حوار: لورين جتو & عماد يوسف
شاعر رقيق , روائي هادف , مترجم بارع , وكاتب صارم , لقلمه ميزة يختلف بها عن غيره لما يحمله من قوة وحنان بنفس الوقت .
يعرف بلقب جان دوست وهو كردي الأصل من مدينة كوباني بكردستان سوريا , أصدر العديد من كتب البحث والترجمة والدواوين الشعرية والروايات , حاصل على جوائز عدة آخرها جائزة “الكتاب الشرقي” عن كتابه المترجم إلى العربية ( مختارات من القصة الكردية القصيرة ) والذي تكفلت مجلة دمشق بطبعه , يعيش منذ عام 2000 في المانيا .
– جان دوست اللقب الذي جعلك تغير ألقاباً مشابهة من أجل الوصل إليه , فماذا يعني لك هذا الاسم ؟
شاعر رقيق , روائي هادف , مترجم بارع , وكاتب صارم , لقلمه ميزة يختلف بها عن غيره لما يحمله من قوة وحنان بنفس الوقت .
يعرف بلقب جان دوست وهو كردي الأصل من مدينة كوباني بكردستان سوريا , أصدر العديد من كتب البحث والترجمة والدواوين الشعرية والروايات , حاصل على جوائز عدة آخرها جائزة “الكتاب الشرقي” عن كتابه المترجم إلى العربية ( مختارات من القصة الكردية القصيرة ) والذي تكفلت مجلة دمشق بطبعه , يعيش منذ عام 2000 في المانيا .
– جان دوست اللقب الذي جعلك تغير ألقاباً مشابهة من أجل الوصل إليه , فماذا يعني لك هذا الاسم ؟
هذا الاسم يعود تاريخه إلى عام 1982 تقريباً ، كتبت الشعر مبكراً وعرفت أن الكثيرين من الشعراء اتخذوا لأنفسهم أسماء مستعارة فاتخذت لنفسي اسماً مستعاراً تطور فيما بعد إلى جان دوست بصيغته الحالية .
هذا الاسم يعني لي الإبداع والخلق..
يعني لي الاستقلالية ويعني لي أنني اخترت لنفسي طريقاً شاقاً ( الاسم في صيغته اللاتينية Jan Dost وهو يعني رفيق الآلام ) ..
هذا الطريق هو أن أعيش كل عمري للأدب الذي هو شقيق الألم والوجع الإبداع .
هذا الاسم يعني لي الإبداع والخلق..
يعني لي الاستقلالية ويعني لي أنني اخترت لنفسي طريقاً شاقاً ( الاسم في صيغته اللاتينية Jan Dost وهو يعني رفيق الآلام ) ..
هذا الطريق هو أن أعيش كل عمري للأدب الذي هو شقيق الألم والوجع الإبداع .
– من خلال قراءتنا لسيرتك في كتاب ديوان جان المكتوبة باللغة الكردية , تبين أنك ترعرعت في جو عائلي مرتبط بدينه الاسلامي بشدة , هل للثقافة الدينية دور لرقي الشخص نحو الثقافة العامة ؟
الدين هو ينبوع من ينابيع المعرفة .
كل دين وليس الدين الإسلامي فقط .
الدين هو فهم وتفسير للحياة وسواء اتفقنا مع هذا الفهم أم لم نتفق معه فإنه يضيف لمدارك المرء ..
صحيح كانت عائلتي متدينة وكان والدي متطرفاً في تمسكه الحرفي بالدين .
لكنني تمردت على هذا الشيء .
لم أشأ أن يصبح الدين قفصاً أسجن نفسي فيه ، بل أردته أن يكون نبعاً لي أرتوي من بعض روحانيته وأخلاقياته مبتعداً عن صرامته واحتكاره الفج للحقيقة .
لم أكتف بالدين مرجعاً وحيداً للحكمة ..
اتجهت إلى ينابيع معرفية أخرى كان الإلحاد واحداً منها .
– جان الكاتب , الروائي , الشاعر والمترجم , فأي من المحطات الثقافية السابقة تجدها تلائم نفسك وروحك أكثر؟
كثيراً ما يطرح الصحفيون عليّ هذا السؤال .
وهو يشبه من يسأل الربيع : أين تجد نفسك ، في شقائق النعمان أم في السوسن أم في الورد الجوري ! وبعيداً عن هذا الجواب الرومانسي أقول لك : أنا باحث في الرواية وروائي في البحث ، شاعر في ترجماتي ومترجم في أشعاري .
تختلط لدي الأمور ولا يهمني بالنتيجة إلا أن أقدم شيئاً جميلاً .
الرواية هي الآن أهم محطة من محطاتي الأدبية ، تجاوزت مرحلة الشعر كفن أدبي لكنني ما زلت أحتفظ بجمرة الشعر المتقدة في روحي .
لم أترك البحث الأدبي ..
ما زلت أخوض غمار البحث في الكلاسيك ..
أشرح خاني وملايى جزيري ..
أتابع ملا محمود بايزيدي وعمله الجاد مع ألكسندر جابا ، أكتشف ثغرات الثقافة ، أترجم لهذا وذاك .
