حول الاستحقاقات والبراغماتيا الكوردية

عنايت ديكو 

في المنطق السياسي والبراغماتيا السياسية لا توجد حدودٌ للتعامل والعلاقات وتبادل المصالح بين الأطراف والعمل لايجاد لغة مشتركة للحفاظ على التوازنات والمشتركات والأهداف ذات الاهتمام المشترك بين المتناقضَيْن  أو بين أطراف النزاع والاختلاف.

ففي البيت الكوردي والحالة الكوردية في سوريا مثلاً نرى هناك من يقول : ” ما الضير وما العيب في ممارسة واستخدام لغة المصالح والتفاهمات مع النظام ومع أيٍ كانْ ؟ ما دام الكل والكلْ يتبنى هذه السياسة وخاصةً عندما نرى الغرب والشرق يعتمدان هذه اللغة في كل التوازنات وقبل كل شيئ .

” أي لغة المصالح قبل المبادئ ” .

 ولغة المصالح عندهم طبعاً هي فوق كل مفاهيم حقوق الانسان والمجاملات والمبادئ الكوسموبوليتية والدينية والأعراف الاجتماعية والانسانية وغيرها.
فهؤلاء الأخوة الذين يتبنون هذه النظرة من الكورد يبررون رؤيتهم بأن هذه التكتيكات التي ننتهجها قد تجد لها مكانة على المستوى القريب والمنظور حسب لغة المصالح والبراغماتيا كما أسلفنا .
لكن هل هندسة السياسة الكوردية في سوريا قائمة فعلاً على هذه التقاطعات وهل تمتلك فعلاً لغة البراغماتيا في الحوار والممارسة ؟ وهل هذه التفاهمات حقيقةً قائمة من أجل انتزاع الحقوق المشروعة لهذا الشعب وخاصة في هذه الظروف الصعبة والنظام يمشي كالدبُّ الجريح والتائه .؟
لكن في المقابل هناك من يقول : لماذا السباحة في الرمال والركض وراء السراب والنوم في العراء السياسي ؟ قائلين : ما دامت العلاقات متينة وقائمة وواضحة كوضوح الشمس بين النظام السوري وجماعة ” البي يي دي ”  فلماذا لا يلجئ النظام السوري الى الاعتراف الدستوري بهذه الحالة والتي أصبحت أمر واقع وطرح مشروع الحكم الذاتي للكورد ؟ و يقولون أيضاً حبذا لو أعلن ” البي يي دي ” من طرفه أيضاً وبصراحة وعلى الملئ بالاعلان عن علاقاته مع النظام وأن لا يخجل منها ..!!! وهؤلاء الأخوة الذين يتبنون هذه النظرة يقولون : بأن كل المعطيات على الأرض تترجم هذه العلاقة الوطيدة بين الطرفين ويؤكدون أيضاً صحة ما يقولونه بأن النظام قد سلّم المناطق الكوردية وأطلق يد البي يي دي فيها للقيام بما يحلو له وللنظام على حدٍ سواء .

فلماذا لا يلجئ النظام علانيةً الى اعلان هذه الاتفاقية بأنه قد منح الكورد حكماً ذاتياً ؟ عندئذٍ ستكون للبراغماتيا الكوردية لغة أكثر نشاطاً وحيويةً على المستويين الداخلي والخارجي وسينعكس هذا أيضاً وبشكلٍ كبير على المجتمع الكوردي في سوريا، ويأتي اصرار هذا الفريق الثاني من الكورد بأنهم يحصلون يومياً على الوثائق المطبوعة والمختومة والممهورة بين حزب البي يي دي وبين النظام السوري من تسليمٍ واستلامٍ وتعاون والحفاظ على آبار البترول والحفاظ على تماثيل الاسد ووضع حراسات قوية حولها .
في الأخير نقول هل البراغماتيا الكوردية السورية تفرض علينا بأن نكون فقط ثوار تحت الطلب للمعارضة ؟

وحماةٌ للقرى والتماثيل تحت الطلب للنظام البعثي ؟؟؟؟ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…