حسين جلبي
لو تصفح المرء المنشور المُسمى بـ (العقد الأجتماعي) الصادر عن حزب الأتحاد الديمقراطي الـ (ب ي د)، و المفترض به أن يكون دستوراً لمواطني (إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية من كُرد و عرب و مسيحيين)، فإنهُ سيكتشف من خلال ذلك أن المنشور لا يستحق أكثر من تلك القراءة السطحية و إنهُ لا يمكن بحالٍ من الأحوال أخذهُ على محمل الجد، فهو يُذكر القارئ بكتاب القذافي الأخضر الذي وردت فيه شروحات لما لا يحتاج إلى شرح من قبيل (إن المرأة تلد و الرجل لا يلد).
و الواقع فإنهُ يبدو أن من كتب (مشروع الدستور) ذاك و الذي جرى تداوله مؤخراً في الأعلام هو أحد الهواة أو الجهلة بأمور الكتابة فما بالنا بالشؤون الدستورية، فقد عمد صاحبنا إلى التفذلك كثيراً من خلال دس العبارات البراقة في متن نصه ليظهر فهمه و كذلك عصرنة ما خطته يداه.
و لكن، و بعيداً عن الشروط الشكلية و الموضوعيه الواجب توافرها في الدساتير و كتابتها، و بعيداً عن الغموض الذي يكتنف الجهة التي تقف خلفهُ، و بعيداً عن الأخطاء الإملائية و ركاكة الصياغة، و بعيداً عن استناد صدوره إلى كذبة كُبرى هي تحرير المناطق الكُردية من النظام، فإنهُ يمكننا استعراض بعض الفقرات الواردة فيه بصورة عشوائية و من ثم الرد عليها، و ذلك بعد الإشارة إلى ما ورد في مقدمته من كذبٍ صُراح من خلال القول: (لقد توحدت أهداف كل مكونات مجتمع الإدارة الذاتية الديمقراطية من كرد و عرب و مسيحيين٬ و اتفقت مع إرادة بقية مكونات الشعب السوري و بكلّه ألتعددي٬ ليكون إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية إقليما اتحاديا ضمن دولة سوريا التعددية الديمقراطية..)، فمتى التقت مكونات مجتمع الإدارة الذاتية، و متى إتفقت، و متى توحدت، و متى رضيت بإقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية؟
يمكننا على كل حال أخذ الفقرات التالية من (دستور العقد الاجتماعي) و الرد عليها على الشكل التالي:
ـ (الكرد في غربي كردستان و في كافة الأجزاء الأخرى هو شعب أصيل و متجذر عبر تاريخه الحضاري ومنذ آلاف السنين..)، تُخالف هذه الفقرة الواردة في المقدمة ما ذهب إليه زعيم حزب الـ ب.ك.ك و الأب الروحي للـ ب.ي.د عبدالله أوجلان من أن لا جزء من كُردستان في سوريا، و الكُرد الموجودين فيها هم مهاجرون من تركيا يعمل حزبه بالاتفاق مع النظام السوري على إعادتهم إليها، قائلاً: لتبدأ رحلة العودة نحو الشمال.
ـ (الحفاظ على البيئة واجب أخلاقي و وطني مُقدس..)، هذا كلامٌ عام قد يلزم تذكير الناس به من خلال كتابته على لوحة يجري لصقها على باب الحدائق و الجنائن و ليس تضمينه في دستور طويل عريض ينظم حياة أمة و دولة.
ـ (للمواطنين كلهم حرية التنظيم و التعبير عن الرأي و التظاهر السلمي و الإضراب وفق القانون..)، عبارة (وفق القانون) الواردة هنا تنسف ما جاء قبلها من حُريات، و هي عبارة بعثية بامتياز حيثُ كان الدستور السوري ينص بدوره على تلك الحريات ليأتي القانون الناظم لتطبيقها فيمنع ممارستها، أما (وفق القانون) حسب (العقد الاجتماعي) العتيد فتعني ضرورة الحصول على الترخيص القانوني من (قوات الآسايش) عند الرغبة في التنظيم و التعبير عن الرأي و التظاهر السلمي و الإضراب.
ـ (يضمن هذا العقد الحق بالتمتع بالطفولة و منع عمالة الأطفال و استثمارهم و زواجهم في سن مبكرة و تعذيبهم نفسيا و جسديا..)، تتجاهل هذه المادة أن الجهة التي وضعت الدستور تقوم باستغلال ظروف الأطفال و القُصر في المناطق الكُردية فتجري عمليات غسيل دماغ ممنهجة لهم، و تجندهم في عملياتها العسكرية.
