محمود عباس
أغرقت أحزاب غربي كردستان ذاتها في المفاهيم والتحليلات الضحلة حول اساليب الوصول إلى الغاية، ورضخت لإجندات وأوامر متنوعة، وأنجرفت على بنيتها إلى صراعات عقيمة و مؤذية للقضية الكردية في الواقع الجاري، وكثيراً ما كانت مدمرة للنضال الكردي العام الذي بني عليه الآمال، وحرفت على أثرها الطرق المؤدية إلى المستقبل المأمول.
شارك هذا السلاح في إزالة الرهبة السائدة عن الشارع الكردي، لكنها ودون تحديد واضح للأبعاد النهائية مع الطرفين، خلق رهبة أخرى مشوبة بعاطفة مغبنة، لأنها لم ترقى إلى حد الإلتفاف المطلق للشعب والإفتخار بها كقوة تدافع عن كيانه أمام الآخر، كالعنصريين البعثيين الذين لا يزالون ينتشرون في الأجواء يبحثون عن السيطرة، لكن ومع هذه التناقضات الموجودة فإنها لا تعطي المبرر المنطقي ولا الوطني إلى ظهور بعض القوى العسكرية ذات الإنتماء السياسي الحزبي المخالف، والغارق بعضها في الذاتية الفردية أو حتى العائلية، وتحت فرضيات سبقت التحليلات، علماً أن النتائج كانت ولا تزال مدانة وبقوة من قبل الكل الكردي، فالقتال بناءً على القناعات الفردية ضد الموجود وتحت المبررات المطروحة تخرجهم من الإطار الوطني والقومي كلياً، وهي في الواقع الفعلي لا تختلف عن مبررات ال ي ب ك للإبقاء على سيطرتها الإنفرادية.
ال ي ب ك يقسم الشارع إلى قوتين متصارعتين في الأروقة وستؤدي إلى صراع في الأبعاد، قسمت القوة العسكرية المتنامية بشكل تصاعدي ومن أطراف متنوعة وعلى منهجية استراتيجية مرفوضة بواقعها الحالي من كثيره، إلى إنتقادات من أغلبية الشارع الكردي، من حيث الإحتكار الأمني حسب أجندات حزبية خاصة إلى الإقتصادي، بدءً من الكهرباء والماء والإتصالات إلى العديد من البضائع، ورهبة في الحدود بين الكرد والكرد، وتفاقم آلغاء الآخر الكردي عسكرياً، تحت منطق رضوخ الضعيف للقوي، فثقة ال ب ي د المتنامية بها جرفها إلى أخطاء وتتراكم مع الزمن، وستتراكم إذا لم تستمع إلى الصوت الآخر، ولم تناقش المطروح من قبل الأطراف الكردية الأخرى، فهي بنفس السرعة التي تنامت فيها تجاوزت العديد من الخطوط الحمر الكردية، لأنها تبنت المنطق الأوحد في النقاش والتحليل للأمور، ورأت النقد المقابل في كثيره ألحاداً أو تهجماً، والمخالف للمسيرة أعتداءً على خصوصية ذاتية، وتحت الشعارات الوطنية وإرادة الشعب.
قضايا ثلاث تواجه الحركة الكردية السياسية مع قواها العسكرية أو بدونها.
1 – تصدي الأحزاب الرافضة للبعض مع أو بدون قوة عسكرية، إعلاميا أو بمساعدة قوى خارجية وهذه كثيراً ما تنتهجها معظمهم، وستؤدي إلى معارضة تشبه معارضة الشباب الثائر للدكتاتوريات العسكرية، وسوريا خير مثال، والأحزاب بمجملها ستمثل السلطة، والزمن يبدأ من الأن وسيتفاقم فيما بعد زوالها.
2 – الإشتراك مع الآخر الحزبي والقوى الكردية الأخرى لتحصل على الشرعية الوطنية، فوجودهم مع القوة العسكرية أو بدونها (نقصد الأحزاب التي لا تملك القدرة ولا الخبرة على بناء القوة العسكرية ولا المؤسسات المدنية وتطالب ال ب ي د وال ي ب ك بالسماح لها بالبناء) في الواقع المتنافر عملياً وبالشكل الجاري مرفوضة ولا تعكس الوجود الكردي العام بشكل عملي وواضح، عليهم جميعا الخروج من الإنتماء الحزبي إلى الإنتماء الوطني وذلك بتغيير الشعارات والرايات والأسماء، وعليه يجب تشكيل قيادة عسكرية مؤسساتية عامة من الشعب بدون الإنتماء الحزبي وبشكل عملي تثق بهم الجماهير، فمحاولة خلق قوى عسكرية منفصلة (أو الذين شكلوها ويعملون تحت ألوية الآخر المخالف كردياً، وتحت مفاهيم الوطن الملغية بالمنطق الدارج حاضراً بين المعارضة أو بعض التيارات في الجيش الحر) خاصة بالحزب ومن العدم بعد وجود قوة فعلية على أرض الواقع لن يؤدي إلى التمثيل الوطني ولا الشارع الكردي، بل سيكون أنتقال مهلك من الصراع السياسي إلى صراع ميليشيات تابعة للحزب، وعليه أقناع القوة الحاضرة بتوسيع الموجود (ي ب ك) وتغييره وأخراجه من تحت عباءة الإنتماء الحزبي أو الإنتماء المنهجي لإستراتيجية تابعة لجغرافية مخالفة إلى إنتماء وطني كردي يتسع للجميع، وجعلها قوة عسكرية مؤسساتية تنتمي إلى الشعب، وعليه سيتمكنون من التعامل مع طرفي الحدود الكردية كإمتداد جغرافي ديموغرافي متصل.
فالذي حصل ويحصل حتى الآن كان بعكس إرادة الشعب، برزت الحدود الجغرافية الكردية – الكردية بشكل فاضح، وتشكل كيانين كرديين منفصلين متناقضين، من حيث الرايات والمفاهيم والإنتماءات والشعارات وما إلى ذلك، ولا يستبعد أن تكون بداية لكيانات جغرافية قادمة متنوعة، وتحصل مثل هذه التناقضات عندما تكون الإنتماءات من خارج جغرافية الذات والوطن، وتحدد الاهداف والغايات بناءً على رغبة وأجندات الآخر، وأقرب مثال عليه جغرافية كردستان الحاضرة والشرق الأوسط عامة.
3 – الممارسة النظرية لتفعيل الجيش الكردي، والمحاورة في إطار الأفكار والطروحات والبيانات، والتحرك تحت تكتيك وشعارات الحزب الواحد وإعلامه، أو أعلامه المخترعة آنياً، سيبقى عقيماً، والقوي هنا هو المعني أكثر من جميع الأطراف السياسية الكردية الأخرى بتفعيل الموجود ونعني ال ي ب ك وال ب ي د، رغم أن الآخر لا يقل تأثيراً حتى ولو إعلاميا، والطرق متنوعة قد تكون غارقة في السلبية أو متجهة إلى منطق التعامل الوطني.
لهذا فإن وجود ال ي ب ك والآسايش وتقويتهما ضرورة قومية ووطنية، يجب أن تكون على أرضية الإنتماء الكلي لا الجزئي، فهما المؤسستان الأهم والأصعب في بناء المنطقة الكردية وتسييرها، وكلما كان الدعم والتفاعل المتبادل شاملاً قومياً ووطنياً كانت القاعدة أمتن لبناء مستقبل مشرق لمنطقة غرب كردستان.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأميريكية