَّى.
غليون، كما أعتقد لديه حسابات قائمة بصدد دول الجوار، وتصور مشدود إلى التقليد الإقليمي، حيث يتبعثر الكرد، ولا أدري هل لديه خطة تالية ينتقل فيها الكرد مما هو محلي إلى إطار أوسع لعموم الكرد كردستانياً.
لا شيء مسمى في مقاله من هذا القبيل، إلى جانب مفهومه للمعارضة السورية وهو نفسه لا يخفي تخوفه منها، فكيف الوضع مع الكرد؟ وتحديداً لحظة النظر في مفهوم” الجيش الحر” وطبيعة تكويناته، وأي وعي قومي- ديني- وطني يغذّيه في تحركاته.
لا شك أن النظام مرفوض من قبل الكرد عموماً، وحتى من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي من خلال وجوه دعايته في المجمل، سوى أنه لم يستطع حتى الآن الإجابة على سؤالين متكاملين، هما: كيفية تأكيد فك ارتباطه بالنظام، وهو لما يزل يتحرك ويمارس نشاطاته أمام سمع وبصر النظام هذا في مدن ذات أغلبية كردية مثل قامشلو بصور خاصة، وكيفية تأكيد مفهوم الكرد كشعب واحد من خلال تعددية حزبية، لا يكون بديلاً عن النظام من جهة الشدة المركزية، أي تكون هناك شراكة حزبية وسياسية حتى خارج نطاق عمل مجموعة الأحزاب الكردية، وأرى أن حزب الاتحاد الديمقراطي لديه القدرة على تحقيق مثل هذه التعددية، وتخفيف حدة الاحتقان ليس في الشارع الكردي إنما السوري أيضاً، والتخفيف من حدة الشعارات التي تكلف الكرد عموماً وليس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وحده خصوصاً المزيد من الضحايا، إلى جانب مواجهة المزيد من الأعداد، أي حيث تكون هناك بعدئذ شراكة وطنية، بعيداً عن المناوشات الجانبية، وهنا سيكون دخوله بهو التاريخ من أوسع أبوابه، إذ إن ممارسة التعبئة النفسية وما يشبه النفير العام تحت مظلته في الغالب، دون نسيان جانب تطعيمي: أفراد من اثنيات أخرى في المناطق الكردية الطابع، لا يبدو أنها تدفع بنا ككرد صوب طريق مستقبل معبَّد.
في المختَتم، ربما كان من مستحقات الكرد في سوريا، لأن المقال يتعرض لهم عبر تنظيماتهم الحزبية، في ذمة الدكتور غليون أن يكون أكثر وضوحاً واعتدالاً في الشأن القومي: العربي ومفهوم السيادي ومدى ضمان بقاء سوريا بالطريقة التي يشير إليها بما هو إنشائي لافت وهو يتحدث عن ثورة الكرامة والحرية والديمقراطية السورية، وبالتالي فإن” لغمنة” المطالب القومية الكردية من جهة الأحزاب الكردية وكذلك حزب الاتحاد الديمقراطي، كمهّددة لسوريا المستقبل، ربما تقابل بصورة ما ” لغمنة” المعارضة السورية في خاصيتها التعميمية والمشهد المؤلم لتداعيات أحداثها المروّعة سوريا هنا وهناك .
إن إبطال مفعول اللغم بالصيغة المركًّبة يجعلنا أكثر تقارباً، كون اللغم يسمّي أرضاً غير مستقرة، وفيها أكثر من لغم، ربما بالطريقة التبسيطية لغليون في النصف الآخر مما كتب!