ـ (تكون لمناطق الإدارة الذاتية وحدات للحماية الذاتية تسمى وحدات حماية الشعب ٬ تحدد مهمتها في حماية الحدود الدولية لسوريا و محاربة الإرهاب)، إن وحدات الحماية الشعبية تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي و لذلك فإن محاربة الإرهاب حسب هذه المادة ستتم قياساً على قانون الإرهاب الذي وضعهُ النظام السوري لملاحقة النُشطاء و المُعارضين، و تهمة الإرهاب ستلاحق جميع المعارضين لنهج الحزب الشمولي، لقد كانت مجزرة عامودا هي أحدى عمليات محاربة الإرهاب التي نفذتها قوات الاتحاد الديمقراطي.
ـ (مكونات الإدارة الذاتية متساوية في الحقوق و الواجبات خدمة للوطن والمجتمع)، المقصود بالوطن و المجتمع زعيم الحزب الذي ينبغي وضع مكونات الإدارة الذاتية في خدمته، و هنا ينبغي أن يتساوى الجميع في واجب تقديم الطاعة العمياء له.
ـ (للجميع حرية الحياة و الحماية الشخصية و التي تتناسب مع التوازن الإيكولوجي ضمن مجتمع بيئي..) هذه المادة هي روح هذه الوثيقة و قمة الملهاة فيها و خير تعبير عنها و هي تختصرها من الألف إلى الياء، و هي تعبر عن عقلية واضعيها و نظرتهم إلى الناس، فما هي حرية الحياة المقصودة بـ (للجميع حرية الحياة)، و هل هناك حرية موت أيضاً؟ و ما الذي ربط هذه الحرية بالحماية الشخصية، و ما علاقة كل ذلك بالتوازن الإيكولوجي ثم بالمجتمع البيئي؟ و ما شأن الناس بالإيكولوجيا و ما صلتها بالدستور؟ أُراهن أنه ليس باستطاعة أحد سوى كاتب العقد صياغة جملة لا معنى لها مثل هذه و ذلك من خلال خلط مجموعة من العبارات الفارغة التي لا معنى لها.
لكن مهلاً، إن عدم فهم مواطني جمهورية الإدارة الذاتية و كذلك من صاغ مثل هذه المادة الدستورية لها لا يمنع من توجيه سلطات الجمهورية يوماً تهمة (الإخلال بالتوازن الإيكولوجي ضمن المجتمع البيئي) لمواطني إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية قياساً على تهمة (وهن نفسية الأمة) البعثية الشهيرة.
و لكن، و بعيداً عن الشروط الشكلية و الموضوعيه الواجب توافرها في الدساتير و كتابتها، و بعيداً عن الغموض الذي يكتنف الجهة التي تقف خلفهُ، و بعيداً عن الأخطاء الإملائية و ركاكة الصياغة، و بعيداً عن استناد صدوره إلى كذبة كُبرى هي تحرير المناطق الكُردية من النظام، فإنهُ يمكننا استعراض بعض الفقرات الواردة فيه بصورة عشوائية و من ثم الرد عليها، و ذلك بعد الإشارة إلى ما ورد في مقدمته من كذبٍ صُراح من خلال القول: (لقد توحدت أهداف كل مكونات مجتمع الإدارة الذاتية الديمقراطية من كرد و عرب و مسيحيين٬ و اتفقت مع إرادة بقية مكونات الشعب السوري و بكلّه ألتعددي٬ ليكون إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية إقليما اتحاديا ضمن دولة سوريا التعددية الديمقراطية..)، فمتى التقت مكونات مجتمع الإدارة الذاتية، و متى إتفقت، و متى توحدت، و متى رضيت بإقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية؟
يمكننا على كل حال أخذ الفقرات التالية من (دستور العقد الاجتماعي) و الرد عليها على الشكل التالي:
ـ (الكرد في غربي كردستان و في كافة الأجزاء الأخرى هو شعب أصيل و متجذر عبر تاريخه الحضاري ومنذ آلاف السنين..)، تُخالف هذه الفقرة الواردة في المقدمة ما ذهب إليه زعيم حزب الـ ب.ك.ك و الأب الروحي للـ ب.ي.د عبدالله أوجلان من أن لا جزء من كُردستان في سوريا، و الكُرد الموجودين فيها هم مهاجرون من تركيا يعمل حزبه بالاتفاق مع النظام السوري على إعادتهم إليها، قائلاً: لتبدأ رحلة العودة نحو الشمال.