وأعتقد أنني أعطي كل ذي حق حقه .
– تعتبر من الكتَاب الذين استلموا جوائز على ما تقدمونه للأدب الكردي , هل لإقامة مهرجانات وتقديم الجوائز تأثير على إبداع الكاتب ورفع معنوياته , ولماذا قلة اهتمام الجانب الثقافي الكردي بذلك ؟
هذا سؤال يشعرني بالحزن .
بلا شك هناك تأثير كبير للجوائز ..
على الأقل تشتد المنافسة الإبداعية ..
أليس غريباً أنه ليست هناك جائزة للرواية الكردية ! إن قلة الاهتمام يعود إلى طغيان الجانب السياسي في الحياة الكردية العامة ..
السياسة أفسدت كل شيء للأسف .
– قمت بترجمة الكتب بين اللغتين العربية والكردية وذلك يعتبر بدون شك جسراً غنياً بين لغتين مختلفتين , برأيك هل الترجمة ضمن إطار اللهجات الكردية نفسها تعتبر حقاً ترجمة , وهل تعود بالفائدة الثقافية على قراء اللهجتين ؟
بكل تأكيد ..
هي ليست فقط ترجمة بل هي ضرورة ملحة الآن ..
ولها فائدة ثقافية كبيرة على الطرفين ..
كيف لي مثلاً دون ترجمة “مساء الفراشة” لبختيار علي أن أقرأها وأستمتع بها دون ترجمة ؟ كيف لي أن أتذوق طعم الإبداع في رواية “الكرز الدامي” لعطا محمد دون أن ينقلها أحدهم إلى الكرمانجية ؟ ربما أنا أعرف اللغة السورانية ( أقول لغة ) لكن الكثيرين من قراء الكرمانجية لا يعرفونها فهل عليهم أن ينتظروا دولة كردية مستقلة حتى يقرأوا هذه النتاجات الجميلة ! كان جميلاً لو أن كل كردي يتقن السورانية والكرمانجية وحتى الزازية ..
لكن هذا في ظل غياب دولة قومية مستقلة مستحيل ، وكذلك في ظل تشبث كل فريق بلغته ولهجته إلى حد التطرف أيضاً مستحيل .
لذلك لا بد من اللجوء إلى خيار الترجمة .
وليس أمامنا غير هذا السبيل .
وما يفعله الصديق بسام مصطفى عمل يستحق الإشادة وأشيد به دائماً ..
لأنه جسر بين لهجتين شقيقتين ..
وحبذا لو فتح الطريق أمام نقل نتاج الكرمانجية إلى السورانية .
ولكن يبقى هذا العمل فردياً وعلى مؤسسات الإقليم أن تهتم به وتضعه نصب أعينها لتجعله استراتيجية قومية وتجند في سبيله طائفة من المترجمين لإنعاش الحياة الثقافية المشتركة من سنندج حتى عفرين .
– هل لدور النشر دور للترويج لأعمال الكاتب , وكيف ترى عدم اهتمام دور النشر بكردستان العراق بطباعة ونشر الكتب الكرمانجية ؟
دور النشر الكردية بدأت مؤخراً تدرك أهمية الترويج للكتاب كسلعة حضارية ، كمنتج ثقافي .
كنا نرفع الصوت فيما مضى ونطالب دور النشر التي تطبع لنا الكتب بأن تقيم أياماً لتوقيع الكتاب والتعريف به ودعوتنا لمعارض الكتب .
بصراحة كنا نتسول هذا الشيء .
الآن هناك انفتاح وإدراك من الناشر أنه أمام سلعة تجارية قبل أي شيء .
وهناك الآن أيضاً سوق للكتب ، هناك شريحة من القراء تتابع النشاطات الثقافية وتتفاعل مع المنشورات بشكل جيد وإن كان الأمر ما يزال في المستوى غير المأمول .
شاركت في نهاية العام الماضي في معرض اسطمبول الدولي للكتاب .
وجهت لي دار نشر آفستا التي تهتم بنشر أعمالي دعوة لحضور المعرض .
أقامت لي يومين للتوقيع ومحاضرة ثقافية .
كان الأمر رائعاً وأعتقد أنه كان لصالح القارئ والكاتب والكتاب والناشر والثقافة الكردية بشكل عام .
بيعت نسبة كبيرة من رواياتي ما كانت لتباع لولا حضوري للمعرض .
واستمتع القراء بوجود الكاتب بينهم.
كما استمتع الكاتب بلقاء القراء والاستماع إلى آرائهم في نتاجاته .
أما الشق الثاني من السؤال بخصوص عدم اهتمام دور النشر بكردستان العراق بطباعة ونشر الكتب الكرمانجية فهو يعود باعتقادي إلى عدم وجود سوق رائجة ، لو وجدت سوق رائجة وإقبال من الكرمانج على هذه الكتب لسارعت دور النشر في السليمانية وهولير وغيرها من الحواضر السورانية لطباعة تلك الكتب لأهميتها التجارية على الأقل .
نحن مضطرون في هذه الحالة للعمل على ترويج أدبنا عبر الترجمة إلى السورانية .
