رصاص الغدر

غسان جان كير

أجرت قناة أورينت يوم الخميس الفائت (27-6- 2013) لقاءا مع السيد صالح مسلم, تستفسر منه عمّا حدث في عامودا تلك الليلة, فكان جوابه يتمحور حول ( كمين نُصب لقوات الحماية الشعبية لدى مرورها بمدينة عامودا) .

قد يستطيع السيد مسلم إقناع أنصاره و مؤيديه والبعض ممن يتعاطى مع قناته الفضائية على أنها تعمل بحيادية في نقل الحدث .

وقد يستطيع السيد مسلم – كما هو دأبه – التملّص من الأجوبة الشافية باستخدام كلمة (أويه) التي تعني بالعربية (شو اسمو) هذه المفردة التي يتعاطاه البسطاء من أهلنا في كوباني حينما لا تسعفهم الذاكرة, فتأخذ فضاء فضفاض من التأويل في حالة العجز عن تحديد المعنى المراد .
في تلك الليلة, حيث الصدمة بعدد القتلى, والحصار المفروض على المدينة لمنع الجرحى من الوصول الى القامشلي أو غيرها من المدن المجاورة , والخوف من الاعتقالات التي طالت النشطاء, كانت العيون ترنو الى التلفزيون علّ السيد (مسلم) يُطمئن القلوب و يعتذر عن خطأ (تقني) تسبب في أن ثلاثة أشخاص حياتهم الى ذلك الحين, فزاد السيد (مسلم) برصاص أجوبته عدد القتلى في روحهم, ليشمل كلّ مَن شاهد المجزرة عياناً .
أنّ البهتان الذي مارسه السيد (مسلم), إضافة الى جعجعة أبواقه, في تزييف حقائق المجزرة التي شهد عليها الآلاف من المتظاهرين, يُحتّم على أن أسرد بشكل سريع ما حدث في تلك المجزرة .
كانت المظاهرة سلمية تتجه الى خيمة الاعتصام, من أجل فك الحجز عن حرية النشطاء المعتقلين لدى الأسايش, المظاهرة كانت حماسية في شعاراتها, خاصة شعار (عامودا حرة حرة ..

شبيحة تطلع برا) في إشارة الى الأسايش, ومبعث الحماس كان مما أورده (ديرسم) الذي أفرج عنه بعد ازدياد سوء حالته دون أصدقاءه , وذكر (ديرسم) في خطبته قُبيل خروج المظاهرة الكثير من الانتهاكات التي تعرض لها في السجن, بل, ذكر أنه ما كان يريد الخروج من السجن دون أصدقاءه المعتقلين, فأخرجوه عنوة وسلموه الى أهله , وذكر أيضا انه مستمر في إضرابه عن الطعام حتى الإفراج عن البقية, و زاد عن ذلك انه سيدخل مرحلة إضراب الموت, فسقط مغشيا عليه .

بعد انطلاق المظاهرة انضم بعض النشطاء الى الإضراب عن الطعام حتى الموت .

و سارت المظاهرة بشكل اعتيادي, الى أن تفاجئنا بقوات حماية الشعب تعترض المظاهرة في إحدى الشوارع الفرعية, و تطلق الرصاص في الهواء, فتشتت المتظاهرين, و ما لبث أن تجمعوا مرة أخرى مرددين ذات الشعار (عامودا حرة , شبيحة تطلع برا) مع دعوة (عزيز قرنو) المتظاهرين للجلوس على الارض و عدم رمي الحجارة على مُطلقي النار في الهواء من الاسايش, لتقوم الاسايش بإطلاق النار في الهواء أيضا, الى أن أخذت مسافة أمان لتطلق النار الى المتظاهرين الذين لم يسعفهم الحظ في النجاة.

دامت مدة إطلاق النار حوالي ربع ساعة , كانت كل رصاصة مشروع قتل انسان, ولولا اختباء الناس في الدكاكين, أو خلف السيارات, لكانت ضحايا رصاص الغدر أكثر.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…