أحلام الآغوات الجدد……!!

بقلم : دليار آمد

         يا له من مسكين شعب غرب كردستان , فمنذ قرون وهو يعيش تحت رحمة الإقطاعيات , فما لبث أن تحرر من الإقطاعيات الزراعية حتى وقع في حضانة الإقطاعيات السياسية .
كان الأغوات حتى ستينيات القرن الماضي يتحكمون بمصائر الأكراد , وكانوا يتلقون الدعم الكامل في ذلك من السلطات ابتداءً من السلطة العثمانية مرورا بالفرنسية ومن ثم الحكومات السورية المتعاقبة
حيث لا يخفى على أحد آن العثمانيين عمدوا إلى تحويل المنطقة إلى إقطاعيات صغيرة عديدة , وذلك لأسباب ومآرب واضحة للجميع , فبذلك تم تخميد قوة الأكراد ومن ثم شلها , وقل شانهم وضعفت همتهم , ولابد أن نشوء هذه الإقطاعيات – المتناحرة أغلب الأحيان – هو ما يفسر فشل أغلب الثورات الكردية في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين .

وعند زوال الحكم العثماني وبدء الإنتداب الفرنسي , تمسك الفرنسيون بسياسة الإقطاعية هذه , لأنها كانت سياسة ناجعة في تفتيت المجتمع وتشتيت أفراده, وعند الاستقلال أبقت الحكومات السورية على هذه الإقطاعيات , وذلك حتى حصل ما حصل من توزيع الأراضي على الفلاحين وإنهاء مرحلة الإقطاعية .


ولكن ما لبث المجتمع الكردي أن يغتسل من آثام الإقطاعيين حتى وقع في حفرة إقطاعيات أخرى ألا وهي الأحزاب , قد يكون الإسقاط  الفكري قاسيا نوعا ما , لكن وللأسف هي الحقيقة بعينها , فالأحزاب الكردية العاملة على الساحة الكردية السورية الآن تلعب دور الإقطاعيات فيما مضى , وان جاز القول يمكن اصطلاح مصطلح الأغوات الجدد على رؤساء هذه الأحزاب – مع احترامي لهم – وذلك لأن سيكولوجية الأغوات الجدد مشابهة لسيكولوجية الأغوات القدامى – إن لم تكن متطابقة – حيث كان فيما مضى , في زمن الإقطاعيات الزراعية , يبقى الأب متمسكا بالسلطة والنفوذ حتى آخر لحظة من حياته, وكان يحلم دائما بتوسيع سلطته وإقطاعيته وان كانت على حساب الغير , وكان مستعداً لعمل أي شيء في سبيل توسيع إقطاعيته , وما يلبث أن يموت حتى تبدأ الحرب الأهلية بين الورثة , وغالبا ما تنتهي تلك الحرب بتحويل إقطاعية الأب إلى إقطاعيات متعددة بين الأبناء , ويبدأ كل ابن بتحريض أزلامه ضد أخيه وهكذا يعمل الجميع , إن الأغوات الجدد يقومون بنفس العمل وان لم تكن على نفس السوية وذلك ضمن نطاق سياسي بالتأكيد .
فمع تعدد الأحزاب الكردية – وبالتالي تعدد الأغوات الجدد – وتناحرها , تشتت القضية الكردية في سوريا وتحولت من ورقة قوية إلى ورقة ضعيفة في يد هذا وذاك, وهذا ما أدى إلى نفور الشارع الكردي المسكين عن أطراف الحركة الكردية المبعثرة .

ولكن ونحن مازلنا في بدايات القرن الواحد والعشرين ومع تغير الظروف الإقليمية والدولية باستمرار واضطراب , لابد للمفاهيم والأطروحات أن تتغير على مختلف الأصعدة , حيث كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن تشكيل مرجعية كردية ومحاولات وحدة , إذا لابد للأحزاب الكردية أن تنهض من سباتها العميق العميق , وتعيد حساباتها الوطنية والقومية , ولابد للأغوات الجدد أن يتخلوا عن أحلامهم لأنها أضغاث ,ويتحلوا بواقعية مجتمعهم الكردي الذي لا يتأمل إلا الخير منهم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…