روايتي ميرنامه تترجم حالياً إلى السورانية ..
لولا ذلك سأبقى حبيس اللهجة التي أكتب بها .
كذلك الأمر مع زملائي الآخرين في الكتابة .
– لما تملكه من مشاعر وأحاسيس رقيقة , ألا تفكر بكتابة سيناريوهات افلام سينمائية عن الواقع الكردي وبخصوص الذكر العاطفي منها ؟
في الحقيقة طلبت مني جهات عديدة كتابة سيناريوهات.
لكنني أبتعد عن هذا الجو ..
أعشق السينما ..
إنما لا أدري كيف أمسك بالقلم وأكتب سيناريو لفيلم سينمائي .
لا أجد نفسي مؤهلاً لهذا الفن .
– سليم بركات كما قيل عنه العملاق الذي تحالف مع دولة اللغة لينهي هزائم الكتابة , قمت بالترجمة له من العربية الى الكردية ألم تجد صعوبة في ذلك , وماذا اكتسبت وأنت تخوض هذه التجربة مع كاتب كـ سليم بركات ؟
عام 2001 على ما أعتقد التقيت بسليم بركات في منزل أحمد الحسيني في ستوكهولم .
كنت وما زلت من مدمني أدب سليم بركات منذ تعرفي عليه في بداية الثمانينيات .
سليم بركات يكتب برصانة يعجز عنها الكثيرون .
لذلك فإن ترجمة أدبه خاصة إلى اللغة الكردية يمثل تحدياً كبيراً وامتحاناً عسيراً للغة الكردية وقدراتها .
لقد ترجمت له قصيدة “مهاباد إلى اولمبياد الله” عام 1996 وصدرت عن دار آفستا في شكل كتيب صغير لعب دوراً هاماً في الحركة الشعرية في كردستان الشمالية .
أما بالنسبة لرواية الريش التي أنجزت ترجمتها في وقت قياسي بسبب إلحاح دار النشر التركية، فقد واجهتني صعوبات كثيرة ، فالجملة الروائية عند سليم بركات طويلة وعبارة عن حلقات متداخلة، مرات كثيرة كنت ألجأ إلى المناورة فأقسم الجملة الواحدة إلى جمل عديدة بنهايات مختلفة .
بالمقابل كنت أشعر بمتعة كبيرة وأنا أترجم الريش لسليم بركات ، كنت أشعر وكأنني أعيد طائراً جميلاً إلى عشه .
أعرف أن سليم يفكر بالكردية، خياله كرديٌ محضٌ ولغته عربية راقية عالية المستوى وسحرية .
لا أستطيع أن أحكم على ترجمتي.
ستنشر دار آيرنتي التركية هذه الترجمة وسيرى القراء مستواها الفني .
ولأعترف : من يريد أن يستمتع بلغة بركات وفنه ، عليه أن يقرأه بالعربية.
الترجمة وسيلة إسعافية فقط للتعرف على أدب هذا العملاق الكردي .
– هل نستطيع أن نسمى المرحلة الحالية التي تمر بها المناطق الكردية في سوريا بالمرحلة الفوضوية , وألا يوحي مصير تلك المناطق بالخوف بعد أن باتت في أيدي لا ترتكز على أية ثقافة او حضارة ؟
هذه القوى ترتكز بلا شك على حضارة نشترك معهم بها ، أما ثقافتهم فهي ثقافة الإقصاء واللعب على التناقضات وما أكثرها .
المنطقة الكردية لا تعيش مرحلة فوضوية بقدر ما تعيش مخاضاً صعباً لولادة عسيرة ! أشاركك الخوف على مصير مناطقنا ..
فهي تنزلق نحو فاشية محلية ومشوهة ، قمع واعتقال وخطف وقتل متظاهرين ..
بيد قوى كردية أعجبها أن تصبح شرطياً للطغمة الفاشية الحاكمة في دمشق .
– مارأيك بدور الكرد في الثورة السورية وخاصة حركتها المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي ومجلس غرب كردستان ؟ ولماذا تخص حزب ال pyd بالنقد ؟
للكرد السوريين دور بلا شك في الثورة السورية ، لكن هذا الدور تعرض لمكابح سياسية بسبب ارتهان أحزابنا الكردية السورية لأحزاب كردستانية وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني .
القرار الكردي السوري ليس مستقلاً للأسف .
نعم أجزاء كردستان الأخرى هي عمقنا الاستراتيجي لكن دمشق هي عاصمتنا .
قوى المعارضة العربية هم شركاؤنا في بناء مستقبل سوريا .
حزب العمال الكردستاني اتفق أخيراً مع الدولة التركية ، مع أنقرة , ولم يلتفت إلى تضحيات الآلاف من كرد سوريا .
لذلك علينا أن ننخرط في السياسة السورية دون أن ننسى أننا كرد .
أصارحكم القول إن الكرد في سوريا لم يشاركوا في الثورة السورية بقسمها المسلح إلا فيما ندر .
ربما يبدو هذا لصالح الكرد مرحلياً ..
لكنه على المدى البعيد سيكون وبالاً على الشعب الكردي .
