سليم عمر
في ثمانينيات القرن الماضي، و عندما كان الزعيم الكوردي عبدالله أوجلان، يضع اللّبنات الأولى لفكره السياسي، و لنهجه الحزبي، و يرسم تصوّراته عن الكورد، و عن كوردستان، و يبحث في أسس و خيارات النضال ، و في الشكل الذي سيستقر عليه الوضع الكوردي ، و ينظّر للعلاقة بين هذا الجزء من كوردستان ، و بين الأجزاء الأخرى ، فإنه رأى أن: (على كورد سوريا ، أن يكونوا جسْراً ، يعْبرُ عليه الكوردُ في الأجزاء الأخرى ، لتحقيق أهدافهم).السنوات الثلاث الأخيرة ،
ومع توالي الأحداث منذ ذلك الحين ، و مع توالي العقود ، و مع ما طرأ من تبدّل ، و منْ تآكل ، و من تغيّر على رؤية السيد أوجلان ، و على نهجه ، فيما يخص الشأن الكوردي ، و مع بروز المستجدات ، في كوردستان ، و في المنطقة ، و خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة ، فإن الموقف من غربي كوردستان ، قد تبدّل جذريا ، و تحوّل من جسر للعبور ، و من رافد لمنظومة حزب العمال الكوردستاني بكل ما يتطلّب من وسائل الدعم و المساندة ، إلى حاضِن لهذه المنظومة ، إلى قاعدة تخدم نهج هذه المنظومة ، و تطلعاتها ، بعد أن أضاف القائد الميداني السيد قره ايلان مفهوما جديدا لهذا النهج عندما قال: (نحن كالهواء ، نملأ كلّ فراغ).
و في غربي كوردستان حصل فراغ.
تراخت قبضة النظام السوري عن الكثير من المناطق ، ممّن اعتبرها هامشية في تقرير مستقبله ، فأسرعتْ منظومة حزب العمال الكوردستاني إلى ملْئه .
وفي الحقيقة فإن ما يحصل الآن في غرب كوردستان ، حصل قبل ذلك في جنوبه .
فبعد حملات الأنفال ، و هدم الآلاف من القرى ، و انحسار نفوذ الحزبين الرئيسيين الكورديين ، حصل فراغ سياسي ، و حصل فراغ جغرافي في هذا الجزء ، فأسرعت هذه المنظومة إلى ملئه.
في البداية تمركزتْ في الجبال الصعبة– قنديل – ، ثم تمدّدتْ إلى الأرياف القريبة ، و من ثمّ انتقلت إلى المدن ، إلى هولير على وجه الخصوص ، ولم تتراجع عن مشروعها ذاك إلا بعد مجازر ، و منذ ذلك الوقت ، و هي ترثي هولير ، تماما كما رثى العرب من قبلُ الأندلس .
و لكن الوضع في هذه المرة مختلف.
فإذا كانت قد وَجدت في جنوبي كوردستان حاضنة في الجغرافيا ، فإنها وجدت في غربه إلى جانب ذلك حاضنة اجتماعية ، و سياسية ، و فكرية ، فألقتْ بثقلها فيها ، رصدت الأوضاع بدقة ، و واكبت الأحداث ، و تحركت بذكاء.
استغلت ضعف النظام ، و انشغاله بمناطق حيوية بالنسبة إليه ، مثلما استغلت ضعف و تفكّك المجموعات الحزبية في هذا الجزء ، فتحركت ضمن خطّ محدّد ، و هدف واضح : الهيمنة على هذا الجزء ، و الاستئثار بالقرار .