ـ (الحفاظ على البيئة واجب أخلاقي و وطني مُقدس..)، هذا كلامٌ عام قد يلزم تذكير الناس به من خلال كتابته على لوحة يجري لصقها على باب الحدائق و الجنائن و ليس تضمينه في دستور طويل عريض ينظم حياة أمة و دولة.
ـ (للمواطنين كلهم حرية التنظيم و التعبير عن الرأي و التظاهر السلمي و الإضراب وفق القانون..)، عبارة (وفق القانون) الواردة هنا تنسف ما جاء قبلها من حُريات، و هي عبارة بعثية بامتياز حيثُ كان الدستور السوري ينص بدوره على تلك الحريات ليأتي القانون الناظم لتطبيقها فيمنع ممارستها، أما (وفق القانون) حسب (العقد الاجتماعي) العتيد فتعني ضرورة الحصول على الترخيص القانوني من (قوات الآسايش) عند الرغبة في التنظيم و التعبير عن الرأي و التظاهر السلمي و الإضراب.
ـ (يضمن هذا العقد الحق بالتمتع بالطفولة و منع عمالة الأطفال و استثمارهم و زواجهم في سن مبكرة و تعذيبهم نفسيا و جسديا..)، تتجاهل هذه المادة أن الجهة التي وضعت الدستور تقوم باستغلال ظروف الأطفال و القُصر في المناطق الكُردية فتجري عمليات غسيل دماغ ممنهجة لهم، و تجندهم في عملياتها العسكرية.
ـ (تكون لمناطق الإدارة الذاتية وحدات للحماية الذاتية تسمى وحدات حماية الشعب ٬ تحدد مهمتها في حماية الحدود الدولية لسوريا و محاربة الإرهاب)، إن وحدات الحماية الشعبية تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي و لذلك فإن محاربة الإرهاب حسب هذه المادة ستتم قياساً على قانون الإرهاب الذي وضعهُ النظام السوري لملاحقة النُشطاء و المُعارضين، و تهمة الإرهاب ستلاحق جميع المعارضين لنهج الحزب الشمولي، لقد كانت مجزرة عامودا هي أحدى عمليات محاربة الإرهاب التي نفذتها قوات الاتحاد الديمقراطي.
ـ (مكونات الإدارة الذاتية متساوية في الحقوق و الواجبات خدمة للوطن والمجتمع)، المقصود بالوطن و المجتمع زعيم الحزب الذي ينبغي وضع مكونات الإدارة الذاتية في خدمته، و هنا ينبغي أن يتساوى الجميع في واجب تقديم الطاعة العمياء له.
ـ (للجميع حرية الحياة و الحماية الشخصية و التي تتناسب مع التوازن الإيكولوجي ضمن مجتمع بيئي..) هذه المادة هي روح هذه الوثيقة و قمة الملهاة فيها و خير تعبير عنها و هي تختصرها من الألف إلى الياء، و هي تعبر عن عقلية واضعيها و نظرتهم إلى الناس، فما هي حرية الحياة المقصودة بـ (للجميع حرية الحياة)، و هل هناك حرية موت أيضاً؟ و ما الذي ربط هذه الحرية بالحماية الشخصية، و ما علاقة كل ذلك بالتوازن الإيكولوجي ثم بالمجتمع البيئي؟ و ما شأن الناس بالإيكولوجيا و ما صلتها بالدستور؟ أُراهن أنه ليس باستطاعة أحد سوى كاتب العقد صياغة جملة لا معنى لها مثل هذه و ذلك من خلال خلط مجموعة من العبارات الفارغة التي لا معنى لها.
لكن مهلاً، إن عدم فهم مواطني جمهورية الإدارة الذاتية و كذلك من صاغ مثل هذه المادة الدستورية لها لا يمنع من توجيه سلطات الجمهورية يوماً تهمة (الإخلال بالتوازن الإيكولوجي ضمن المجتمع البيئي) لمواطني إقليم الإدارة الذاتية الديمقراطية قياساً على تهمة (وهن نفسية الأمة) البعثية الشهيرة.
على الجميع، و منذُ اللحظة، الاهتمام بتوازنهم الإيكولوجي..