كان على الكرد أن يشكلوا وفداً مشتركاً مخولاً بالحوار مع المعارضة لإحقاق حقوق الكرد مع احتفاظها بخلافاتها البينية .
لكن بما أننا نذهب إلى المؤتمرات بأصوات متعددة فليس من الغريب ألا يتمكن أحد من سماعها .
أنا أنتقد الحالة السياسية بشكل عام وأخص حزب الاتحاد الديكمقراطي لأنه يمارس دوراً خطيراً ، هو يلعب دور العصا الغليظة لنظام بشار ، لقد أمن هؤلاء له الجبهة الشمالية كاملة مقابل وعود سرعان ما سيتنصل منها ذئب دمشق في حال بقي في السلطة لا سمح الله.
بشار مرتاح جداً لدور حزب الاتحاد الديمقراطي ولم يتردد في الثناء عليهم عدة مرات في أحاديثه.
يعني هناك علاقة حميمة بينه وبين حزب الاتحاد الديمقراطي ..
فلماذا لا أنتقده ؟ الشاذ في الموضوع هو ألا أنتقده .
– بم تفسر كثرة الانتقادات اللاذعة في الفترات الأخيرة للحركة الكردية وأحزابها التي انشطرت إلى أكثر من أربعين حزبا ؟
الحركة السياسية الكردية في سوريا ضعيفة جداً ، تنظيمياً وأيديولوجياً ، ليس هناك من وضوح في الرؤى ، كل حزب يعلن عن هدف مختلف عن الآخر .
وهي ضعيفة على الأرض أيضاً ، الحادثة الأخيرة التي تمثلت في خطف العشرات من عناصر البارتي أوضحت بجلاء أن هذه الأحزاب تعيش أوهاماً كبيرة ، أولها وهم القوة والجماهيرية .
كان من المفروض أن تشتعل الأرض وتعم المظاهرات كل مكان يقطنه أنصار للبارتي .
احتجاجاً على هذا الاستفزاز الخطير الذي لا غاية له سوى إرهاب الأحزاب واستعراض القوة .
لكن يبدو أن هؤلاء لا يجمعهم شيء .
بالمقابل يتمتع حزب الاتحاد الديمقراطي بتنظيم جيد وتماسك ووحدة في القرار .
الانشقاقات عاهة سياسية وآفة ورثتها الأحزاب الكردية من أيام النفوذ المخابراتي ، كل انشقاق يقف وراءه سعي مخابراتي لتمزيق الصف الكردي .
الأمناء العامون على الأغلب جهلة وانتهازيون مرتبطون بأحزاب كردستانية ولا يهمهم غير مصالحهم الضيقة .
بعضهم وصل به العمر إلى حافة الخرف وما يزال يتشبث بكرسيه ، ويدعي الديمقراطية للأسف .
كنا نراهن على جيل الشباب .
لكن يبدو أن القمع الممنهج دفع بهذا الجيل للهرب من الجحيم الكردي .
– ما رأيك بالفدرالية للكرد في سوريا , حيث هناك عدة أطروحات حولها , الفدرالية الجغرافية , الفدرالية الإدارية والفدرالية السياسية ؟
أنا شخصياً مع الحق الكردي الذي تضمنه العهود والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان .
الكرد لاقوا صنوف الاضطهاد في ظل الأنظمة المتتالية على سوريا منذ عهد الاستقلال إلى الآن .
لا يمكن أن يبقى الكرد محرومين من حقوقهم المشروعة هكذا إلى الأبد .
لكن لا يهمني شكل هذه الحقوق.
فدرالية أو إدارة ذاتية، حقوق ثقافية ، أو حتى إقليم خاص .
هذا سيتم بالتراضي بين الكرد وحكومة المركز في دمشق .
المهم وحدة الصف، فبدونه لا يمكن إحقاق الحق ولا يمكننا الجلوس إلى طاولة حوار أو طاولة مفاوضات بوفود مختلفة .
– كيف ترى الوضع الإغاثي في المناطق الكردية مع قرار الهيئة الكردية العليا بمنع أي دعم إغاثي إلا بموافقتها وتحت مظلتها , وتجاهل الأحزاب لدورها ؟
الهيئة الكردية العليا ! لقد تم تفريغ هذه المؤسسة التي استبشرنا بها خيراً من مضمونها التوحيدي للكلمة الكردية ، هي الآن سلطة قمعية عليا و”قميص عثمان” بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي .
لقد كانت هذه الهيئة هدية كبرى هبطت من سماء الإقليم على الآبوجيين في سوريا .
وأعتقد أن حرص قيادة الإقليم على الكرد السوريين كان ينبغي أن يتخذ منحى آخر .
قيادة الإقليم خَبَرَت الآبوجيين في الماضي وعرفت كيف أنه لا ذمة لهم وكيف أنهم حاربوا تجرية الإقليم وحاولوا إجهاضها في المهد بدعم من نظام حافظ وصدام .
أما الوضع الإغاثي فهو سيء .
وهو نقطة عار على هذه الهيئة المختطفة ، الناس بدأت تهاجر وتنزح من المناطق الكردية بأعداد مخيفة .