في البداية قبلتْ بالانضمام إلى الهيئة العليا على قدم المساواة مع المجموعات الحزبية الأخرى ، ثم تراجعت فطالبت بالنصف ، و عندما تحقق لها ذلك ، حوّلت الهيئة كلها إلى غطاء لتحركاتها ، و لتوجهاتها ، و لممارساتها ، و لكلّ ما يخدم خططها ، و إذا كان البعض قد صحا متأخرا ، و رأى ضرورة العودة إلى الشراكة الحقيقية ، في العمل على الأرض ، و في اتخاذ القرار ، فأنا أعتقد أن ذلك لم يكن ليحصل سابقا ، و لن يحصل الآن ، و لن يجد أي اتفاق جديد مع هذه المنظومة طريقه إلى التنفيذ ، و لن يكون مصيره أفضل من مصير اتفاقية هولير ، فبالنسبة إليها ، تحوّل الجزء الأصغرُ من كوردستان منْ جسْرٍ للعبور ، إلى هدف بحدّ ذاته ، إلى مرتكز ، و إلى مستند ، و إلى موقع قدم ، إلى مشروع طال انتظاره ، عملت هذه المنظومة على تحقيقه في شمالي كوردستان ، ثم في جنوبه ، إلا أنها و بعد عقود من الكفاح ، و من الانتظار ، تمكنت من تحقيقه في غربه ، و هي لذلك، ستعض عليه بالنواجذ ، و بالأنياب ، و لن تفرّط فيه .
و في غربي كوردستان حصل فراغ.
تراخت قبضة النظام السوري عن الكثير من المناطق ، ممّن اعتبرها هامشية في تقرير مستقبله ، فأسرعتْ منظومة حزب العمال الكوردستاني إلى ملْئه .
وفي الحقيقة فإن ما يحصل الآن في غرب كوردستان ، حصل قبل ذلك في جنوبه .
فبعد حملات الأنفال ، و هدم الآلاف من القرى ، و انحسار نفوذ الحزبين الرئيسيين الكورديين ، حصل فراغ سياسي ، و حصل فراغ جغرافي في هذا الجزء ، فأسرعت هذه المنظومة إلى ملئه.
في البداية تمركزتْ في الجبال الصعبة– قنديل – ، ثم تمدّدتْ إلى الأرياف القريبة ، و من ثمّ انتقلت إلى المدن ، إلى هولير على وجه الخصوص ، ولم تتراجع عن مشروعها ذاك إلا بعد مجازر ، و منذ ذلك الوقت ، و هي ترثي هولير ، تماما كما رثى العرب من قبلُ الأندلس .
و لكن الوضع في هذه المرة مختلف.
فإذا كانت قد وَجدت في جنوبي كوردستان حاضنة في الجغرافيا ، فإنها وجدت في غربه إلى جانب ذلك حاضنة اجتماعية ، و سياسية ، و فكرية ، فألقتْ بثقلها فيها ، رصدت الأوضاع بدقة ، و واكبت الأحداث ، و تحركت بذكاء.
استغلت ضعف النظام ، و انشغاله بمناطق حيوية بالنسبة إليه ، مثلما استغلت ضعف و تفكّك المجموعات الحزبية في هذا الجزء ، فتحركت ضمن خطّ محدّد ، و هدف واضح : الهيمنة على هذا الجزء ، و الاستئثار بالقرار .
في البداية قبلتْ بالانضمام إلى الهيئة العليا على قدم المساواة مع المجموعات الحزبية الأخرى ، ثم تراجعت فطالبت بالنصف ، و عندما تحقق لها ذلك ، حوّلت الهيئة كلها إلى غطاء لتحركاتها ، و لتوجهاتها ، و لممارساتها ، و لكلّ ما يخدم خططها ، و إذا كان البعض قد صحا متأخرا ، و رأى ضرورة العودة إلى الشراكة الحقيقية ، في العمل على الأرض ، و في اتخاذ القرار ، فأنا أعتقد أن ذلك لم يكن ليحصل سابقا ، و لن يحصل الآن ، و لن يجد أي اتفاق جديد مع هذه المنظومة طريقه إلى التنفيذ ، و لن يكون مصيره أفضل من مصير اتفاقية هولير ، فبالنسبة إليها ، تحوّل الجزء الأصغرُ من كوردستان منْ جسْرٍ للعبور ، إلى هدف بحدّ ذاته ، إلى مرتكز ، و إلى مستند ، و إلى موقع قدم ، إلى مشروع طال انتظاره ، عملت هذه المنظومة على تحقيقه في شمالي كوردستان ، ثم في جنوبه ، إلا أنها و بعد عقود من الكفاح ، و من الانتظار ، تمكنت من تحقيقه في غربه ، و هي لذلك، ستعض عليه بالنواجذ ، و بالأنياب ، و لن تفرّط فيه .