السطور الاخيرة من رسالتي إلى أخي… قاتلي

أمين عمر

وأنت تهُم بالضغط على الزناد لا تفكر بشيء ، لا تُحلِق بعيداً فمجرد التفكير بأمرٍ ما غير الوطن سيمنعك من تحقيق هدفك، اضغط مباشرةٍ فالوطن الذي رسموه لك ينتظر بفارغ النصر، اضغط ولا تهتم بما قالته لنا أُمنا عندما أخذتني صغيراً معك الى المدينة وقالت: كن حذِراً على أخوك… وإن فقدته فلا تعود أنت أيضاً.

أمضي يا أخي وأطلق تلك الرصاصة في أي مكان من جسدي وأحذر فقط ألا تمزق القلب، فهو الوحيد الذي سيتكفل بالمناورة مع أمي، فهي تحبني أكثر، فقط لأنني الأصغر، وعندما تنقلني رصاصتك الى ذاك العالم، وحالما يزورني طيف أمي ليرفرف حول قلبي، سيدافع قلبي عن إخوّتنا كي لا يقال أخٌ قتل أخاه والآخر فضح ووشى بأخاه،
كي يبقى بريق الإخوة في عينا أمنا كما علّمتنا إياه وكي لا تظن إننا غدرنا بتعاليمها وتعبـِها، أتذكر؟ عندما قالت” لا يوجد شخص يحب أمه ولا يحب أخاه”، أليست الإخوة هي قطع متناثرة من قلب الأم في أجساد منفصلة .

أعرفك تحب أمي لذا سأخبرها بإنك حاولت أن ترمي بنفسك أمام رصاصة الأعداء ولكنها كانت الأسرع..

ألا تذكر كم صباحٍ افاقتنا أمنا باكراً للذهاب الى المدرسة وهي تقول: أنتم قلبي ..قلبي معكم ..

ضحوا من اجل بعضكم البعض.

أخي بعد هذه الطلقة سننسى كل ما قلناه في مساءات القرية أثناء عودتنا من الحقل عن الحرية والإخوة والتضحية..

طلقتك ستـُعيده وهماً، الحرية هي هذه الطلقة، الوطن هنا في هذه الطلقة.

لمِا لا تنهي هذا الحوار ولننسى ما قلناه إن الحرية تحقق للإنسان حب الآخر وبعدها الآخر سيمنحه احترام نفسه .
لحظة!!! انتظر قبل أن تطلق النار!! تذكرت شيئاً، في حقيبتي المدرسية القديمة التي احتفظت بها أُمنا وكانت تأمل أن تُعيد إهدائنا حقائب الصبا، عندما يتخرج أحدنا طبيباً والأخر مهندساً ، في تلك الحقيبة وبين دفتي كتاب التاريخ الذي لا يعود إليه أحد ولا يستفيد من دروسه أحد، هناك رسالتان إحداها من الفتاة التي حلمت بها واحببتها والتي ماتت قبل أن يزهر ربيعها ، رسالتها أجمل ما أعود اليه عند الوحدة والحزن، ضعها تحت شاهدة قبري إن سمح الوطن أن يكون لي قبر علّي استأنس بكلماتها بعدما تغادر طيف أمي من حولي ، أما الرسالة الثانية فهي ردي على تلك الرسالة فيها اعترافاتي ولكني لم أسلمها الرد قط، ماتت ولم تراه، فكيف أبعث لها وأنت يا أخي جئتني لتعترف بحبك لها ..مزق رسالتي ، ومزق أحاديثنا عن الوطن الذي  لم يكن يشبه هذا الوطن الذي يأمر بقتل أخٍ لإخاه..مزق الرسالة ومزق رسوماتنا التي كنا نسخر بها ببعضنا البعض ..مزق وثائق ونصائح أبي عن الصدق والحق..

مزق أحاديثنا عن السلام وعن تاريخنا وعن سكان أوروبا وفرق الحضارة..

مزق كل شيء فأنك تريد أن تبني وطناً بلا قلب، حرّر تلك الطلقة فقد رضيت أن تكون عبداً لها ..وذنبي إني اصبحت عبداً لوصايا الأم وتعاليم الرب في الصبر وحفظ الإخوة والدم!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…