– كيف تنظر الى حركة المستقلين من الشباب الكرد ضمن مؤسسات المجتمع المدني ؟ وهل يمكن أن يحققوا ما لم تحققه الأحزاب لمدة ستين عاما ؟
نراهن على المستقلين .
عليهم أن يقوموا بتحليل الواقع فهمم الذين يعيشونه ولسنا نحن البعيدين عن الوطن .
وعليهم الاستفادة من أخطاء الحركة السياسية وتشرذمها .
نعلم مقدار الضغط الذي يواجهونه ، ويسعدنا جداً أنهم يعملون بدأب .
لي اطلاع على ما يدور في كوباني مثلاً ، هناك نشاط رائع للمستقلين .
ويقومون بإمكاناتهم الذاتية بإدارة جميلة لبعض الأمور الثقافية والاجتماعية وهذا يدل على أنه بإمكانهم إدارة البلاد والمجتمع إدارة سلسة بعيداً عن أيديولوجيات الأحزاب الهرمة والفاشية على حد سواء .
على هذه الظاهرة أن تتسع وتشمل كل مناطقنا .
الحراك المدني يجب أن يستمر ، لكن في ظل الظروف الحالية والإرهاب الممارس بحق الناشطين المدنيين يصعب تحقيق نتائج كبرى كالتي تتمنونها في السؤال أي تحقيق ما لم تحققه الأحزاب الكردية في ستين عاماً من عمرها .
نحن مع الشباب قلباً وقالباً وما زلنا نراهن عليهم .
فالمستقبل لهم، لأنهم صانعوه .
الدين هو ينبوع من ينابيع المعرفة .
كل دين وليس الدين الإسلامي فقط .
الدين هو فهم وتفسير للحياة وسواء اتفقنا مع هذا الفهم أم لم نتفق معه فإنه يضيف لمدارك المرء ..
صحيح كانت عائلتي متدينة وكان والدي متطرفاً في تمسكه الحرفي بالدين .
لكنني تمردت على هذا الشيء .
لم أشأ أن يصبح الدين قفصاً أسجن نفسي فيه ، بل أردته أن يكون نبعاً لي أرتوي من بعض روحانيته وأخلاقياته مبتعداً عن صرامته واحتكاره الفج للحقيقة .
لم أكتف بالدين مرجعاً وحيداً للحكمة ..
اتجهت إلى ينابيع معرفية أخرى كان الإلحاد واحداً منها .
– جان الكاتب , الروائي , الشاعر والمترجم , فأي من المحطات الثقافية السابقة تجدها تلائم نفسك وروحك أكثر؟
كثيراً ما يطرح الصحفيون عليّ هذا السؤال .
وهو يشبه من يسأل الربيع : أين تجد نفسك ، في شقائق النعمان أم في السوسن أم في الورد الجوري ! وبعيداً عن هذا الجواب الرومانسي أقول لك : أنا باحث في الرواية وروائي في البحث ، شاعر في ترجماتي ومترجم في أشعاري .
تختلط لدي الأمور ولا يهمني بالنتيجة إلا أن أقدم شيئاً جميلاً .
الرواية هي الآن أهم محطة من محطاتي الأدبية ، تجاوزت مرحلة الشعر كفن أدبي لكنني ما زلت أحتفظ بجمرة الشعر المتقدة في روحي .
لم أترك البحث الأدبي ..
ما زلت أخوض غمار البحث في الكلاسيك ..
أشرح خاني وملايى جزيري ..
أتابع ملا محمود بايزيدي وعمله الجاد مع ألكسندر جابا ، أكتشف ثغرات الثقافة ، أترجم لهذا وذاك .
وأعتقد أنني أعطي كل ذي حق حقه .
– تعتبر من الكتَاب الذين استلموا جوائز على ما تقدمونه للأدب الكردي , هل لإقامة مهرجانات وتقديم الجوائز تأثير على إبداع الكاتب ورفع معنوياته , ولماذا قلة اهتمام الجانب الثقافي الكردي بذلك ؟
هذا سؤال يشعرني بالحزن .
بلا شك هناك تأثير كبير للجوائز ..
على الأقل تشتد المنافسة الإبداعية ..
أليس غريباً أنه ليست هناك جائزة للرواية الكردية ! إن قلة الاهتمام يعود إلى طغيان الجانب السياسي في الحياة الكردية العامة ..
السياسة أفسدت كل شيء للأسف .
– قمت بترجمة الكتب بين اللغتين العربية والكردية وذلك يعتبر بدون شك جسراً غنياً بين لغتين مختلفتين , برأيك هل الترجمة ضمن إطار اللهجات الكردية نفسها تعتبر حقاً ترجمة , وهل تعود بالفائدة الثقافية على قراء اللهجتين ؟
بكل تأكيد ..
هي ليست فقط ترجمة بل هي ضرورة ملحة الآن ..
ولها فائدة ثقافية كبيرة على الطرفين ..
