الخلافات ضمن الحركة الكوردية هل هي حملات إعلامية ومهاترات أم خلافات حول المواقف السياسية ؟

 

فرحان مرعي

مادامت توجد قضية وعمل وحركة وسياسة فمن الطبيعي أن تحدث خلافات ونقاشات وتجاذبات وتعددية في الآراء …..الخ , وخاصة في قضية معقدة كالقضية الكوردية الخلافات ضمن الحركة الكوردية في تفاعلاتها وامتداداتها الإقليمية والجغرافية والمصالح الدولية ….

والقضية الكوردية في سوريا كجزء من قضية كوردية عامة , قضية شعب مضطهد بحاجة إلى حركة ونضال وعمل وسياسة يومية ديناميكية أما أي سكون وانتظار هما حالة موت بطيء للقضية .

إن ما يجري على الساحة الكوردية السورية يأتي في الواقع في إطار خلافات سياسية حول قضايا مبدئية وكبيرة , كأن نقول مثلاً : هل أنت مع العمل الميداني السلمي أم لا ؟ أو هل القضية الكوردية في سوريا قضية أرض وشعب أم لا ؟؟ أما المهاترات والحملات الإعلامية فتأتي عادة على قضايا هامشية وثانوية وحزبية ضيقة وشخصية تأخذ شكل مناوشات كلامية وضياع وقت , وهذا ما لا نتفق عليه جميعاً .

منذ عام 2003 وما قبله بقليل , جرى حراك سياسي في سوريا من اعتصامات واحتجاجات ..

ثم جاء تحرير العراق من الطاغية صدام فكان إقليم كوردستان الفيدرالي ثم انتفاضة قامشلو ومقتل الشيخ معشوق الخزنوي ….

كل هذه الأحداث وغيرها حرك الكورد في سوريا سياسياً وشعبياً , أي أن هذه الأحداث حركت ورجت المياه السياسية الكوردية الساكنة والراكدة منذ عقود , وحصل مع هذا الحراك ما يشبه الفرز على الساحة السياسية بين مؤيد ومعارض للعمل الميداني السلمي , إذاً الخلاف بدأ من هنا عملياً , حول العمل الميداني السلمي وليس شيء آخر , أي هناك خلافات سياسية فعلاً حول هذه النقطة , رغم وجود خلافات حزبية سابقة معروفة لدى الجميع , وهذا ليس موضوعنا .

إن الذين يفضلون السكون على الحركة يحاولون إثارة مواضيع واختلاق أعذار للهروب من استحقاقات المرحلة بشكل واضح وصريح , أو يتحولون إلى ما يشبه الفرق الحميدية لمحاربة الشعب الكوردي تحت يافطات ومبررات وهمية , إذا كانت قضية أرض وشعب مسألة بديهية فلماذا يثير غضب البعض إذاً ؟ وإذا كانت هذه القضية ( قضية أرض وشعب ) عقبة في طريق الحوار مع القوى الوطنية السورية فعلى ماذا يتحاورن إذا كانوا في إطار قضية أرض وشعب ؟ إن قضية أرض وشعب ليست قضية مطلبيه ولا هو سقف مطالب عالية أو واطئة إنها مسألة مبدئية يجب أن لا تساوم من الجانب الكوردي رغم أن الآخرين لا يعترفون بشيء اسمه الكورد وضمن هذا الإطار يمكن التحاور على أدنى مطلب كالإحصاء مثلاً وهذا شيء طبيعي وقابل للنقاش والحوار والمناورة ….

الخ
وحقيقة لا توجد في أجندة وبرامج كل الأحزاب والتيارات الكوردية نية العمل المتشدد والمتطرف فالكل ملتزمون بالعمل السياسي السلمي الديمقراطي بدءاً من الحوار إلى التظاهر , وفي اعتقادنا في كل بلدان العالم لا يأتي الاحتجاج أو الاعتصام أو التظاهر في إطار الأعمال المتطرفة والانعزالية .
وفي نقطة أخيرة والتي يمكن إثارتها والوقوف عندها لمعرفة مدى صحة وصوابية هذا الموقف أو ذاك هو العودة إلى الرأي العام الكوردي والذي هو في الواقع مهمش وكأن القضية الكورية مسألة نخبوية سياسية أو نخبوية ثقافية رغم وجود لجان وطنية هنا وهناك ولكنها في الواقع لا تمثل الرأي العام الكوردي بشكل كلي , بمعنى أوضح إن الحركة السياسية والثقافية الكوردية بحاجة إلى دراسات ميدانية واستطلاعات للرأي ضمن الظروف الواقعية والممكنة لمعرفة آراء الناس حول بعض القضايا العالقة والتي هي مثار خلاف بين أحزاب الحركة , مثلاً أن يطرح : هل أنت راض عن أداء الحركة الكوردية أم لا ؟ أو عن أداء إحدى أطرافها كالجبهة أو التحالف أو التنسيق ؟ هل أنت مع العمل الميداني السلمي أم لا ؟ ….

ورغم عدم وجود مؤسسات ثقافية وبحثية رسمية كوردية إلا أن تطور تقنية الاتصالات يمكن أن تعطي نتائج إيجابية على هذا الصعيد .

———

* عن المستقبل / جريدة سياسية غير دورية / يصدرها تيار المستقبل الكردي– العدد 9 شباط 2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…