كيف لي مثلاً دون ترجمة “مساء الفراشة” لبختيار علي أن أقرأها وأستمتع بها دون ترجمة ؟ كيف لي أن أتذوق طعم الإبداع في رواية “الكرز الدامي” لعطا محمد دون أن ينقلها أحدهم إلى الكرمانجية ؟ ربما أنا أعرف اللغة السورانية ( أقول لغة ) لكن الكثيرين من قراء الكرمانجية لا يعرفونها فهل عليهم أن ينتظروا دولة كردية مستقلة حتى يقرأوا هذه النتاجات الجميلة ! كان جميلاً لو أن كل كردي يتقن السورانية والكرمانجية وحتى الزازية ..
لكن هذا في ظل غياب دولة قومية مستقلة مستحيل ، وكذلك في ظل تشبث كل فريق بلغته ولهجته إلى حد التطرف أيضاً مستحيل .
لذلك لا بد من اللجوء إلى خيار الترجمة .
وليس أمامنا غير هذا السبيل .
وما يفعله الصديق بسام مصطفى عمل يستحق الإشادة وأشيد به دائماً ..
لأنه جسر بين لهجتين شقيقتين ..
وحبذا لو فتح الطريق أمام نقل نتاج الكرمانجية إلى السورانية .
ولكن يبقى هذا العمل فردياً وعلى مؤسسات الإقليم أن تهتم به وتضعه نصب أعينها لتجعله استراتيجية قومية وتجند في سبيله طائفة من المترجمين لإنعاش الحياة الثقافية المشتركة من سنندج حتى عفرين .
– هل لدور النشر دور للترويج لأعمال الكاتب , وكيف ترى عدم اهتمام دور النشر بكردستان العراق بطباعة ونشر الكتب الكرمانجية ؟
دور النشر الكردية بدأت مؤخراً تدرك أهمية الترويج للكتاب كسلعة حضارية ، كمنتج ثقافي .
كنا نرفع الصوت فيما مضى ونطالب دور النشر التي تطبع لنا الكتب بأن تقيم أياماً لتوقيع الكتاب والتعريف به ودعوتنا لمعارض الكتب .
بصراحة كنا نتسول هذا الشيء .
الآن هناك انفتاح وإدراك من الناشر أنه أمام سلعة تجارية قبل أي شيء .
وهناك الآن أيضاً سوق للكتب ، هناك شريحة من القراء تتابع النشاطات الثقافية وتتفاعل مع المنشورات بشكل جيد وإن كان الأمر ما يزال في المستوى غير المأمول .
شاركت في نهاية العام الماضي في معرض اسطمبول الدولي للكتاب .
وجهت لي دار نشر آفستا التي تهتم بنشر أعمالي دعوة لحضور المعرض .
أقامت لي يومين للتوقيع ومحاضرة ثقافية .
كان الأمر رائعاً وأعتقد أنه كان لصالح القارئ والكاتب والكتاب والناشر والثقافة الكردية بشكل عام .
بيعت نسبة كبيرة من رواياتي ما كانت لتباع لولا حضوري للمعرض .
واستمتع القراء بوجود الكاتب بينهم.
كما استمتع الكاتب بلقاء القراء والاستماع إلى آرائهم في نتاجاته .
أما الشق الثاني من السؤال بخصوص عدم اهتمام دور النشر بكردستان العراق بطباعة ونشر الكتب الكرمانجية فهو يعود باعتقادي إلى عدم وجود سوق رائجة ، لو وجدت سوق رائجة وإقبال من الكرمانج على هذه الكتب لسارعت دور النشر في السليمانية وهولير وغيرها من الحواضر السورانية لطباعة تلك الكتب لأهميتها التجارية على الأقل .
نحن مضطرون في هذه الحالة للعمل على ترويج أدبنا عبر الترجمة إلى السورانية .
روايتي ميرنامه تترجم حالياً إلى السورانية ..
لولا ذلك سأبقى حبيس اللهجة التي أكتب بها .
كذلك الأمر مع زملائي الآخرين في الكتابة .
– لما تملكه من مشاعر وأحاسيس رقيقة , ألا تفكر بكتابة سيناريوهات افلام سينمائية عن الواقع الكردي وبخصوص الذكر العاطفي منها ؟
في الحقيقة طلبت مني جهات عديدة كتابة سيناريوهات.
لكنني أبتعد عن هذا الجو ..
أعشق السينما ..
إنما لا أدري كيف أمسك بالقلم وأكتب سيناريو لفيلم سينمائي .
لا أجد نفسي مؤهلاً لهذا الفن .
– سليم بركات كما قيل عنه العملاق الذي تحالف مع دولة اللغة لينهي هزائم الكتابة , قمت بالترجمة له من العربية الى الكردية ألم تجد صعوبة في ذلك , وماذا اكتسبت وأنت تخوض هذه التجربة مع كاتب كـ سليم بركات ؟
عام 2001 على ما أعتقد التقيت بسليم بركات في منزل أحمد الحسيني في ستوكهولم .
كنت وما زلت من مدمني أدب سليم بركات منذ تعرفي عليه في بداية الثمانينيات .
سليم بركات يكتب برصانة يعجز عنها الكثيرون .
لذلك فإن ترجمة أدبه خاصة إلى اللغة الكردية يمثل تحدياً كبيراً وامتحاناً عسيراً للغة الكردية وقدراتها .
لقد ترجمت له قصيدة “مهاباد إلى اولمبياد الله” عام 1996 وصدرت عن دار آفستا في شكل كتيب صغير لعب دوراً هاماً في الحركة الشعرية في كردستان الشمالية .
أما بالنسبة لرواية الريش التي أنجزت ترجمتها في وقت قياسي بسبب إلحاح دار النشر التركية، فقد واجهتني صعوبات كثيرة ، فالجملة الروائية عند سليم بركات طويلة وعبارة عن حلقات متداخلة، مرات كثيرة كنت ألجأ إلى المناورة فأقسم الجملة الواحدة إلى جمل عديدة بنهايات مختلفة .
بالمقابل كنت أشعر بمتعة كبيرة وأنا أترجم الريش لسليم بركات ، كنت أشعر وكأنني أعيد طائراً جميلاً إلى عشه .
أعرف أن سليم يفكر بالكردية، خياله كرديٌ محضٌ ولغته عربية راقية عالية المستوى وسحرية .
لا أستطيع أن أحكم على ترجمتي.
ستنشر دار آيرنتي التركية هذه الترجمة وسيرى القراء مستواها الفني .
ولأعترف : من يريد أن يستمتع بلغة بركات وفنه ، عليه أن يقرأه بالعربية.
الترجمة وسيلة إسعافية فقط للتعرف على أدب هذا العملاق الكردي .
– هل نستطيع أن نسمى المرحلة الحالية التي تمر بها المناطق الكردية في سوريا بالمرحلة الفوضوية , وألا يوحي مصير تلك المناطق بالخوف بعد أن باتت في أيدي لا ترتكز على أية ثقافة او حضارة ؟
هذه القوى ترتكز بلا شك على حضارة نشترك معهم بها ، أما ثقافتهم فهي ثقافة الإقصاء واللعب على التناقضات وما أكثرها .
المنطقة الكردية لا تعيش مرحلة فوضوية بقدر ما تعيش مخاضاً صعباً لولادة عسيرة ! أشاركك الخوف على مصير مناطقنا ..
فهي تنزلق نحو فاشية محلية ومشوهة ، قمع واعتقال وخطف وقتل متظاهرين ..
بيد قوى كردية أعجبها أن تصبح شرطياً للطغمة الفاشية الحاكمة في دمشق .
– مارأيك بدور الكرد في الثورة السورية وخاصة حركتها المتمثلة بالمجلس الوطني الكردي ومجلس غرب كردستان ؟ ولماذا تخص حزب ال pyd بالنقد ؟
للكرد السوريين دور بلا شك في الثورة السورية ، لكن هذا الدور تعرض لمكابح سياسية بسبب ارتهان أحزابنا الكردية السورية لأحزاب كردستانية وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني .
القرار الكردي السوري ليس مستقلاً للأسف .
نعم أجزاء كردستان الأخرى هي عمقنا الاستراتيجي لكن دمشق هي عاصمتنا .
قوى المعارضة العربية هم شركاؤنا في بناء مستقبل سوريا .
حزب العمال الكردستاني اتفق أخيراً مع الدولة التركية ، مع أنقرة , ولم يلتفت إلى تضحيات الآلاف من كرد سوريا .
لذلك علينا أن ننخرط في السياسة السورية دون أن ننسى أننا كرد .
أصارحكم القول إن الكرد في سوريا لم يشاركوا في الثورة السورية بقسمها المسلح إلا فيما ندر .
ربما يبدو هذا لصالح الكرد مرحلياً ..
لكنه على المدى البعيد سيكون وبالاً على الشعب الكردي .
كان على الكرد أن يشكلوا وفداً مشتركاً مخولاً بالحوار مع المعارضة لإحقاق حقوق الكرد مع احتفاظها بخلافاتها البينية .
لكن بما أننا نذهب إلى المؤتمرات بأصوات متعددة فليس من الغريب ألا يتمكن أحد من سماعها .
أنا أنتقد الحالة السياسية بشكل عام وأخص حزب الاتحاد الديكمقراطي لأنه يمارس دوراً خطيراً ، هو يلعب دور العصا الغليظة لنظام بشار ، لقد أمن هؤلاء له الجبهة الشمالية كاملة مقابل وعود سرعان ما سيتنصل منها ذئب دمشق في حال بقي في السلطة لا سمح الله.
بشار مرتاح جداً لدور حزب الاتحاد الديمقراطي ولم يتردد في الثناء عليهم عدة مرات في أحاديثه.
يعني هناك علاقة حميمة بينه وبين حزب الاتحاد الديمقراطي ..
فلماذا لا أنتقده ؟ الشاذ في الموضوع هو ألا أنتقده .
– بم تفسر كثرة الانتقادات اللاذعة في الفترات الأخيرة للحركة الكردية وأحزابها التي انشطرت إلى أكثر من أربعين حزبا ؟
الحركة السياسية الكردية في سوريا ضعيفة جداً ، تنظيمياً وأيديولوجياً ، ليس هناك من وضوح في الرؤى ، كل حزب يعلن عن هدف مختلف عن الآخر .
وهي ضعيفة على الأرض أيضاً ، الحادثة الأخيرة التي تمثلت في خطف العشرات من عناصر البارتي أوضحت بجلاء أن هذه الأحزاب تعيش أوهاماً كبيرة ، أولها وهم القوة والجماهيرية .
كان من المفروض أن تشتعل الأرض وتعم المظاهرات كل مكان يقطنه أنصار للبارتي .
احتجاجاً على هذا الاستفزاز الخطير الذي لا غاية له سوى إرهاب الأحزاب واستعراض القوة .
لكن يبدو أن هؤلاء لا يجمعهم شيء .
بالمقابل يتمتع حزب الاتحاد الديمقراطي بتنظيم جيد وتماسك ووحدة في القرار .
الانشقاقات عاهة سياسية وآفة ورثتها الأحزاب الكردية من أيام النفوذ المخابراتي ، كل انشقاق يقف وراءه سعي مخابراتي لتمزيق الصف الكردي .
الأمناء العامون على الأغلب جهلة وانتهازيون مرتبطون بأحزاب كردستانية ولا يهمهم غير مصالحهم الضيقة .
بعضهم وصل به العمر إلى حافة الخرف وما يزال يتشبث بكرسيه ، ويدعي الديمقراطية للأسف .
كنا نراهن على جيل الشباب .
لكن يبدو أن القمع الممنهج دفع بهذا الجيل للهرب من الجحيم الكردي .
– ما رأيك بالفدرالية للكرد في سوريا , حيث هناك عدة أطروحات حولها , الفدرالية الجغرافية , الفدرالية الإدارية والفدرالية السياسية ؟
أنا شخصياً مع الحق الكردي الذي تضمنه العهود والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان .
الكرد لاقوا صنوف الاضطهاد في ظل الأنظمة المتتالية على سوريا منذ عهد الاستقلال إلى الآن .
لا يمكن أن يبقى الكرد محرومين من حقوقهم المشروعة هكذا إلى الأبد .
لكن لا يهمني شكل هذه الحقوق.
فدرالية أو إدارة ذاتية، حقوق ثقافية ، أو حتى إقليم خاص .
هذا سيتم بالتراضي بين الكرد وحكومة المركز في دمشق .
المهم وحدة الصف، فبدونه لا يمكن إحقاق الحق ولا يمكننا الجلوس إلى طاولة حوار أو طاولة مفاوضات بوفود مختلفة .
– كيف ترى الوضع الإغاثي في المناطق الكردية مع قرار الهيئة الكردية العليا بمنع أي دعم إغاثي إلا بموافقتها وتحت مظلتها , وتجاهل الأحزاب لدورها ؟
الهيئة الكردية العليا ! لقد تم تفريغ هذه المؤسسة التي استبشرنا بها خيراً من مضمونها التوحيدي للكلمة الكردية ، هي الآن سلطة قمعية عليا و”قميص عثمان” بالنسبة لحزب الاتحاد الديمقراطي .
لقد كانت هذه الهيئة هدية كبرى هبطت من سماء الإقليم على الآبوجيين في سوريا .
وأعتقد أن حرص قيادة الإقليم على الكرد السوريين كان ينبغي أن يتخذ منحى آخر .
قيادة الإقليم خَبَرَت الآبوجيين في الماضي وعرفت كيف أنه لا ذمة لهم وكيف أنهم حاربوا تجرية الإقليم وحاولوا إجهاضها في المهد بدعم من نظام حافظ وصدام .
أما الوضع الإغاثي فهو سيء .
وهو نقطة عار على هذه الهيئة المختطفة ، الناس بدأت تهاجر وتنزح من المناطق الكردية بأعداد مخيفة .
– كيف تنظر الى حركة المستقلين من الشباب الكرد ضمن مؤسسات المجتمع المدني ؟ وهل يمكن أن يحققوا ما لم تحققه الأحزاب لمدة ستين عاما ؟
نراهن على المستقلين .
عليهم أن يقوموا بتحليل الواقع فهمم الذين يعيشونه ولسنا نحن البعيدين عن الوطن .
وعليهم الاستفادة من أخطاء الحركة السياسية وتشرذمها .
نعلم مقدار الضغط الذي يواجهونه ، ويسعدنا جداً أنهم يعملون بدأب .
لي اطلاع على ما يدور في كوباني مثلاً ، هناك نشاط رائع للمستقلين .
ويقومون بإمكاناتهم الذاتية بإدارة جميلة لبعض الأمور الثقافية والاجتماعية وهذا يدل على أنه بإمكانهم إدارة البلاد والمجتمع إدارة سلسة بعيداً عن أيديولوجيات الأحزاب الهرمة والفاشية على حد سواء .
على هذه الظاهرة أن تتسع وتشمل كل مناطقنا .
الحراك المدني يجب أن يستمر ، لكن في ظل الظروف الحالية والإرهاب الممارس بحق الناشطين المدنيين يصعب تحقيق نتائج كبرى كالتي تتمنونها في السؤال أي تحقيق ما لم تحققه الأحزاب الكردية في ستين عاماً من عمرها .
نحن مع الشباب قلباً وقالباً وما زلنا نراهن عليهم .
فالمستقبل لهم، لأنهم صانعوه .